منجمو الشاشات اللبنانية... الغاية تبرر الوسيلة

06 يناير 2022
ألقاب وهمية توزع على "نجوم" الشاشات على غرار ليلى عبد اللطيف (وورلد ريفيوجي فاند)
+ الخط -

قبل عقد، درجت المنافسة بين القنوات التلفزيونية اللبنانية على المنجمين، لكن المسألة حينها كانت تقتصر على إحياء ليلة رأس السنة فقط، ولعل عالمة الفلك والأبراج ماغي فرح هي أول من فتح هذا الباب، إذ استندت إلى دراسة ما يسمى علم الأبراج والكواكب، ووثقت دراساتها في أكثر من خمسين إصداراً يحمل توقعات كل سنة.

المخرج اللبناني سيمون أسمر (1943 ــ 2019) كان سباقاً في اكتشاف ميشال حايك منتصف التسعينيات، وخروج الأخير إلى الضوء عن طريق محطة "إل بي سي آي". هناك، كان حايك يركز على ما يزعم أنه "الإلهام"، بعيداً من عالم الفلك والأبراج.

وبعد سنوات، ظهرت ليلى عبد اللطيف على الساحة، وهي صنيعة الصحافية نضال الأحمدية والإذاعية ريما نجيم ومقدّم البرامج نيشان ديرهاروتيونيان. هؤلاء كانوا يتسابقون إلى استضافة عبد اللطيف، الأمر الذي رفع أسهمها في وسائل الإعلام وأذكى حضورها كـ"نجمة" تلفزيونية حاضرة في برامج فنية وترفيهية.

في 2016، أعلنت "وورلد ريفيوجي فاند" التي تزعم أنها منظمة إنسانية تعنى باللاجئين عن تعيين عبد اللطيف سفيرة لها في بيروت. وجاء في البيان الصادر حينها أن "المنظمة التي تأسست في واشنطن عام 1956 عينت السيدة ليلى عبد اللطيف كسفيرة لها في لبنان، وستكون مهمتها تأمين المساعدات وجمع التبرعات للاجئين...". لكن شيئاً من ذلك لم يحصل. التُقطت صورة من "الحدث"، وانتهى كل شيء في البيان الصحافي الذي وُزّع على وسائل الإعلام. موقع هذه المنظمة الإلكتروني عاطل من العمل، ومنشورها الأخير على موقع "فيسبوك" يعود لعام 2017، وفيه تعلن أيضاً عن تعيين المغني اللبناني هشام الحاج سفيراً لها!

تربط وسائل الإعلام اللبنانية بين حاجتها المالية وبين المحتوى الخاص بالبرامج. في السنوات الأخيرة، لم يخضع المحتوى الإعلامي لأي معايير، ولم يراع رفض الجمهور لهذه البرامج، بل على العكس، تمادى معظم أصحاب المحطات اللبنانية، ووصل الأمر برئيس مجلس إدارة "إل بي سي آي"، بيار الضاهر، إلى إنتاج برنامج شهري لعبد اللطيف تحت عنوان "تاريخ يشهد". لم يهتم الضاهر بردود الفعل المنددة بالمحتوى الهزلي لتوقعات تقوم وفق مصالح وأجندات عبد اللطيف نفسها، بل سعى إلى كسب نسبة المشاهدين والعائدات المالية للإعلانات التي تدرها حلقة توقعات شهرية. والأمر سيان بين الغرض التجاري للمحطة التلفزيونية وبين الشركات التجارية التي تلحق مصالحها واستغلال ما يعرف بالـ"رايتنغ" (نسب المشاهدة) لبث إعلاناتها.

هكذا، مطلع كل سنة، تنضح محطات التلفزة اللبنانية بجوقة المنجمين والصراع على تحقيق جمهور يتابع أكثر. محاولات بائسة رصيدها التداول بين مؤيد ومعارض، وهو أمر يُسهم إلى حد كبير في تعزيز وارتفاع نسبة المشاركة لصالح وسائل الإعلام نفسها التي توزع مقتطفات من الحلقة لكسب متابعين على "فيسبوك" و"إنستغرام" وغيرهما من منصات التواصل.

لم يعد يهم فراغ المحتوى في هذا النوع من البرامج واستغلال كامل للوسيلة في سبيل الترويج المتبادل، وهذا ما يؤجج الصراع والانتقادات دوماً في دوامة الرفض والمتابعة معاً.

المساهمون