مكتبة الموصل المركزية... لم يعد غُبار الحرب على الرفوف

23 فبراير 2022
المكتبة جاهزة لاستقبال طلبة الكليات والدراسات العليا والباحثين (زيد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

أعيد افتتاح مكتبة الموصل المركزية، إحدى أقدم وأشهر مكتبات العراق، بعد ترميمها بدعمٍ من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عقب سنوات من التدمير الذي لحق بها جرّاء احتلال "داعش" للمدينة عام 2014، والمعارك التي قادتها القوات العراقية وطيران التحالف الدولي عام 2017، وباتت حالياً جاهزة لاستقبال الطلبة.

اشتهرت الموصل بمكتبتها المركزية العامة التي تأسست في 1921 في منطقة الفيصلية، وكانت تضم مؤلفات وكتباً قيمة ونادرة، ومخطوطات تراثية وأثرية، باللغة العربية والإنكليزية والسريانية والفارسية، إضافة إلى عدد من المكتبات، منها الحكومية وأخرى تابعة للأوقاف، إضافة إلى المكتبات الجامعية وفي الجوامع والكنائس، ناهيك عن المكتبات الأهلية في شارع النجيفي المتخصص ببيع الكتب في المدينة.

تُعد مكتبة الموصل المركزية من بين أكبر المكتبات في العراق والشرق الأوسط، إذ تقدر مساحتها بنحو 2500 متر مربع، وهي مكونة من أربعة طوابق و36 قاعة مطالعة، بحسب أيوب عمر الشكرجي، وهو أحد العاملين فيها، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن "داعش كان قد أحرق مكتبة الموصل المركزية بعد احتلاله للمدينة عام 2014، مسببا التلف لأهم الكتب الموجودة والنادرة فيها بطريقة انتقامية متعمدة، وتسبب ذلك بخسارة كبيرة للثقافة في البلاد".

اشتهرت الموصل بمكتبتها المركزية العامة التي تأسست في 1921 في منطقة الفيصلية، وكانت تضم مؤلفات وكتباً قيمة ونادرة، ومخطوطات تراثية وأثرية

وأضاف الشكرجي أن "المكتبة فقدت أكثر من مليون كتاب ومخطوطة. لكن منذ أكثر من عامين توجهت المنظمات الدولية إلى رعاية هذا الصرح الثقافي، ومنها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، إضافة إلى دعمٍ كبير حظيت بها المكتبة من بعض المكتبات الأميركية والأوروبية، التي تبرعت بعضها بآلاف الكتب العلمية والأدبية".

ولفت إلى أن "المكتبة باتت جاهزة لاستقبال طلبة الكليات والدراسات العليا والباحثين، وهناك حملة ثقافية تسعى المكتبة إلى البدء بها والإعلان عنها"، مشيراً إلى أن "الفترة المقبلة ستشهد الموصل احتفاءً ببائعي الكتب الذين عُرفوا بمسيرتهم الثقافية، الذين قتلوا على أيدي عناصر "داعش" الإرهابي".

كانت منظمة "يونسكو"، قد وصفت الدمار الذي لحق بمكتبة الموصل المركزية، بأنه أحد أكثر أعمال التخريب المدمرة لمقتنيات مكتبة مهمة في تاريخ البشرية، لكن بعد ترميمها، بات يمكن للمكتبة تخزين ما يصل إلى مائة ألف كتاب وتتسع لقرابة ألف طالب في وقت واحد. وقال متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي نسق التمويل للمشروع، خلال افتتاح المكتبة أخيراً، إن استكمالها "يُظهر قوة ومرونة المدينة".

تُعد المكتبة واحدة من أكبر المكتبات في العراق، إذ تقدر مساحتها بنحو 2500 متر مربع، وهي مكونة من أربعة طوابق و36 قاعة مطالعة

من جهته، أشار مدير المشاريع في مكتبة الموصل المركزية، أسامة أحمد إلى أن "الخسارة المعرفية التي تعرضت لها مكتبة الموصل كانت كبيرة جداً، وفي لحظات يأس كنّا نظن أنه من الصعب عودتها إلى سابق عهدها بسبب حجم الدمار الذي لحق بها، لكن الجهود الوطنية الحقيقية إضافة إلى الدعم الدولي ساعد على إعادتها لتكون رافدا مهما للثقافة العراقية بالعناوين والمصادر العلمية الرصينة".

وأكمل في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة هو من تكفل بترميم المبنى، وتمت معالجة جميع مفاصلها المدمرة وتعمير أكثر من 60 عموداً فيها، إضافة إلى سقوف المبنى، وتم استخدام التقنيات الحديثة للواجهات الخارجية، وتأسيس التكييف المركزي الحديث".

وأكد أن "العديد من الدول تبرعت للجامعة بعناوين مهمة، منها بريطانيا التي أرسلت 10 آلاف كتاب إلى الجامعة، كما أن المكتبة لديها تعاون مع جامعات ومكتبات عربية، من أجل توفير المصادر والكتب الإلكترونية للطلبة والباحثين".

وصفت منظمة "يونسكو" الدمار الذي لحق بالمكتبة، بأنه أحد أكثر أعمال التخريب المدمرة لمقتنيات مكتبة مهمة في تاريخ البشرية

أما الناشط من مدينة الموصل يحيى الأعرجي، فقد أكد أن "عودة مكتبة الموصل المركزية إلى الخدمة تعني عودة الحياة الثقافية التي عرفت بها الموصل، وإحياء لروح القراءة التي تراجعت كثيراً خلال السنوات الماضية"، موضحاً في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "الأمم المتحدة عمّرت مكتبة الموصل، وتستعد اليونسكو خلال الأشهر المقبلة إلى تعمير منارة الحدباء، ويحدث هذا في ظل غياب شبه كامل لدور الحكومة العراقية في إعمار المدينة التي لا تزال مشاهد الخراب شاخصة فيها، مع وجود عصابات مسلحة ومليشيات تمنع جهود الإعمار وعودة الحياة إلى طبيعتها".

واستعادت القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي السيطرة على مدينة الموصل وطرد مسلحي "داعش"، في يوليو/ تموز 2017، بعد نحو 10 أشهر من المعارك التي خلفت عددا كبيرا من الضحايا المدنيين، يقدرهم نواب ومسؤولون بعشرات آلاف القتلى والجرحى، أغلبهم من النساء والأطفال، فضلا عن دمار هائل قدرت وزارة التخطيط العراقية أنه طاول أكثر من 56 ألف منزل، ويعتقد أن نحو ألف منزل منها ما زالت جثث أصحابها تحت أنقاضها، إضافة إلى تسجيل أسماء 11 ألف مفقود.

المساهمون