قرّرت مواطنة مغربية من ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في الثامن من سبتمبر/ أيلول الحالي، رفع دعوى قضائية ضد صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، على خلفية نشر الأخيرة صورة اعتبرتها "انتهاكاً" لكرامتها ولأخلاقيات المهنة.
وكانت "ليبراسيون" قد نشرت في الأيام الأولى لوقوع الزلزال في المغرب على غلافها صورة تظهر امرأة تعاني وتتألم تحت عنوان: "ساعدونا نحن نموت في صمت". ولاحقاً، نشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي كشف عن كواليس التقاط هذه الصورة الشهيرة، إذ كانت المرأة في الصورة تردد عبارة "عاش الملك".
إلى ذلك، أعلن الخميس كل من المحامي بهيئة باريس روبين بينسارد، والمحامي بهيئة الدار البيضاء مراد الجعواطي، في بيان لهما، عن تكليفهما من قبل المواطنة المغربية من أجل تمثيلها أمام المحاكم الفرنسية ومباشرة الادعاء القانوني، وذلك على خلفية تداول صورها عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتحريف كلامها من قبل الصحيفة الفرنسية.
وفي السياق، قال المحامي المغربي مراد الجعواطي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ الوقائع المسجلة "تشكل انتهاكاً لحق الصورة الخاصة بالسيدة بالمعنى المقصود في المادة 9 من القانون المدني الفرنسي، حيث تم استخدام صورتها دون استشارتها أو موافقتها"، كما أنها "تشكل جريمة بث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص وصورته وبث وتوزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة بهدف المس بسمعة الأشخاص والتشهير بهم، والتي يعاقب عليها بالمادة 226-8 من القانون الجنائي الفرنسي بالسجن لمدة سنة واحدة وغرامة قدرها 15000 يورو"، وفق المحامي المغربي.
The Moroccan National Press Council announced today filing a complaint against French newspapers “Charlie Hebdo” and “Liberation” over their “unethical” coverage of the devastating earthquake that struck Morocco’s Al Haouz region on September 8.https://t.co/YzapOLPngW
— Morocco World News (@MoroccoWNews) September 20, 2023
وأوضح أن التصريحات المنسوبة للسيدة المغربية "أثرت على سمعتها وصورتها، وأن الجريدة الفرنسية قامت باستغلالها في إطار تصفية حسابات سياسية، كما أوحت من خلال الكلام المنسوب إليها أنها تعارض القرار الذي اتخذته المملكة المغربية برفض المساعدات المقدمة من فرنسا بعد فاجعة الزلزال".
وبحسب الجعواطي، فإن جريدة "ليبراسيون" "لم تحترم كرامة السيدة المغربية، ولا أخلاقيات الصحافة، ولا سيما القواعد الأخلاقية عند تغطية الكوارث الطبيعية، وكذلك مبادئ القانون الدولي الإنساني"، معتبراً أن "الأمر يتعلق باستغلال تجاري لاأخلاقي لحقوق صورتها".
وكانت نائبة مدير "ليبراسيون" ألكسندرا شوارتزبرود قد أوضحت، أمس، أنه خلال اجتماع لهيئة التحرير جرى البحث عن أقوى صورة تعبر بشكل موضوعي عن الواقع، وتقرر اختيار هذه الصورة، وأشارت إلى أن اختيار العنوان الذي استخدمته الصحيفة "يحكي واقع المأساة"، وأعربت عن أسفها لعدم معرفة الصحيفة بأن المرأة التي ظهرت في الصورة كانت تهتف "عاش الملك"، وأشارت إلى أن هذا الأمر "كان يجب أن يتم التوضيح حوله من قبل وكالة "فرانس برس"، صاحبة الصورة".
ويأتي ذلك فيما كان المجلس الوطني للصحافة في المغرب قد أعلن، الأربعاء، تقديم شكوى رسمية إلى مجلس أخلاقيات الصحافة والوساطة في فرنسا، في خطوة تستنكر مخالفات ارتكبتها مجلة "شارلي إيبدو" وصحيفة "ليبراسيون" أثناء تغطيتهما للزلزال الذي ضرب المغرب في 8 سبتمبر/ أيلول الحالي.
وأشار المجلس إلى أن الشكوى تأتي بسبب نشر "شارلي إيبدو" الفرنسية لكاريكاتير مسيء يحتوي على تحريض ضد التضامن ودعم ضحايا الزلزال في المغرب، ووصف المجلس هذا الفعل بأنه "غير مقبول ويتعارض مع المبادئ الإنسانية". وأضاف المجلس أنه "في مثل هذه الظروف الصعبة، يجب أن تكون الأولوية لإنقاذ الضحايا ودعم المتضررين من دون مراعاة للخلافات الدبلوماسية أو القضايا السياسية".
واعتبر المجلس أن كاريكاتير المجلة "يضرّ بضحايا الزلزال وبالعائلات المنكوبة، التي هي في أمس الحاجة إلى الدعم والمساندة، خاصة أن الكثير منها فقد أسرته ومعيله، ومن بينهم أطفال يتامى لا علاقة لهم بالخلافات الدبلوماسية وبالمشاكل السياسية".