كتب مصطفى حسن سيناريوهات سينمائية عدّة، أنجزها مخرجون عراقيون، نال بعضها جوائز مختلفة. عام 2018، اختير فيلم تحريك قصير عنوانه Talk Together، صنعه بواسطة هاتف محمول، في مسابقة نظمّها المعهد الثقافي الفرنسي ومعهد غوته الألماني. اختير نص سينمائي روائي قصير له (سيناريو فيلم كلاب المدينة) عام 2019 في لائحة النصوص الفائزة بمسابقة إنتاج أفلام سينمائية، نظّمتها وزارة الثقافة العراقية. كما كتب سيناريو "أقفاص"، فيلم افتتاح مهرجان بابل لسينما الأنيميشن، عام 2022.
إضافةٍ الى كتابته السيناريو، اختبر التصوير بكاميرا الهاتف المحمول، ولاقت صُوَره اهتماماً من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، و فازت إحداها بجائزة مجلة العربي الكويتية.
كيف ترى سيناريو الفيلم السينمائي كمشروع مرئي ومقروء؟
بعيداً عن الآراء المُختلفة حول اعتبار السيناريو الفيلمي نصّاً أدبياً مُستقلاً، صالحاً للنشر وللقراءة، أؤيد اعتباره نوعاً فنياً أدبياً خاصاً، قائماً بحدّ ذاته، ويُمكن نشره وتقديمه كمادة مقروءة. هذا مع معرفتي المُسبقة بأنّ المطبوع الفيلمي لن يحظى باهتمام دور النشر، ولن يكون بالضرورة في القوائم المفضّلة للقرّاء. رغم هذا، أفّكر بنشر بعض نصوصي في كتاب، أو في الصحافة الورقية والإلكترونية، لأسباب عدّة: دفع كُتّاب السيناريو إلى الكتابة باستمرار، والحيلولة دون وقوعهم في إحباط صعوبات الإنتاج، وقلّته؛ وتوفير سيناريوهات سينمائية كثيرة ومتنوّعة لطلبة السينما، الساعين إلى الاطّلاع والتعلّم؛ وطرح نصّ مُختلف عن السائد لقرّاء باحثين عن تجارب قراءة جديدة. وأيضاً، يُمكن أنْ يكون نشر النصوص تسويقاً لها، ودعاية لكاتبها. ثمّ إنّ نشرَ السيناريوهات الفيلمية نشرٌ للثقافة السينمائية.
ما الصعوبات التي تواجهك ككاتب سيناريو شاب؟
أعتقد أنّ أيّ سينمائي عراقي سيُجيب بأنّ قلّة الإنتاج السينمائي وضعفه هما الصعوبة الأكبر. جميعنا متّفقون على ذلك. لكنْ، هناك صعوبات كبيرة واجهتني ككاتب سيناريو شاب، إذْ دخلت مجال صناعة الأفلام عاشقاً للسينما، وهذا سبّب لي أذى كبيراً. التقيتُ مُتكبّرين ومزيّفين وأعداءً للنجاح ومُخادعين. هذا دفعني إلى التوقّف، والتفكير كثيراً بخطواتي. على هذا الأساس، صرتُ ـ قدر استطاعتي ـ أختار من أبيعهم أو أعطيهم نصوصي بعناية، آملاً في أنْ تكون اختياراتي صائبة، وأنْ أتوفّق معهم في صناعة أفلام جيدة تُمثّلنا.
هل فكّرت باللجوء إلى الأدب العراقي لمعالجته سينمائياً؟
قبل مدة من الزمن، طلبت من أحد أصدقائي المُقرّبين، من كُتاب القصة الشباب الواعدين، أن أقرأ مجموعته القصصية، وسأحاول العمل على تحويل بعض نصوصه القصصية إلى سيناريوهات فيلمية. بالفعل، قرأت مجموعته، وكتبت سيناريو فيلم قصير مُقتبس من إحدى قصصه القصيرة، وسيناريو فيلم ثان بنيت أحداثه على عنوان قصة أخرى. رغم أنّ القصص كثيرة، وموجودة في كل مكان وزمان، مع هذا، أشجّع أقراني من كتّاب السيناريو العراقيين الشباب على اللجوء إلى الأدب العراقي، لأننا نملك تراثاً قصصياً عظيماً، يُمكن استغلاله سينمائياً؛ ولأنّ الأدب العراقي المُعاصر يُقدّم، في الوقت الحاضر، أعمالاً روائية وقصصية جيدة؛ ولأنّي أعتقد أنّ السيناريست، عندما يكتب نصه السينمائي مُعتمداً على عمل أدبي، سيكون نصه مُميّزاً، لأنّه نتاج أكثر من عقل.
أعتقد أيضاً أنّ النص السينمائي المُستلهم من عمل أدبي سيأخذ وقته الكافي في الصيرورة، لمروره في أكثر من مرحلة كتابية تكوينية.
كتبتَ سيناريوهات أفلامٍ قصيرة عدّة. هل تفكر بسيناريو لفيلمٍ طويل؟
سأنتهي من كتابة فيلمي الروائي الطويل الأول قبل نهاية العام الحالي. لديّ الآن أفكار عدّة لمشاريع أفلام روائية طويلة، سأبدأ العمل عليها فور انتهائي من فيلمي الأول.
نرى في ما تكتب من سيناريوهات أفلام قصيرة اهتمامك بموضوع الحيوان والتعامل معه.
أنا مُهتمّ بالحيوانات والنباتات أيضاً، وبكلّ شركائنا في هذا الكوكب، لأنّهم جزءٌ من اهتمامي الأكبر، أي قضايا البيئة والمناخ والمستقبل. أعتقد أنّ الصدفة لعبت دورها في أنْ يكون أول سيناريو لي تمّ إنتاجه، يتناول موضوعه الرئيسي الحيوانات، مع أنّ لدي نصوصاً كثيرة أخرى تعاين موضوعات متنوّعة عن الإنسان والحرية والطفولة والديكتاتورية والحروب والسلطة الفاسدة، وغيرها من القضايا.
يُلاحظ في الأفلام العراقية أنّ هناك محاولات لمُخرجين وجهات مُنتجة تهميش كاتب السيناريو، ومصادرة حقوقه، والتقليل من شأنه السينمائي.
أعتقد أنّ أيّ مُخرج يُصادر حقّ كاتب السيناريو ويُهمّشه، يعاني مشاكل نفسية، أو أنّ شخصيته استغلالية وإقصائية. أتمنّى ألاّ أتورّط مُستقبلاً بالعمل مع نماذج كهذه، ولا مع مُخرج يُقلِّل من شأن كاتب السيناريو، لأني أجزم أنّه لا يفقه شيئاً في السينما. السينمائيّ الحقيقي لا يجهل أهمية كاتب السيناريو وعمله، وكلامي هذا لا يحتاج إلى شرح وأدلة. ومع ذلك، لا ضير من التذكير بقول مشهور، منقول عن سيّد التشويق والإثارة ألفريد هيتشكوك: "لكي تصنع فيلماً عظيماً، تحتاج إلى 3 عناصر: السيناريو، والسيناريو، والسيناريو".
أما بخصوص جهات الإنتاج، أفضل ما يُمكن قوله دعوتهم إلى الاهتمام بمُنجز كاتب السيناريو، لأنّ ما ينجزه يعتبر أساس المشروع وهيكله، الذي سينفقون عليه أموالهم. جزءٌ مما أقصده بالاهتمام، هنا، عدم الاعتماد الكامل على مُخرج أو فريق عمل ليس لديه منجز فني حقيقي أو فكر سينمائي مميّز في تنفيذ المشاريع السينمائية، خاصة النصوص الجيدة، حتى لا يتمّ وَأدها.
يقول أورسون ويلز: "وحده الكاتب يستطيع أنْ يساعد في إخراج السينما من الطريق المسدود، الذي يقودها إليه أولئك الذين ليسوا أكثر من فنيين وتكنيكيين وعمال متخصصين. أعتقد أنّ الأهمية المعطاة للمخرج، اليوم، مُبالغ فيها، بينما الكاتب ليس له حتى مكان الشرف، الذي هو جدير به".
ما الصعوبات والمشاكل التي تواجه السينما العراقية، من وجهة نظر شبابية؟
هناك مشكلة كبيرة تُصعّب عمل السينما، من داخل السينما، تُطرح في الإعلام قليلاً، والحديث عنها قليلٌ أيضاً: الفهم الخاطئ أو السطحي لبعض العاملين في هذه الصناعة، لكونهم سينمائيين. تسريحة الشعر، حمل الحقيبة على الكتف، ارتداء قبعات، عدم الردّ على الاتصالات، ادّعاء نسيان أسماء الزملاء، التأخّر عن المواعيد. هذه كلّها لا تعني أنّ المرء سينمائيّ. طبعاً، كلّ إنسان حرّ في تفكيره وتصرّفاته ومظهره وطريقة عيشه. الفنان الحقيقي بطبيعته إنسان مُختلف ومميّز. لكنّ السينما حبٌّ وصدق وشغف وعمل وعطاء وتعاون وتقديم مُنجز.
ما مشروعك السينمائي الجديد؟
قبل نحو 4 أشهر، أبدى صانع الأفلام سرور عبد الله رغبته في إنتاج أحد نصوصي الفيلمية القصيرة، فأرسلت له سيناريو فيلم رسوم متحركة، عنوانه "الغرق أفضل". قرأه سرور وأعجبه، فاتّفقنا، ثمّ بدأ العمل على إنجازه. هذه المرة، أتوقّع أنْ يكون الفيلم على قدر مُفرح من الأهمية، لأسباب عدّة: فكرته وقصته أخذتاً وقتاً كافياً للنضوج. السيناريو مقتبس، عام 2015، عن قصة قصيرة للقاص الشاب حيدر سالم. إلى ذلك، سيناريو "الغرق أفضل" فيلمي القصير الـ12، في تسلسل الأفلام القصيرة التي كتبتها. جدّية سرور عبد الله، الذي أنجز أفلاماً عدّة، آخرها وثائقيّ عنوانه Facing Death With Wirecutter، شارك في مهرجانات عدّة في العالم، ونال جوائز مختلفة. إنّه يعمل حالياً على رسم وتحريك وإخراج لقطات ومشاهد الفيلم، برؤية إخراجية فنية، وبحِرفية عالية، يسعى إلى أنْ تكون مميّزة. أخبرني بأنّه يفكّر بتنفيذ بعض المشاهد في محل إقامته، في محافظة دهوك (إقليم كردستان ـ المُحرّر)، ومشاهد أخرى تمثيلية في إحدى دول أوروبا.
ما أمنياتك السينمائية؟
أتمنى إنجاز أكبر عدد من سيناريوهات الأفلام التي تؤثّر في حياة الناس، بإمتاعهم ودفعهم إلى التفكير. أحلم بصناعة أفلام تنال إعجاب والدي، الذي أورثني حبّ السينما، ويا له من ميراث عظيم.