أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم الأربعاء، ترشيح وزير السياحة والآثار السابق خالد العناني لمنصب مدير عام منظمة يونسكو، خلال الفترة ما بين عامي 2025 و2029، بدعوى إنجازاته الأكاديمية والتنفيذية الملموسة في مجال العلوم والتربية والثقافة، وخبراته الممتدة لأكثر من 30 عاماً في التدريس وعلوم المصريات والمتاحف والسياحة.
وأشار مدبولي، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس الوزراء، إلى أنّ ترشيح العناني هو نتاج أعمال اللجنة الوطنية المشكلة بقرار منه العام الماضي، والتي ضمت ممثلين من جميع الوزارات المعنية لدراسة فرص فوز مصر بالمنصب، وتحديد المعايير اللازمة لاختيار أفضل المرشحين.
وقال إنّ العناني "له أنشطته وإسهاماته في كبرى الجامعات والمؤسسات البحثية والعلمية داخل وخارج مصر"، معتبراً أنّ الترشيح يعكس خصوصية العلاقة بين مصر ويونسكو، التي يعود تاريخها إلى وضع ميثاقها، مروراً بأكبر قصة نجاح سطرتها المنظمة في التعامل مع قضية إنقاذ معابد النوبة.
وأشار مدبولي إلى أن "التراث المصري والثقافي والأثري والفكري المتنوع عبر العصور والتاريخ القديم والحديث مثّل دوراً رائداً في تشكيل وجدان الإنسانية، والدفع قدماً في استكمال مسيرتها التنويرية وإسهاماتها"، لافتاً إلى أنّ بلاده "تبدي اهتماماً خاصاً بيونسكو، ولها دور فعال ونشط منذ عقود في المنظمة، من خلال المساهمة في صياغة العديد من المبادرات الدولية والإقليمية الهادفة إلى قيم إعلاء الآخر واحترام الشعوب".
وختم حديثه بالقول إنّ "مجلس الوزراء سيعمل على دعم المرشح المصري، وتكثيف التحرك والتنسيق مع الدول الصديقة والشقيقة على نحو يعزز فرص فوزه بالمنصب".
وكانت المصرية مشيرة خطاب قد منيت بهزيمة مدوية أمام المرشحة الفرنسية أودري أزولاي لمنصب مدير عام المنظمة عام 2017، كما خسر وزير الثقافة السابق فاروق حسني أمام البلغارية إيرينا بوكوفا عام 2009، ومدير مكتبة الإسكندرية سابقاً إسماعيل سراج الدين أمام الياباني كوشيرو ماتسورا عام 2001.
وترافق ترشح خطاب إلى منصب مدير عام "يونسكو" حملة مداهمات واسعة على بعض المكتبات وإغلاقها ومصادرتها، كما حدث مع فروع مكتبتي البلد وألف، فضلاً عن التوسع في اعتقالات المعارضين لاتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية عام 2017، والزج بمئات من أصحاب الرأي ورموز الفكر في السجون، فقط لإبدائهم آراء معارضة لسياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
يذكر أن صحفاً حكومية كثيرة قد شنت هجوماً ضارياً على العناني، وقت توليه منصب وزير السياحة والآثار أواخر عام 2021، تمهيداً للإطاحة به من منصبه بسبب خلافات "غير معلنة" حول أعمال الأجهزة السيادية في العديد من القطاعات المرتبطة بوزارته، وتداخل أنشطتها مع الجهات الحكومية في مصر.
ونشرت صحيفة أخبار اليوم، المملوكة للدولة، تقريراً مطولاً، من دون توقيع، اتهمت فيه العناني بـ"إهدار أموال الدولة على إقامة الحفلات، وتجاهله قطاع السياحة الذي يمثل قاطرة الاقتصاد في كثير من بلدان العالم، لا سيما أن هناك دولاً أصغر من مصر من حيث الإمكانات والثروات والآثار، وينمو اقتصادها بفعل دخلها الضخم من السياحة".
وذكر التقرير آنذاك أنّ "وزير السياحة بات أشهر من ممثلي السينما في مصر، واكتفى فقط بالشو (الاستعراض) الإعلامي الذي غرق فيه حتى أذنيه، وهو يعلم أن السائح الثقافي الذي يهتم بالآثار لا يمكن أن يقطع آلاف الأميال من أجل زيارة المعابد، ثم يعود إلى غرفته في الفندق حبيساً".
ويذكر أنّ العناني ليس متخصصاً بالآثار، إنما تخرج من كلية السياحة والفنادق، وعرف في مصر بوزير "شطب الآثار" بعد أن قال في تصريحات صحافية: "هل المفترض أن أترك بعض الحجارة لأنها مسجلة؟"، ممّا وضعه آنذاك في دائرة الانتقادات التي نالت منه في وسائل الإعلام وفي مجلس النواب.
واتخذ وزير الآثار السابق عدة قرارات بشطب مبان أثرية من سجل الآثار بدلاً من ترميمها، ومنها شطب منزل عبد الواحد الفاسي، القابع في حارة السبع قاعات القبلية في حي الموسكي في القاهرة، والذي يعود تاريخ بنائه للقرن الـ16، وشطب الحمام العثماني الأثري في قنا، وهو أحد ثلاثة حمامات أثرية موجودة فقط في صعيد مصر، وشطب قصر ميخائيل لوقا الزق في أسيوط، وشطب محطة القطار الملكية في كفر الشيخ.
وقالت مصادر إنّ الوزير السابق خالد العناني "دأب على تنفيذ تعليمات الضباط المسؤولين عن إنشاء المشروعات الحكومية، بشطب المواقع الأثرية من سجل الآثار، والذي يمنع المساس بها بحسب قانون الآثار، حتى يتسنى هدمها أو بيعها أو التصرف فيها بأي شكل من الأشكال".