قضت محكمة جنايات القاهرة، أمس الإثنين، بسجن الشابة حنين حسام 3 سنوات وتغريمها 200 ألف جنيه (11 ألف دولار تقريباً) بتهمة الاتجار بالبشر. وكانت هذه التهمة قد وجّهت إلى حسام بحجة استغلال فتاتين يقل عمراهما عن 18 عاماً، وخداعهما لإجراء محادثات مع شباب عبر تطبيق لايكي للمحادثة.
وكان القضاء قد حكم على حسام بالسجن 10 سنوات عام 2021، ليعود وينظر في قضيتها، مخفّضاً العقوبة إلى 3 سنوات. وعند صدور الحكم أمس، توجّه القاضي الكلام إلى حنين قائلاً لها "المحكمة تعاملت بالرأفة نظراً لحداثة سنك، عسى يكون ما حدث درساً لك وردعاً لكلّ من يريد أن تكوني قدوة له... ورسالة لكل أب ليراعي أبناءه، فكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته".
وكانت النيابة المصرية قد أحالت حسام إلى محكمة الجنايات، بعدما وجهت إليها تهمة "الاعتداء على قيم ومبادئ الأسرة المصرية والمجتمع، والاشتراك مع آخرين في استدراج الفتيات واستغلالهن عبر البث المباشر وارتكاب جريمة الاتجار بالبشر، وتلقي تحويلات بنكية من إدارة التطبيق مقابل ما حققته مقابل نسب مشاهدة ونشر فيديوهات تحرض على الفسق لزيادة نسبة المتابعين لها، والعضوية بمجموعة على تطبيق محادثات، لتلقي تكليفات استغلال الفتيات، فضلًا عن تشجيع الفتيات المراهقات على بث فيديوهات مشابهة، والهروب من العدالة ومحاولة التخفي وتشفير هواتفهن وحساباتهن".
وقد أثارت هذه القضية الجدل طيلة عامين كاملين، منذ القبض على حنين حسام، في إبريل/ نيسان 2020، وبعدها استهدفت الشرطة عدداً من مستخدمات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي، واعتمدت إحالة صانعات المحتوى على تطبيق تيك توك إلى المحاكمة وفقاً للمادة 25 من قانون جرائم تقنية المعلومات، التي تتضمن عقوبة لكل من "ينتهك مبادئ وقيم الأسرة المصرية".
انقسام حول الحكم على حنين حسام
وانقسم الرأي العام في مصر بعد الحكم على حسام. وكان الصوت الأعلى لرافضي الحكم، خصوصاً أنه صدر بعد عامين من التشهير والإذلال اللذين طاولا حسام وباقي المتهمات. وعلت أصوات حقوقية ونسوية، طالبت بإلغاء القضية وإطلاق سراح كل المتهمات والمتهمين. ووجّه منظمات عدة انتقادات لوقائع سير القضية وما تعرضت له المتهمات من كشوف عذرية، وحملات تشويه وإذلال وإقصاء مجتمعي. إلى جانب تعرض حنين حسام بشكل خاص لعدد من الإجراءات الملتبسة، والمخالفات القانونية، والانتهاكات منذ بداية ملاحقتها قضائيّاً، لناحية الضبط والإحضار والحبس الاحتياطي.
واستندت المنظمات في مطالباتها إلى أن نص المادة 25 من قانون جرائم تقنية المعلومات الذي يخالف مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي فسرته المحكمة الدستورية العليا بضرورة أن يكون النص القانوني أولاً ضامناً للحرية الشخصية، وثانياً أن يكون "واضحاً ومحدداً بما يجعل حدود المباح والتجريم واضحة". وهما أمران لا يتفقان مع عبارة "مبادئ وقيم الأسرة المصرية" الفضفاضة، ما يجعل الحكم غير دستوري من هذه الناحية.
هذا الرأي أيدته الحركات النسوية في مصر، وتضامنت معه كثيرات، خصوصاً أن اتهام "الاعتداء على قيم الأسرة المصرية" تحول إلى وسيلة تنكيل في حد ذاته يطاول كل من يخالف أو يعارض أو يسير خارج تقاليد المجتمع.
ويرى الرافضون للحكم أن النيابة العامة استخدمت مفردات مبهمة وغير محددة لتوسع من صلاحيتها في توجيه الاتهام والقبض على من لا يخضع لمعاييرها، منتهكة بذلك الحقوق التي يكفلها الدستور من حرية الرأي والتعبير.
من جهة ثانية برزت آراء دافعت عن الحكم، ورأت أن حنين حسام وباقي فتيات القضية يساهمن في "تسليع المرأة" من خلال المقاطع التي يصوّرنها، وأن ما يقمن به "يرقى إلى مستوى الدعارة الإلكترونية".
وكان موقع Influencer Marketing Hub المتخصص في أرباح مواقع التواصل قد قدّر قيمة متوسط أرباح حنين حسام، لكل منشور على صفحتها على "تيك توك" في اليوم الواحد، بين 781 إلى 1302 دولار، والتي تختلف بحسب المشاهدات والإعجابات. ما يجعل كل منشور يحقّق مع الأيام ما قيمته 6.4 آلاف دولار إلى 9.6 آلاف دولار.