قدمت فرقة "مشروع Tribute" الناشئة على مسرح مترو المدينة، أخيرًا، عرضًا فنيًّا مخصصًا لأغاني فرقة "مشروع ليلى" اللبنانية، التي أعلنت توقّفها في عام 2022 بعد رحلة فنية دامت 14 عامًا.
هذا التكريم الذي يشير إليه اسم "مشروع Tribute"، يتخطى العرض الذي قدمته، لأن الفرقة بحد ذاتها تأسست منذ أقل من سنة بهدف تكريم "مشروع ليلى"، من خلال تأدية أغاني الأخيرة.
أول ملامح الحفل كان الفئة العمرية للجمهور، الذي لم يتعدّ معظم أفراده بداية العشرينيات؛ أي طلاب ثانوي أو أُولى سنوات الجامعة. وعندما فُتحت الستارة، وظهرت الفرقة المؤلفة من 6 أعضاء شبّان (كريم شري/مغنٍّ أساسي، وراين فارس/كمان، ريبال أبو فاضل/غيتار، زاهي جروج/كيبورد، ويليام بو فخر الدين/درامز، أنطوني تنوري/باص)، تبين أن الفرقة والجمهور من الفئة العمرية نفسها؛ بين 19 و24 عامًا.
هذا الملمح الأول يعيدنا بالذاكرة إلى بداية انطلاق "مشروع ليلى" التي أثارت الإعجاب والحماسة بموسيقاها البديلة، وكلمات أغانيها الجديدة والقريبة من المعيش، والبعيدة عن قاموس المفردات المألوف، ثم أثارت الجدل عند بعض الفئات في بعض البلدان العربية وللأسباب نفسها. أعمار أعضاء "مشروع Tribute" وجمهورهم الآن هي تقريبًا ذات أعمار أعضاء فرقة وجمهور "مشروع ليلى" عند انطلاقها، فحامد سنو المغني الرئيسي من مواليد 1988، وهايغ باباريان عازف الكمان من مواليد 1987، أي كانوا حينها في بداية العشرينيات من أعمارهم.
جمهور الحفل التكريمي في مترو المدينة كان جمهور "مشروع Tribute"، وعلى الأرجح زملاءهم في المدرسة والجامعة، وربما تعرفوا إلى أغاني "مشروع ليلى" من خلال هذه الفرقة حديثة العهد، ولكنه لم يكن الجمهور الذي عاصر انطلاق ورحلة "مشروع ليلى".
الحفل كان أقرب إلى عرض فرقة جامعية أو مدرسية، تؤدي أغاني فرقتها المفضلة أمام جمهور وأصدقاء وزملاء أعضاء الفرقة المكرِّمة، لأنه لم يكن لجمهور الفرقة المكرَّمة أي حضور. وكان لافتاً هذا الحب لـ"مشروع ليلى" من قبل الفرقة والجمهور. غنوا معظم أغاني الفرقة، وغنى معهم الجمهور، طلب كريم من الجمهور أن يضيئوا هواتفهم، حرك ساعديه يمينًا ويسارًا داعيًا الجمهور لفعل المثل. أحيانًا كثيرة، لم نفهم الكلمات، لكن هذا الأمر نفسه كان يحدث مع غناء حامد سنو نفسه، إلا أن الحفل كان مناسبة فرحة للفرقة وجمهورها، وحفلًا لطيفًا كتحية حبّ.
لكن، كان مربكًا حضور عرض لفرقة ناشئة تأسست بهدف تكريم فرقة أخرى كانت لا تزال هي أيضًا ناشئة وفي بداية طريق فني واعد عند توقفها. الفرقة بدأت مشوارها، ثم أنهته (مكرهة) خلال فترة زمنية قصيرة، فأتى تكريمها من خلال هذه الفرقة مبكرًا جدًا وبعيد فترة زمنية قصيرة على اعتزالها. لأن الجمهور -جمهور "مشروع ليلى"- لم يرقه الاعتزال، أو بالأحرى لم يعِ بعد الاعتزال، لم يعشه عن حق، فهذا الأمر يتطلب زمنًا لم يتوافر بعد.
أغاني "مشروع ليلى" لا تزال طازجة، ولكن جمهورها مرهق للأسباب نفسها التي أرهقت الفرقة التي تألفت بداية من سبعة أعضاء، ثم اقتصرت على أربعة (حامد سنو/مغنٍّ أساسي، هايغ بابازيان/كمان، فراس أبو فخر/غيتار، كارل جرجس/درامز)، وأدت إلى إعلان توقف رحلة المشروع القصيرة التي تضمنت خمسة ألبومات ("مشروع ليلى" 2009، "الحل رومانسي" 2011، "رقصوك" 2013، "ابن الليل" 2015، و"مدرسة بيروت" 2019) إلى جانب ألبوم وDVD لحفلتها في بعلبك بعنوان "مباشر في بعلبك" 2013، ومنع عرض لها في الأردن (2016)، وإثارة جدل ثم منع في مصر (2017) واتهام بالمسّ بالقيم، وهدر دماء في لبنان (2019).
السبب الأساسي لإعلان انتهاء "مشروع ليلى"، كما صرّح سابقًا حامد سنو، هو وتيرة المنع التي واجهتها، وبالتالي جعلت من استمرار العمل مهمة مستحيلة.
وللمفارقة، يتزامن عرض فرقة "مشروع Tribute" خلال فترة منع ورقابة وهجوم عنيفين يتعرض لهما المشهد الفني والثقافي اللبناني، وتحديدًا في قضية الحريات الفردية والتحريض على المثليين. وكأن العرض وتوقيته أكثر من مجرد تكريم، بل إعلان موقف من قبل الفرقة واحتضان من قبل "مترو المدينة"، وتأييد الجمهور الذي حضر، ما يمثّل تحديًا من جيل يفترض أنه سيكون أكثر المتأثرين إذا لم يقولوا كلمتهم الآن أو يغنوا أغنيتهم.