"عمو بابا" شخصية ورمز عراقيان. كان من أفضل لاعبي كرة القدم في العراق، في ستينيات القرن الـ20، ومُدرّباً للمنتخب العراقي. حصل على بطولات عدّة. أما محمد خليل، فمُصوّر ومونتير ومخرج، عمل في قنوات فضائية عربية عدّة، كتلفزيون الكويت، وقناة الجزيرة، وقناة آسيا.
"العربي الجديد" التقت خليل في حوار عن فيلمه "عمو بابا"، بمناسبة عرضه، قبل نحو شهرٍ واحد، في "دورة الخليج العربي لكرة القدم" في البصرة:
ماذا عن "عمو بابا"؟
يتحدّث الفيلم عن المدرّب العراقي الكبير عمو بابا، ويعرض مسيرته الممتدّة على أكثر من 50 عاماً، أمضاها في الملاعب، لاعباً ومُدرّباً. في تلك الفترة، حقّق إنجازات كبيرة، لم يحقّقها أي مدرّب عراقي أو عربي. في سجلّه، هو أكثر مدرّب حقّق "بطولة الخليج"، 3 مرّات، كذلك حقّق للعراق بطولات قارية مهمّة، كالميدالية الذهبية لدورة الألعاب الآسيوية، ودورة "مرديكا"، و"كأس العرب"، وغيرها.
أستعرض، من خلال الأرشيف الثري، حياته منذ بداياته الأولى، حتى وفاته: لقاءات تلفزيونية، وأرشيف مبارياته، لاعباً ومُدرّباً، وإنجازاته للكرة العراقية، والألقاب التي حصل عليها. هناك أيضاً روّاد الكرة العراقية، ونجوم عملوا بإدارته، والصحافي الرياضي علي رياح، وآخرون، يتحدثون جميعاً عن تجاربهم وذكرياتهم معه، في سرد متّصل، يسلّط الضوء على حياته وصراعاته مع رئيس اللجنة الأولمبية، عدي صدام حسين، ومواقفه الحازمة والشجاعة في عدم الخضوع والاستسلام، التي أدّت به إلى السجن والتعذيب، ثم الإبعاد.
يُختتم العمل بمنجزه الذي بقي مستمرّاً بعده، مدرسته الكروية، التي أنشأها أواخر حياته، لترفد الكرة العراقية بالمواهب الكروية الشابة، والتي أسهمت في صعود نجوم كرة حاليّين، مروراً بوفاته، والجدل المثار حول مكان دفنه، ومحاولة الكشف عن حقيقته.
لماذا "عمو بابا"؟ هل كان بالاتفاق مع القائمين على "دورة الخليج العربي لكرة القدم"، أم أنّه فكرتك أولاً، ثم استثمرت المناسبة لعرضه؟
للأسف، الشخصيات والرموز العراقية عانت الإهمال، ولا تزال تعاني، في الأصعدة كلّها. كصانع أفلام، أرى من واجبي تسليط الضوء على هذه الشخصيات الكبيرة، وتعريف الجمهور بتاريخهم، وبما قدّموه للبلد. عمو بابا إحدى تلك الشخصيات. قدّم إنجازات وحقّق بطولات للكرة العراقية.
من هذا المنطلق، بدأت منذ عام التحضير لإنتاج الفيلم. في الواقع، لم تكن لديّ خطة لعرضه في "كأس الخليج". لكنّ القدر شاء بأنْ أُكمِل مونتاجه قبل بدء البطولة بأيام. لذا، قرّرت استثمار انعقاد "كأس الخليج العربي"، في البصرة، لعرضه. جرى التنسيق مع إدارة الدورة، التي أبدت استعداداً لرعايته في فعاليات "خليجي 25". نال الحدث استحسان الجمهور.
من أين حصلت على الوثائق الخاصة بهذه الشخصية؟
البحث عن الأرشيف أحد المعوقات التي يعانيها صانع الفيلم الوثائقي في العراق، لأنّ أغلب المواد الأرشيفية، التي تخصّ فترة النظام السابق، لا وجود لها. لا توجد مؤسّسة رسمية تهتمّ بهذا، والحصول على الوثائق شاقٌّ جداً. لذا، استمرّ البحث أكثر من ستة أشهر، استعنتُ فيها بمؤرشفين عراقيين، واشتريت موادّ فيلمية منهم. هناك أشخاص قدّموا صوراً وموادّ فيلمية.
نال فيلمك الروائي القصير "أحلام تحت الأنقاض" جوائز عدّة. ماذا عنه؟
إنّه أول تجربة روائية لي، أنجزتها عام 2018 بجهود شخصية، مع أصدقاء سينمائيين. يروي الفيلم قصة مُسعفٍ في الحرب مع "داعش"، يعثر على طفلةٍ تحت أنقاض منزل مُدمّر، فيسعفها. ثم تبدأ رحلته معها، بعد نقلها إلى المستشفى الذي يعمل فيه.
يتحدّث الفيلم عن الطفولة المسروقة بسبب الحرب، والدمار الذي حلّ بالبلد جرّاء احتلال "داعش" مدناً عراقية. حاولتُ نقل معاناة الأطفال في تلك الأيام السوداء.
شارك الفيلم في نحو 30 مهرجاناً سينمائياً في العراق وخارجه، ونال جوائز عدّة، منها جائزة أفضل فيلم في مهرجان TRT World في تركيا، و"لجنة التحكيم" وأفضل تصوير في "مهرجان أور السينمائي".
عملتَ في فضائيات عدّة، لك فيها برامج مختلفة. ما تأثير ذلك في عملك السينمائي؟ هل حقّقت منجزاً نوعياً في التلفزيون؟
العمل في التلفزيون أضاف إليّ خبرات كثيرة، في مجالات مختلفة، كالتصوير والمونتاج. أعتقدُ أنّ هذا أسهم كثيراً في إنتاج أعمالي السينمائية لاحقاً. سابقاً، كانت هناك فوارق كبيرة بين السينما والتلفزيون. لكنْ، مع تقدّم التكنولوجيا، لم يعد هناك فوارق كبيرة بينهما. كي أدعم فكرة إزالة الحواجز بين السينما والتلفزيون، أذكر مثلاً: المخرج الأميركي ديفيد فينشر حقّق تحفاً سينمائية، وفي المقابل، أخرج حلقات تلفزيونية عدّة من المسلسل المشهور House Of Cards.
إجابتي عن الشقّ الثاني من السؤال: لا أعتقد أنّي حقّقت مُنجزاً نوعياً، فالطريق طويلة، ولا أزال في البداية.
هل تفكر في إنجاز أفلام وثائقية عن شخصيات عراقية؟
بالتأكيد. هناك شخصيات عراقية كثيرة تستحق أنْ نوثِّق سِيرها الذاتية في أفلام وثائقية. لكنّ الأمر يتطلّب وقتاً ومالاً. مع هذا، آمل أنْ أوفَّق بهذه الخطوة، لأنّ هذه الأعمال تساهم في خلق وعي لدى المشاهد، وتذكّر بأهمية الشخصيات التي لها تاثيرات كبيرة في المجالات كلّها في المجتمع.
ما الذي يحتاج إليه شباب السينما في العراق، ليُنعشوا الواقع السينمائي العراقي؟
الدعم المادي من الجهات المنتجة، والعمل الجاد من الشباب، يُساهمان في إنعاش المشهد السينمائي، والعمل أولاً، لأنّ هناك مشاريع تُنتَج بتكلفة بسيطة. للأسف، أغلب شبابنا يبحثون عن ميزانيات كبيرة لإنتاج أفلامهم.