مجلس النواب الأردني يقرّ قانون الجرائم الإلكترونية بعقوبات مغلظة

27 يوليو 2023
تعرّض البرلمان لانتقادات من قبل جهات نقابية وحقوقية (Getty)
+ الخط -

أقر مجلس النواب الأردني، الخميس، بالأغلبية مشروع قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2023، الذي سيحال إلى مجلس الأعيان لمناقشته والذي تضمن عقوبات مغلظة على المخالفين وغرامات تصل إلى 70 ألف دولار أميركي.

وجاء إقرار القانون، رغم المطالبات الواسعة بضرورة سحبه لما يشكله من تقييد للحريات العامة على الرأي والتعبير، حيث أقر المجلس مواد مشروع القانون كما جاءت من اللجنة القانونية النيابية بعد إجراء بعض التعديلات البسيطة عليه.

وأقر المجلس خلال الجلسة المادة 5 من مشروع القانون التي تنص على أنه: "يعاقب كل من قام بإنشاء حساب أو صفحة أو مجموعة أو قناة أو ما يماثلها على منصات التواصل الاجتماعي ونسبها زوراً إلى شخص طبيعي أو معنوي بالحبس مدّة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن 1500 دينار (2100 دولار) ولا تزيد على 15 ألف دينار (21 ألف دولار) أو بكلتا هاتين العقوبتين".

ووافق المجلس على اعتبار الشخص المسؤول عن الإدارة الفعلية للصفحات والمجموعات عبر منصات التواصل الاجتماعي مسؤولاً عن المحتوى غير القانوني، ومعاقبته عن الجرائم التي ترتكب خلافاً لأحكام قانون الجرائم الإلكترونية، وتجريم الأفعال التي من شأنها "اغتيال الشخصية"، حيث فرض عقوبة الحبس مدة لا تقلّ عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقلّ عن 25 ألف دينار (35 ألف دولار أميركي) ولا تزيد على 50 ألف دينار (70 ألف دولار)، فيما رفض المجلس توضيح تعريف مصطلح "اغتيال الشخصية".

ورفض مجلس النواب مقترح اللجنة القانونية بإضافة فقرة ج إلى المادة 20 من مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، والتي تنصّ على تجريم الأشخاص الذين يقومون بنشر تسجيل أو صورة أو مشهد فيديو بدون إذن الأفراد، وإن كان مصرّحاً له بتسجيله أو التقاطه.

كذلك أقرّ النواب معاقبة كلّ من بثّ ما من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو النيل من الوحدة الوطنية أو الحضّ على الكراهية أو الدعوة إلى العنف أو تبريره أو ازدراء الأديان بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة 5 آلاف دينار (7 آلاف دولار) ولا تزيد على 20 ألف دينار (28 ألف دولار).

وقال رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، خلال الجلسة، إن الحكومة لا ترى أنّ مشروع قانون الجرائم الإلكترونية ينتقص من جوهر الحريات ولا يمس بالدستور، مضيفاً أن الحكومة "منفتحة تماماً إزاء أي من مظاهر النقد".

وبحسب الخصاونة، فإنّ "الجديد في القانون تنظيم وتحديد العقوبات في الفضاء الإلكتروني والحكومة لا تقدم أي شيء فيه مساس بالدستور".

وأكد الخصاونة على "3 قضايا محورية، القضية الأولى مرتبطة بجوهر الحريات المنصوص عليها في الدستور، ولا ترى الحكومة بأنها تمس أو ينتقص منها إطلاقا في مشروع القانون المنظور أمامكم، وجوهر الحريات يستند إلى فكرة حماية جميع الأردنيين، وجوهر الحريات هذا اليوم محمي".

وأضاف: "الحكومة لا تقدم أي شيء فيه أي انتقاص أو مساس بالدستور والدستور الأردني واضح ومتوازن ونفخر به والدستور الأردني دائما سواء في المادة 17 أو في المواد التي تتحدث عن حق الاجتماع أو مخاطبة السلطات العامة، وكلها تقول إنها بالكيفية والشروط التي يعينها القانون وإلا ننتقل إن لم تكن هناك ضوابط على ممارسة هذه الحرية إلى شريعة غاب وننتقل إلى مظاهر من شأنها أن تمس السلم المجتمعي والسلم الأهلي وهذه قواعد أساسية يجب أن نحافظ عليها بالنواجد في مجتمعنا الأردني المتحاب والمتآلف".

وقال النائب الأردني السابق وعضو نقابة الصحافيين الأردنيين، نبيل غيشان، في حديث مع "العربي الجديد" إنّ ما خرج من مجلس النواب لا يختلف عن المشروع الذي أرسلته الحكومة للمجلس، وهذا القانون "لا يلبي الحد الأدنى" من مطالب نقابة الصحافيين الأردنيين، ونقابة المحامين، وعدد من الأحزاب الأردنية، للحفاظ على الحريات.

وأضاف: "الأصل أن كل الجرائم المرتكبة بواسطة النشر الإلكتروني أو الورقي أو عبر الشاشة قضايا مدنية وليست جزائية، وما دام القانون يتضمن التوقيف والحبس على قضايا النشر فهو يحاصر الحريات، فالحريات تتطلب إلغاء الحبس والتوقيف وأن يكون الحق بالتعويض للشخص المتضرر، وليس غرامات كبيرة تذهب للحكومة وخزينة الدولة".

من جهته، قال مؤسس مركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور، لـ"العربي الجديد": "كنا نتمنى على مجلس النواب أن يطالب الحكومة بسحب مشروع القانون للمزيد من المشاورات مع أصحاب المصلحة خاصة الصحافيين ومؤسسات المجتمع المدني والأطراف ذات العلاقة كون القانون يمس كل أفراد المجتمع ويشكل قيداً إضافياً على حرية التعبير".

وأضاف أنّ مشروع القانون "يزيد العقوبات السالبة للحريات، ففي القانون الساري المادة 11 تجيز التوقيف والحبس في قضايا القدح والذم، والآن حسب دراسة أجرتها مؤسسات المجتمع المدني هناك 58 نصاً تتضمن عقوبة توقيف وحبس".

ولفت إلى أن الحكومة "كانت دائماً تتحدث عن العقوبات البديلة، الآن بهذا القانون تذهب إلى توسيع العقوبات السالبة للحريات، خاصة في ما يتعلق بحرية التعبير وحرية الإعلام".

وتابع: "مشروع القانون يزهق بعض الحقوق الدستورية ولا يتفق مع المعاهدات الدولية التي وقع عليها الأردن".

وبحسب منصور فإن الغرامات المالية مغلظة ومبالغ بها ولا يمكن للصحافيين أو الناشطين أن يدفعوها، ممّا يعني أنها ستتحوّل إلى أيام سجنية.

وتساءل: "كيف يمكن القيام بالإصلاح السياسي وتجذير العمل الحزبي في ظل محاصرة الفضاء العام؟ فالمشروع سيخلق حالة من الخوف من الشباب في ظل ضيق مساحات التعبير".

من جهتها، دعت اللجنة التنسيقية للمطالبة بسحب مشروع قانون الجرائم الالكترونية إلى مسيرة غداً الجمعة وسط عمان، للتعبير عن رفض القانون.

ودانت اللجنة ما وصفته بـ"سلوك مجلس النواب الصادم" و"السرعة الغريبة التي أقر بها القانون مع كل ما اعتراه من عوار تشريعي وخروج عن القواعد العامة في الجزاء ونسف لقواعد قانونية مستقرة وغياب للتعريفات لجرائم جديدة أتى بها القانون للمرة الأولى من مثل اغتيال الشخصية والكراهية وازدراء الأديان".

واستهجنت اللجنة ما سمته "حالة التجاهل" التي يعيشها المجلس ولجنته القانونية، التي "لم تفكر حتى في دعوة الأحزاب الأردنية لسماع وجهة نظرها في القانون مع أنها تمثل آلاف المواطنين، كما أنها لم تدع أيا من القوى الوطنية الممثلة في التنسيقية لا من أفراد ولا هيئات اعتبارية لتستمع إلى وجهة نظرها".

واعتبرت أنّ ذلك يكمل "حلقات التغييب لإرادة القوى الحية، بدءاً من عدم نشر مشروع القانون على موقع ديوان التشريع والرأي وعدم إطلاع أحد عليه قبل إرساله على حين غرة إلى مجلس الأمة ثم التصويت عليه اليوم الخميس".

وانتقدت الولايات المتحدة الأميركية، أمس الأربعاء، مشروع قانون الجرائم الإلكترونية المقترح من الحكومة والمقدم للبرلمان، مؤكدةً أنه يقيد حرية التعبير على الإنترنت وخارجه.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، الأربعاء، إنّ القانون "يمكن بتعريفاته ومفاهيمه الغامضة أن يقوّض جهود الإصلاح الاقتصادي والسياسي في الأردن".

وأضاف أنه "يقلّل من الحيّز المدني المتاح أمام عمل الصحافيين والمدونين وغيرهم من أفراد المجتمع المدني في الأردن".

وكان "العربي الجديد" قد حاولت التواصل مع وزارة الاتصال والوزير وأمين عام الوزارة قبل إقرار القانون، لكنهم رفضوا التعليق على بيان التحالف الذي تقوده "هيومن رايتس ووتش" وعلى ردات فعل الصحافيين.

المساهمون