افتتحت مدينة ريميني الإيطالية، في 19 أغسطس/ آب الماضي، متحفاً جديداً مخصصاً لأحد أشهر أبنائها؛ المخرج السينمائي الراحل فيديريكو فيلّيني. تقع ريميني على بعد نحو ثلاث ساعات شرق فلورنسا، وهي مدينة ساحلية تشتهر بالشواطئ الواسعة والحياة الليلية.
شُيد المتحف داخل مبنيين تاريخيين، مفصولين بساحة إيطالية خلابة. الأول هو "سينما فولغور" Fulgor Cinema، وهو مبنى من القرن التاسع عشر يقال إنه كان المكان الذي وقع فيه فيليني لأول مرة في حب الأفلام. دُمر الموقع بالكامل تقريباً بسبب القصف العنيف خلال الحرب العالمية الثانية، ولكنه رُمّم وأعيد فتحه عام 2018. المبنى الثاني هو موقع من العصور الوسطى أعيد بناؤه بالكامل، وتم تحويله إلى متحف الفنّ المعاصر "بالاتزّي ديلّارتي ريميني" Palazzi dell'Arte Rimini.
يهدف المتحف إلى جذب عشّاق فيليني حول العالم، وتنمية جيل جديد من المعجبين بأحد أشهر المخرجين السينمائيين. كلّ غرفة في المتحف تشبه واحداً من أفلامه أو تحيل إليه. على سبيل المثال، يضم المتحف تمثالاً للممثلة السويدية الفاتنة أنيتا إيكبرغ التي تحولت إلى أيقونة سينمائية بفضل مشهد النافورة الشهير في فيلم "لا دولشي فيتا" La Dolce Vita، إلى جانب ممر مخصص بالكامل لزوجة فيلّيني، الممثلة الإيطالية جيوليتا ماسينا التي لعبت دور البطولة في فيلمي "لا سترادا" La Strada عام 1956، و"نايتس أوف كابيريا" Nights of Cabiria عام 1957، اللذين فاز عنهما فيليني بـ"أوسكار" عن فئة أفضل فيلم أجنبي.
فاز فيليني بجائزتي "أوسكار" أخريين ضمن الفئة نفسها، عن فيلميه "8 ½" (1963) و"أماركورد" Amarcord الصادر عام 1974.
علاوة على ذلك، يمكن للزوار العثور على تصميمات للأشخاص الذين عمل معهم المخرج، ومحتويات تفاعلية تعرضها مكتبة فيليني، جنباً إلى جنب مع ريشة يمكن للزوار نفخها، لتفعيل بعض الرسومات والصور المرتبطة بمغامراته الليلية.
كان من المفترض أن يفتتح متحف فيليني عام 2020 للاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد المخرج الشهير، إلا أنه تأجل بسبب وباء كورونا. بدأت الدعوات لإنشاء متحف لفيليني في ريميني بعد وقت قصير من وفاته. وقد سمت المدينة باسمه حديقة ساحلية بارزة وساحة ومدرسة ابتدائية، وتحمل عدة شوارع الآن اسم أفلامه. واكتسب مشروع متحف فيليني زخماً في أوائل عام 2018، عندما خصصت وزارة الثقافة الإيطالية 12 مليون يورو، أي نحو 14 مليون دولار أميركي، من أجل إنشائه.
لكنّ تدشين متحف فيليني في الساحة أثار حفيظة مجموعات لحماية التراث، إذ قال رئيس الفرع المحلي لجمعية "إيطاليا نوسترا" جيدو بارتولوتشي، لصحيفة "نيويورك تايمز"، يوم الثلاثاء، إنهم "حولوا الساحة إلى مركز يهدف إلى جذب السائحين، من دون التفكير في سكان المدينة".
ووفقاً للصحيفة نفسها، فإن أكثر ما أزعج بعض السكان المحليين هو بناء نافورة ضخمة ترش رذاذاً كل نصف ساعة، مما يثير ضباباً فوق مدينة ريميني، لتظهر كما صورها فيليني في بعض أفلامه. وقال بارتولوتشي إنّ النافورة تنتهك قوانين التراث الإيطالية الصارمة، لأنّها تتعدى على البقايا التاريخية بباطن التربة في ريميني.