استمع إلى الملخص
- الدورة الحالية تركز على تاريخ ألعاب الفيديو قبل الألفية الجديدة، مع التركيز على التسعينيات، وتعرض أجهزة مثل أتاري 2600 و"غيم بوي" و"بلايستيشن".
- يخصص المعرض جناحاً لشركة صخر، ويحتفي بإسهامها في تطوير الحوسبة العربية، ويعرض قصة أول جهاز حاسوب منزلي عربي "صخر".
على مدار 12 عاماً، ترسخت تقاليد معرض "مال لوّل" الذي تبناه متحف قطر الوطني بُغية توسيع اهتمامات الحقل المتحفي، عبر توفير منصة تستضيف مقتنيات من الذاكرة الاجتماعية والثقافية، حافظ عليها الناس سواء أكانت فنية، أو تراثية، أو شخصية.
يشير المعرض دائماً باسمه "مال لوّل" في الدارجة القطرية إلى "الزمن الأول" الماضي، ويجد تجليات عربية عديدة، مثل "زمن أول"، أو "كان زمان"، لتكون فكرة المعرض صالحة لأي زمن قادم، إذ إن يومنا هذا سيصبح "مال لوّل" في المستقبل.
الناس في هذه الحال يعيرون المتحف مقتنياتهم لهذا الموسم الذي يعقد نظرياً كل سنتين، مع تأخيرات تفرضها اعتبارات فنية أو مفاجئة. وفي الأثناء، يستكشف المتحف مسارات جديدة لتفعيل ثقافة الاقتناء، وإمكانية إقامة معارض متخصصة.
هذا ما ينطبق بالضبط على الدورة الحالية المقامة حتى 10 إبريل/نيسان 2025 في ساحة النخيل بمشيرب، التي جاء دورها بعد 12 عاماً من انطلاق الفكرة، فتخصصت في ثيمة واحدة هي تاريخ ألعاب الفيديو، قبل دخول الألفية الجديدة. في هذا السياق، نحن نعاين ذكريات الفترة الفارقة في ألعاب الفيديو، من خلال مقتنيات يعود أقدمها إلى السبعينيات، ولكن أغلبها يركز على تاريخ ألعاب الفيديو في عقد التسعينيات.
فعندما نفكر في ألعاب الفيديو تلك، يتبادر إلى الذهن ألعاب أتاري، وماريو، وكابتن ماجد على الفاميكوم. العناصر المعروضة هنا ليست مجرد قطع ومقتنيات عادية، بل هي حواضن للقصص والذكريات.
من بين أبرز القطع في المعرض، أجهزة للتحكم وألعاب يعود تاريخها إلى منتصف السبعينيات، مثل وحدة التحكم Fairchild channel F، ولوحة مفاتيح صخر AX-170 من عام 1986، ووحدة التحكم أتاري 2600 من عام 1980.
مع ظهور ألعاب الصالات (الأركيد) خلال فترة السبعينيات، بدأت ألعاب الفيديو تنتشر تدريجياً في مختلف أنحاء العالم شكلاً من أشكال الترفيه، ولم تكن هذه المنطقة استثناء. ففي قطر، ظهرت مراكز الألعاب التي كانت تقدم ألعاب الآركيد، وكانت الأسر والعائلات ترتاد هذه المراكز دائماً. وشاع استخدام الأجهزة المنزلية في المنطقة، فأصبح كمبيوتر العائلة (الفاميكوم) وكمبيوتر صخر من الأجهزة المفضلة لدى الأسرة.
وفي القسم المخصص للألعاب الكلاسيكية، نجد لعبة "غيم بوي" و"بلايستيشن"، إلى جانب ألعاب أخرى قد لا تكون مألوفة. ونشاهد الأنظمة الرائدة في هذا المجال، مثل فيرتشايلد تشانيل إف، وهو أول مشغل لألعاب الفيديو يستخدم الخرطوشة (الكارتردج) القابلة للتبديل، وأتاري E.T ذي السمعة السيئة التي يعتقد الكثيرون أنها كانت السبب وراء انهيار ألعاب الفيديو عام 1983، وتُعرف باسم "صدمة أتاري".
ووجه المعرض تحية خاصة عبر جناح يحتفي بشركة صخر التي أسسها رجل الأعمال الكويتي محمد الشارخ (1942 - 2024) أحد أبرز الروّاد العرب في مجال الحوسبة وتطوير البرمجيات. بالرغم من أن الشارخ لم يصنع ألعاب فيديو تقليدية، فإن شركة صخر أنتجت ألعاباً تعليمية موجهة للأطفال.
وفي الجناح ألبوم صور استعير من عائلة الشارخ، ويلخص سيرة ظهور أول جهاز حاسوب منزلي عربي مطلع الثمانينيات، وهو حاسوب "صخر" الذي أنتجته شركة "العالمية"، وأحدث ثورة في مجال الحوسبة في العالم العربي. عمل "صخر" بنظام MSX المعرّب. وقد استعان محمد الشارخ في مشروعه بمهندس الكمبيوتر المصري نبيل علي، وأثمر هذا التعاون إنتاج كمبيوتر صخر، الذي جاء ملبياً احتياجات الأسرة العربية، وأصبح وسيلة للترفيه والتثقيف.
يمر مشاهدو المعرض بالمقتنيات الصلبة وشاشات العرض الرقمية، ويتعرفون إلى أصحابها وذكرياتهم التي تشكّل جوهر الحياة الاجتماعية والثقافية، وهي ليست مجرد لحظات عابرة، بل توثق مراحل من الحياة تظهر كيف عاش الناس، وكيف تطورت المجتمعات وتحاورت أجيالها.
عبر هذه السنوات الـ12 الماضية، طرأت تحولات في ثقافة الاقتناء عند القطريين والمقيمين في قطر، من الشكل التلقائي المحتفظ بالقطع إلى تطوير عملية الاقتناء والانتباه إلى فعالية جديدة، تقضي بظهور هذه الأشياء في حيز عام.
ويساهم مع تجارب أخرى في توليف سردية من مذكرات مجتمع في فترة من الزمن تعود لبضعة عقود إلى الوراء، حتى تكتسي زمنياً قيمتها التاريخية، مثلما تكتسي قيمتها من دورها في الجماعة والفرد.