ماكرون يواجه انتقادات بعد تحذيره من "موجة هجرة أفغانية"

18 اغسطس 2021
إدانات لعبارات ماكرون من فرنسا والعالم (ستيفاني دي ساكوتان/فرانس برس)
+ الخط -

أثارت كلمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن تطورات الوضع في أفغانستان، ليل الاثنين، جدلاً واسعاً في فرنسا، بسبب تحذيره مما أسماها "موجات الهجرة غير النظامية الكبيرة" التي قد تواجه فرنسا والاتحاد الأوروبي بعد استعادة حركة "طالبان" السيطرة على أفغانستان.

تلك الجمل القصيرة التي قالها ماكرون في خطاب متلفز، كانت كافية لحدوث سيل من الانتقادات، فتصدّر وسم "إيمانويل لوبان" #EmanuelLePen مواقع التواصل الاجتماعي، في إشارةٍ إلى تشابه خطابه مع خطاب زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان بشأن الهجرة والمهاجرين.

وقال ماكرون إنّ "أوروبا لا تستطيع بمفردها تحمّل عواقب الوضع الراهن" في أفغانستان، لكنه أكد في الوقت نفسه أنّ "فرنسا تقوم وستواصل القيام بواجبها لحماية أولئك الأكثر عرضة للتهديد"، في إشارة إلى المدنيين المتعاونين مع القوات الفرنسية في أفغانستان.

حملة الانتقادات لتصريحات ماكرون شارك فيها سياسيون من أحزاب اليسار، أبرزهم المرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عن حزب "الخضر" يانيك جادو. إذ قال في تغريدة على "تويتر": "مذهول مما قاله ماكرون، من إعلانه أن النساء والرجال والأطفال الفارين من جحيم طالبان يشكلون تهديداً. يمكن فرنسا والاتحاد الأوروبي القيام بما هو أفضل قبل أن يصبح هؤلاء ضحايا أو حتى لاجئين".

من جهته، اتهم النائب عن حزب "الخضر" ماتيو أورفولان، ماكرون، بأنه يثير "التباساً بين اللجوء والهجرة غير النظامية". كذلك ندّد نواب حزب "فرنسا المتمردة" اليساري الراديكالي بتصريحات ماكرون، وقد اتّهم النائب أدريان كاتين رئيس الدولة بـ"تقزيم فرنسا". ووصفت عضو مجلس الشيوخ الاشتراكية لورانس روسينيول تصريحات ماكرون بأنها "مخزية".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

من جهتها، قالت الاشتراكية ومقدمة البرامج الفرنسية سابقاً، أودري بولفار، إنّ كلام ماكرون يشبه كلاماً قاله الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي ضد المهاجرين. وأضافت في تغريدة على "تويتر": "بالأمس فرّ السوريون من نظام الأسد الفاشي، فوصفهم ساركوزي بتسريب مياه يغزو منزلنا. اليوم يفرّ الأفغان من نظام طالبان الفاشي، فيصفهم ماكرون بمهاجرين غير شرعيين".

وغردت الوزيرة السابقة نجاة بلقاسم: "لكن لماذا هذه الكلمات؟! هل هذا ما أصبحت عليه السياسة؟ تكتيكية وجليدية في ذات الوقت، مراراً وتكراراً، بغضّ النظر عن الظروف المؤلمة؟".

ومع انطلاق السجال حول تصريحاته، أعرب ماكرون، ليل الاثنين، عن أسفه "لمحاولات البعض تحريف" ما قاله. وردّت الرئاسة الفرنسية على الانتقادات الموجّهة إلى ماكرون، في بيان جاء فيه: "ليس لدينا ما يدعو إلى الخجل، لأننا من البلدان الأكثر استقبالاً للأفغان والأكثر حماية لهم".

وغرّد إدوارد سنودن، الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية، والملاحق قضائياً في بلاده بتهمة تسريب تفاصيل برنامج تجسّس، قائلاً: "لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً، أليس كذلك؟ هل هو خطأ في الترجمة؟ هذا يبدو فظيعاً وكأنه أولوية ماكرون، بينما طالبان في خضم عمليات انتقامية من الباب إلى الباب، لتغطية جناحه في بعض الانتخابات، لا إنقاذ الأرواح".

وكتب الناشط الفرنسي بنجامين لوكاس على "تويتر": "فخامة رئيس الجمهورية، لم نعرقل اليمين المتطرف في 2017 لكي تستخدموا أقواله، ولا سيما في مواجهة مثل هذه الدراما، مثل هذه المعاناة. في هذا الخطاب هناك مكونات الفكر البغيض".

ونشرت منظمة "العفو" الدولية تغريدةً تعيد التأكيد أنّ طلب اللجوء حق.

ومنذ سيطرة "طالبان" على الحكم في أفغانستان، وبثّ مشاهد محاولة المدنيين التعلق بالطائرات من أجل الهروب من البلاد، استعاد السياسيون أزمة الهجرة عام 2015، محذرين من تكرارها بسبب الأحداث الأخيرة في أفغانستان، فطغى حديث الهجرة على حديث السياسة وأسباب ما يحصل.

وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية قد قالت في عددها الصادر، يوم أمس الثلاثاء، إنّ دولاً أعضاءً في الاتحاد الأوروبي أوقفت الإعادة القسرية لطالبي اللجوء الأفغان الذين رُفضت طلباتهم بسبب الوضع الأمني في البلاد، لكن دولاً أخرى قالت إنها تريد الاستمرار في تنفيذها.

وقبل أيام، سرّبت وسائل إعلام بلجيكية رسالة موقعة من قبل وزراء داخلية، ووزراء مسؤولين عن الهجرة في ست دول أوروبية هي النمسا والدنمارك واليونان وألمانيا وهولندا وبلجيكا، وُجِّهَت إلى المفوضية الأوروبية، في 5 أغسطس/آب الحالي، برر الموقعون عليها ضرورة "الحاجة الملحة" لتنفيذ عمليات إعادة الأفغان المرفوضة طلبات لجوئهم إلى بلادهم، والتنفيذ الكامل للإعلان المشترك بشأن الهجرة الموقَّع مع الحكومة الافغانية في كابول في شهر إبريل/نيسان الماضي.

وفي أول تحرك على الأرض، أعلن قائد الجيش الفرنسي تييري بوركار، الثلاثاء، إجلاء نحو 40 فرنسياً وأوروبياً من كابول. وقد حُشدَت طائرتان عسكريتان للقيام بالمهمة "تمكنت الأولى من الهبوط في كابول (الاثنين) ونقلت الجزء الأول من الرعايا الفرنسيين والأوروبيين إلى دولة الإمارات"، وفقاً لرئيس الأركان.

وأضاف بوركار أنه "لا يزال هناك بضع عشرات من الرعايا الفرنسيين" الذين يجب إجلاؤهم. وتابع: "ثم هناك وضع الأفغان، ولا سيما الذين عملوا مع الجيش الفرنسي ومع القوات الفرنسية في أفغانستان، والذين من واجبنا تقديم المساعدة لهم" من دون أن يقدم رقماً محدداً.

المساهمون