من تونس هذه المرة، حاول المخرج فيليب أسمر العمل على تجديد خطوط عمله الدرامي "للموت"، بعد الجزء الأول الذي أخرج شخصيتي سحر (ماغي بو غصن) وريم (دانييلا رحمه) إلى الضوء، بعد تعديلات طاولت المسلسل، منها اسمه، إذ كان "الجوزاء".
تبدو محاولة أسمر بالسفر إلى تونس ذكية، إذ أضفت بعداً جديداً على الأحداث التي تعيد نفسها، إنما بوضع خطوط إضافية لساحات مواجهة ريم وسحر. عوالم جديدة لم تتفادَ مجموعة أخطاء ظهرت في الحلقات الأولى، كمحاولات المداهمة، وأفراد عناصر الشرطة الذين يتحدثون بلهجة سورية أو لبنانية بدلاً من التونسية. السؤال الأهم، في ما يخص الجزء الثالث، يتمحور حول الخروج عن الواقع: ما هو معيار اختيار تونس تحديداً وتصوير كل هذا الفساد هناك؟
نجح أسمر في رسم خط سوري جديد، واختار لهذا الغرض كلا من فايز قزق ويامن حجلي ومهيار خضور، في استنهاض صورة بدت أفضل حالاً من الجزء الثاني. صورة لواقع آخر لا يخلو من الفساد، ويبحث عن ضحايا ليوقعهم في شركه.
أدركت ماغي بو غصن ما تريده في الجزء الجديد، لتمسك بزمام اللعبة بطريقة سلسة، وكذلك دانييلا رحمه التي لا تزال تحافظ على مستوى جيد في طريقة تعاملها مع خطوط اللعبة التي كتبتها ندين جابر.
الأخيرة لم تكتف بامرأتين هذا الموسم، بل اعتمدت على حضور ورد الخال، لتلعب دور زعيمة المافيا كرمى التي توقعها الصدفة في شرك سحر وريم، وربما العكس صحيح. تحاول الخال التغلب على نفسها من خلال صورتين؛ الأولى تقول إنها عازفة بيانو وموسيقية شغوفة، لكنها مجرمة وقاتلة، لا تعترف بشيء، بل تسعى لجمع المال بشتى الوسائل من تهريب المخدرات وتبييض الأموال.
ما يؤخذ على المخرج فيليب أسمر هو عدم الوقوف على التفاصيل الخاصة بشخصية ورد الخال، كونها أصبحت تشكل ضلعاً ثالثاً مع سحر وريم. ويمزج أسمر بين الحرفية والشر في شخصية الخال بطريقة تبدو سوريالية إلى حد ما، كأن تشاهد جريمة قتل مباشرة على هاتفها الشخصي، وهي تعزف بدم بارد على البيانو. ربما لا يمكن أن يتماشى الإحساس المفعم بالموسيقى مع أداة القتل بيد زميلتيها ريم وسحر. وكان ينقص الخال مزيد من الانفعال، أو تغليب إشارات الشر ترافقاً مع العزف.
أما عن حضور الحي الشعبي، فالواضح أن ندين جابر لم تعط هذا الحيز ما يستحق، فظهر بارداً رغم انشغال ساكنيه بدار أيتام أنشئت داخله بدعم من سحر وريم، وتديره حنان (رندة كعدي).
قد تحمل الحلقات المقبلة ما يمكن أن يسجل كإضافة إلى مشروع مسلسل استُنزفت أحداثه من الجزء الأول إلى الثالث، لكن محاولات أسمر تنعشه في كل مرة، وتحمل ما هو جديد.
