للعزف تأثيرٌ رائعٌ أيضاً في مُشاهِد فيلمٍ

16 سبتمبر 2024
غبريال يارد: مُشاركة في صُنع فيلم لا تأليف موسيقاه فقط (لورانت كوفِّل/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الموسيقى في السينما ليست مجرد لحن، بل تُكمل النص السينمائي وتواكب مشاعر الشخصيات، ويصرّ المؤلفون الموسيقيون على قراءة السيناريو قبل التأليف.
- تساؤلات حول تأثير الموسيقى على العازفين والعازفات، وهل يشاهدون الأفلام التي يعزفون موسيقاها ويتأثرون بها، أم يكتفون بأداء مهني فقط.
- عبقرية التأليف الموسيقي تبرز في ألحان تُسمع أثناء مشاهدة الأفلام، وتُطرح تساؤلات حول تأثيرها على المشاهدين، مع تحية للعازفين الذين يضيفون جمالاً للأفلام.

 

للموسيقى في السينما دورٌ، يُفترض به ألّا يؤثِّر عاطفياً، مباشرة وبشكل مجاني، على المُشاهِد. القول بممارسة تأثير كهذا يلتزمه أناسٌ يدّعون فهماً بالسينما ومفرداتها ولغتها، لكنّهم فاشلون في صُنعها. بعض هؤلاء يشتغل في مجال الموسيقى، وله أعمال منها للسينما.

للموسيقى حضورٌ، يكون أحياناً عدّة دوراً لا مجرّد لحنٍ أو نغمةٍ؛ أو تعبيراً يُكمِل شيئاً من النصّ السينمائي، أو يواكب فعلاً أو شعوراً أو حالة أو تفكيراً لشخصية. مؤلّفون موسيقيون عديدون يُصرّون على قراءة السيناريو لتأليف موسيقى فيلمٍ، إذْ يرون ذلك مشاركةً في صُنعه منذ البداية، وموسيقاهم جزءٌ منه، ويرفضون التأليف بعد انتهاء التصوير. هذا يقوله الموسيقيّ غبريال يارد، في حوار لي معه ("السفير" اللبنانية، 16 مارس/آذار 1994).

هذا مُتداول. المطروح هنا مختلفٌ، إذْ تُلحّ أسئلةٌ عن عازفين وعازفات في فرق موسيقية، تعزف ألحاناً مؤلَّفة لأفلامٍ: هل يُشاهِد هؤلاء أفلاماً يُشاركون في عزف موسيقاها؟ هل يستمعون لاحقاً إلى ألحانٍ يعزفونها؟ هل يتأثّرون بإنجازٍ لهم/لهنّ، في مُشاهدتهم هذا الفيلم أو ذاك، أو في استماعهم هذه المقطوعة أو تلك، وهم/هنّ مشاركون في عزفها؟ أمْ أنّهم/أنهنّ مكتفون بوظيفةٍ يؤدّونها بحِرفية ومهنيّة وإبداع، فقط؟

تساؤلات غير معنيّة بالمؤلّف/المؤلّفة الموسيقي، أو بالمايسترو مثلاً. عبقرية التأليف ماثلةٌ في ألحانٍ جمّة، تُسمَع لحظة مُشاهدة فيلمٍ، أو مقاطع منه بين حين وآخر، أو تُسمَع بعيداً عن السينما. ولأنّ في ألحانٍ كثيرة بهاءً يصعب التعبير عنه أحياناً، تُطرح تساؤلات كهذه، تحيةً لعازفين وعازفات يترجمون الألحان إلى مقطوعات باهرة، فيزداد الفيلم جمالاً، غالباً.

الواجهة معقودةٌ دائماً على من يؤلّف الموسيقى. الإيطالي إنّيو مورّيكوني أحد أبرز هؤلاء، وأكثر من يُذكَر وتُسمع ألحانه، خاصة في "الطيّب، الشرير والقبيح" (1966) و"حدث ذات مرة في الغرب" (1968) لمواطنه سيرجيو ليوني. موسيقى المشهد الأخير في "آخر الموهيكان" (1992) للأميركي مايكل مان محفورةٌ في وجدان فرديّ، واستعادتها مراراً غير مانعةٍ تمتّعاً بها، وبالمشهد نفسه، وبالفيلم أساساً: تريفور جونز (جنوب أفريقيا) والأميركي راندي إدلمان. للمخرج الأميركي نفسه فيلمان يصعب نسيانهما، ونسيان موسيقاهما أيضاً: "حرارة" (1995) وCollateral. موسيقى الأول للأميركي إيليوت غولدنتال، وموسيقى الثاني (2004) لمواطنه جيمس نيوتن هاورد.

لكنّ المسألة برمّتها تتعلّق بعازفين وعازفات، يستحيل ذكر أسمائهم في مقالةٍ، مع أنّهم صانعو بهجةٍ ومتعةٍ، عند مشاهدة فيلم، أو الاكتفاء بسماع موسيقى فيلمٍ يعزفونها. يُمتّعون مُشاهداً/مستمِعاً بعزفٍ ترسخ موسيقاه في ذاته. يُشاركون في "كتابة" فيلمٍ، بالصُور والألحان، فتكون في الذات بهجةٌ ومتعةٌ، غالباً.

فهل يُدرك هؤلاء، فعلياً، ما يفعلونه في ذاتٍ وروحٍ وانفعالٍ، وفي تفكير وتأمّل أيضاً؟

المساهمون