يترقب العالم نتائج مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021، "كوب 26" الذي بدأ أعماله في غلاسكو البريطانية يوم أمس، مثلما ترقّب كثيراً مؤتمرات سابقة بلا آمال كبيرة.
وفي العادة، ينتظر الناس مخارج من أكثر المسهمين في إفساد المناخ، وهم دول قمة العشرين ذات الصناعات الهائلة، دون أن يأخذوا بالحسبان ملفاً آخر يبدو غريباً، وهو التلوث الناجم عن منصات البث الكبرى.
ووفق صحيفة "ذا غارديان" فإن البصمة الكربونية التي ينتجها المعجبون الذين يشاهدون لمدة شهر أفضل 10 برامج تلفزيونية عالمية على "نتفليكس" تعادل قيادة سيارة من الأرض إلى ما أبعد من كوكب زحل.
وتعرف "البصمة الكربونية" بأنها إجمالي الغازات الدفيئة الناتجة عن الانبعاثات الصناعية، أو الخدمية، أو الشخصية.
خذ، مثلاً، "يوتيوب" أكبر موقع مشاركة الفيديو في العالم. إنه مسؤول عن انبعاث ما يكفي من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، بما يتجاوز إنتاج غازات الاحتباس الحراري المكافئ في غلاسكو.
وفي حين أن الكثير من تركيز النشطاء ينصب على القطاعات التي ينبعث منها ثاني أوكسيد الكربون، مثل الطيران، والسيارات، والغذاء، فإن شعبية الخدمات التي تقدمها منصات مثل "ديزني +" و"نتفليكس" تثير تساؤلاً حول مدى هذه الأضرار في حق كوكبنا.
ويتطلب كل نشاط من قبل البث التدفقي استخدام مراكز بيانات ضخمة، ونقلها عبر شبكة "واي فاي"، وتقنية "النطاق العريض" (برودباند) إلى مشاهدة المحتوى على الجهاز- يتطلب كهرباء، يتم توليد معظمها عن طريق انبعاث غازات الدفيئة.
يقول دوم روبنسون، مؤسس Greening of Streaming، وهي هيئة ناشئة تهدف إلى معالجة تأثير الطاقة في قطاع البث "من الغريب أن التأثير البيئي هو قصة حديثة العهد في صناعة البث المباشر"، مضيفاً "يتحدث الناس عن الاختناقات في حركة المرور على الإنترنت بسبب الطلب المتزايد على خدمات البث والألعاب، ولكن يتعلق الأمر، في الواقع، بالطلب المتزايد على إمدادات الطاقة".
بدورها، قدرت "نتفليكس" أن ساعة واحدة من البث، بواسطة مستخدم واحد على منصتها تنتج "أقل بكثير" من 100 غرام من مكافئ ثاني أوكسيد الكربون (CO2e)، وهي وحدة قياس تشير إلى البصمة الكربونية.
وبشكل أكثر تحديداً، تقول منظمة "كربون تراست" إن المتوسط الأوروبي هو 55 إلى 56 غراماً من مكافئ ثاني أوكسيد الكربون لكل ساعة من بث الفيديو. وهذا يعادل القيادة لمسافة 300 متر في السيارة.
وشهدت "نتفليكس" مؤخراً نجاحات كبيرة في ساعات المشاهدة، وهو مستوى قالت الأسبوع الماضي إنها تعتزم إدامته. وذكرت أن المشجعين سجلوا أكثر من ستة مليارات ساعة في مشاهدة أفضل 10 عروض، والتي تضمنت مسلسلات مثل "لعبة الحبار"، و"أشياء غريبة" و" بريدجيرتون"، وهذا يعادل حوالي 1,8 مليار كيلومتر من السفر في سيارة، بناءً على تقدير كربون تراست، المكافئ التقريبي للمسافة الحالية بين الأرض وزحل.
وبالنسبة إلى موقع "يوتيوب"، حسب تقرير صادر عن باحثين في جامعة بريستول، استناداً إلى تقديرات استخدام موقع البث في عام 2016، فإن مشاهدة مقاطع الفيديو ينتج عنها أكثر من 11 مليون طن سنوياً من مكافئ ثاني أوكسيد الكربون، على غرار مدينة بحجم غلاسكو أو فرانكفورت.
ونظراً إلى أن "يوتيوب" كان لديه 1,4 مليار مستخدم في ذلك العام، ولديه الآن أكثر من 2,4 مليار مستخدم على مستوى العالم، فإن البصمة الكربونية للشركة ستكون أكبر بشكل ملحوظ اليوم.
وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت "نتفليكس" عن هدفها للوصول إلى صافي انبعاثات غازات الدفيئة إلى الصفر بحلول نهاية عام 2022.
تقرير: مشاهدة مقاطع الفيديو على "يوتيوب" ينتج عنها أكثر من 11 مليون طن سنوياً من مكافئ ثاني أوكسيد الكربون، على غرار مدينة بحجم غلاسكو أو فرانكفورت
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب تطلعات مماثلة صديقة للمناخ أعلنتها في السنوات الأخيرة شركات وادي السيليكون الكبيرة مثل "مايكروسوفت" و"آبل" و"فيسبوك"، وفي بريطانيا وعدت شركات مثل "بي تي" و"بي بي سي" بالوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2030.
يقول روبنسون إن مثل هذه الاستراتيجيات يجب أن تتضمن تخفيضات كبيرة في الانبعاثات، بدلاً من مجرد الاستثمار في المشاريع الخضراء إذا كانت ستحقق الحياد الكربوني.
ويضيف "أصبح صافي الصفر هو الوضع الجديد لتعويض ضريبة الكربون، حتى أتمكن من القول: هذه ليست مشكلتي. يجب أن يكون هناك تخفيض يتم هندسته داخل الشركات، وليس مجرد خدعة محاسبية، لإحداث فرق"، كما يقول.