استمع إلى الملخص
- **خطة كامالا هاريس لقطاع التكنولوجيا**: هاريس تعهدت بتوسيع الوصول إلى رأس المال لرواد الأعمال وحماية الأصول الرقمية، مع التركيز على الخصوصية ومكافحة الاعتداء الجنسي عبر الإنترنت بدلاً من مكافحة الاحتكار.
- **مواقف متناقضة من قطاع التكنولوجيا**: هاريس تنقلت بين دعم وتحدي قطاع التكنولوجيا، وركزت على خصوصية البيانات وقوانين الذكاء الاصطناعي، مما نال إعجاب رؤساء شركات التكنولوجيا.
كشفت صحيفة واشنطن بوست، في تقرير صادر الثلاثاء، أنّ عدداً من المستشارين الأساسيين في الحملة الانتخابية لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس يعارضون سياسة الرئيس الحالي جو بايدن القائمة على تقييد عمل كبرى شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة. في السابق، لعبت شخصيات مهمة في وادي السيليكون دوراً رئيسياً في دعم مسيرة كامالا هاريس السياسية، من منصب المدعي العام في سان فرانسيسكو وصولاً إلى البيت الأبيض في واشنطن. أما حالياً، فيضم فريقها عدداً من المسؤولين الذين سبق لهم العمل في شركات مثل "غوغل" و"أوبر" و"ميتا".
هذا الأسبوع، من المقرر أن يشارك مديرون تنفيذيون ورواد أعمال في حفل غداء يقام في كاليفورنيا تحت عنوان "نساء وادي السيليكون"، والذي يهدف إلى جمع التبرعات لصالح حملة هاريس. يأمل هؤلاء في أن تعيد علاقاتهم الوثيقة بالمرشحة قطاع التكنولوجيا إلى الأيام الرغيدة التي عاشها في حقبة الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما.
من جهة أخرى، تثير علاقة هاريس بالقطاع مخاوف بين بعض الديمقراطيين، الذين يرون أنّ نهج عدم التدخل الذي اتُبع في فترة أوباما، سمح لعمالقة الصناعة بتحطيم منافسيهم وتقويض خصوصية المستهلك من دون رادع. كما يخشى هؤلاء أن تتخلى مرشحتهم عن الموقف العدواني الذي اتخذه الديمقراطيون تجاه القطاع خلال السنوات الثماني الماضية.
منذ وصول بايدن إلى الحكم، وجّهت أجهزة الحكومة الأميركية انتقادات واسعة لعمالقة التكنولوجيا مثل "غوغل" و"أمازون" و"ميتا"، واتخذت بحقها إجراءات إدارية وقانونية بناءً على مزاعم بانتهاكهم قوانين مكافحة الاحتكار وإيذاء المستهلكين بشكل غير قانوني. لاقت هذه القرارات ترحيباً كبيراً من منتقدي قطاع التكنولوجيا، الذين يضمون في صفوفهم العديد من الديمقراطيين.
بحسب "ذا واشنطن بوست"، من المتوقع أن تفرض هذه التناقضات على حملة هاريس محاولة السعي للموازنة بين مصالح داعميها القدامى في وادي السيليكون من جهة، والغضب العام من قوة شركات التكنولوجيا من جهة أخرى.
تباينات مع سياسة بايدن
في مثال واضح على التباينات الحالية، تقود مستشارة هاريس الرئيسية، كارين دان، فريق دفاع "غوغل" ضد إدارة بايدن في محاكمة حول انتهاك قوانين الاحتكار، من المقرر أن تنطلق في 9 سبتمبر/أيلول الحالي.
مع العلم أن دان برزت كواحد من أكثر مستشاري هاريس نفوذاً في الأيام الأولى لإطلاق حملتها الانتخابية، إذ ساعدت المرشحة الديمقراطية على الاستعداد للمناظرات وتشكيل سياساتها ووضع برنامجها الانتخابي.
وانتقدت حملة المرشح الجمهوري دونالد ترامب هذا التعاون، واصفةً إياه بأنّه "تضارب في المصالح". سبق لكبير مستشاري حملة ترامب أن قال في تصريح لشبكة فوكس نيوز: "فكّر في مدى فظاعة هذا الأمر: إدارتهم تقاضي غوغل، لكن هاريس تأخذ المشورة السياسية من محامي المدعى عليه".
بالإضافة إلى دان، تتعاون كامالا هاريس مع عدد من الموظفين السابقين في كبرى شركات وادي السيليكون، ومن أبرزهم مدير الحملة الانتخابية لأوباما، ديفيد بلوف، الذي عمل كمدير تنفيذي للسياسات في "أوبر"، والمدعي العام السابق إريك هولدر جونيور، الذي أجرى عمليات تدقيق لصالح "أوبر" و"مايكروسوفت"، إضافةً إلى صهر المرشحة الديمقراطية، توني ويست، الذي يعمل كمسؤول قانوني رئيسي في "أوبر".
في حفل المؤتمر الوطني الديمقراطي في أغسطس الماضي، أعلنت كامالا هاريس التزامها بتوسيع نطاق الوصول إلى رأس المال لرواد الأعمال في وادي السيليكون، مما اعتبره قطاع التكنولوجيا موقفاً إيجابياً.
بالنسبة لمدير مجموعة شامبر أوف بروغرس الليبرالية، آدم كوفاسيفيتش، طمأنت تصريحات هاريس وفريقها مجموعات التكنولوجيا، على العكس من نهج إدارة بايدن الحالية. قال: "هناك شعور بأنها (هاريس) ستلقي نظرة جديدة على القضايا الراهنة، إنهم لا يلتزمون بما تم القيام به في السابق".
وأشار كوفاسيفيتش إلى أن مستشار المرشحة الديمقراطية، بريان نيلسون، قال خلال المؤتمر إن هاريس تريد رعاية وحماية الأصول الرقمية. وهو ما رآه محاولة من الحملة لاستعادة دعم مدراء شركات العملات المشفرة الذين دعموا ترامب مؤخراً، وسط توترات بينهم وبين رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة غاري غينسلر الساعي إلى تنظيم العملات الرقمية.
خطة كامالا هاريس لقطاع التكنولوجيا
توقّع كوفاسيفيتش أن تركز كامالا هاريس، في حال فوزها بالرئاسة، سياساتها التكنولوجية على القضايا التي روجت لها حين كانت عضواً في مجلس الشيوخ، مثل مكافحة الاعتداء الجنسي عبر الإنترنت والتمييز الرقمي وحماية الخصوصية، بدلاً من التركيز على قضايا مكافحة الاحتكار التي تشغل إدارة بايدن.
وتوسّع النقاش حول موقف المرشحة الديمقراطية من قطاع التكنولوجيا خلال الشهر الماضي، بعد أن دعاها أحد كبار المتبرعين للحزب الديمقراطي والداعم لهاريس، ريد هوفمان، إلى إقالة رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان في حال انتخابها.
وكانت خان قد تحولت إلى رمز للديمقراطيين الليبراليين وحتى جزءٍ من المحافظين المنتقدين لشركات التكنولوجيا العملاقة، باعتبارها قائدة حملة بايدن ضد احتكار الشركات، خاصةً في القطاع التكنولوجي. فيما رأى هوفمان، العضو في مجلس إدارة شركة مايكروسوفت، إنّ خان "لا تساعد أميركا" من خلال "شن حرب" على الشركات.
أثارت هذه التصريحات غضباً في الجناح الليبرالي للحزب الديمقراطي، مما دفع جماعات المستهلكين إلى مراسلة هاريس وحثّها على الالتزام علناً بخان.
وقال كبير فريق موظفي السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن من ماساتشوستس، دان غيلدون: "بعض المليارديرات غاضبون لأنهم يفضلون أن يتمكنوا من خرق القوانين دون مساءلة. كما أشار موظف لم يكشف عن اسمه في حملة هاريس لشبكة سي إن إن إنهم لم يجروا أي مناقشات حول استبدال خان حالياً، فيما لم تصدر المرشحة أي تعليق علني حول القضية.
من جهته، رأى مدير مجموعة المناصرة ريفولفينغ دور، جيف هاوزر، إن تصريحات هوفمان قد تتحوّل إلى اختبار حاسم لهاريس، لأنها في حال أقالت خان "ستبدو كما لو أنه تم شراؤها من قبل ريد هوفمان وحفنة من القِلة الحاكمة في قطاع التكنولوجيا".
مواقف متناقضة من قطاع التكنولوجيا
خلال عملها مدعية عامة في ولاية كاليفورنيا، ضغطت هاريس على شركات التكنولوجيا لتوسيع نطاق حماية خصوصية البيانات وعملت مع المنصات الرقمية للحد من الابتزاز الجنسي، لكن تصريحاتها بشأن التكنولوجيا ومكافحة الاحتكار كانت "مشوشة"، وفقاً لـ"ذا واشنطن بوست"، التي رأت أن هاريس تنقلت بين "مغازلة وتحدي قطاع التكنولوجيا طوال حياتها المهنية".
عند ترشحها لانتخابات مجلس الشيوخ عام 2016، حظيت كامالا هاريس بدعم كبار الشخصيات في وادي السيليكون، بما في ذلك هوفمان، ورجل الأعمال رون كونواي، ولورين باول جوبز، أرملة مؤسسة شركة آبل، ستيف جوبز، والذي قاموا بجمع التبرعات لحملتها.
لاحقاً، عند ترشحها للسباق الانتخابي في 2020، قالت هاريس إن الجهات التنظيمية "بحاجة إلى إلقاء نظرة جادة" على تفكيك شركة ميتا. لكن عند سؤالها عن الإجراءات التي يمكن اتخاذها بحق كبرى شركات التكنولوجيا لمكافحة الاحتكار، انتقلت هاريس للحديث عن موضوع خصوصية البيانات، والتي قالت إنها ستكون "أولوية أولى" لها. مع العلم أنّها قضية تحظى بدعم العديد من شركات التكنولوجيا، على العكس من دعاوى مكافحة الاحتكار.
وقال هوفمان، في مقابلة مع "ذا واشنطن بوست": "بعد أن صارت أكثر ارتباطاً بوادي السيليكون خلال السنوات، أعتقد أنها لديها فهم أكبر للسبب وراء تشكيلنا للمستقبل بواسطة التكنولوجيا. ولذلك أعتقد أنها ستكون أكثر إيجابية بشأن القطاع".
فيما رأت إميلي بيترسون كاسين، من مجموعة ديماند بروغرس، التي تراقب عمل الشركات، إن علاقات هاريس بالمانحين "مقلقة للغاية"، لكنها عبّرت عن تفاؤلها بأنّ هاريس ستتمسك بموقف إدارة بايدن الصارم من عمالقة التكنولوجيا.
إثر وصولها إلى منصب نائب الرئيس، لعبت هاريس دوراً مهماً في تنفيذ السياسة التكنولوجية لإدارة جو بايدن، بما في ذلك قوانين للذكاء الاصطناعي، التي تفرض على المطورين اختبار سلامة الجيل التالي من النماذج.
كذلك، سافرت هاريس إلى بريطانيا العام الماضي للترويج لمخاوف الإدارة بشأن الذكاء الاصطناعي. كما أعربت عن مخاوفها من أن تؤدي أنظمة التعرف على الوجوه إلى اعتقالات غير مشروعة أو كيف يمكن استخدام الصور الفاضحة المصطنعة لإساءة معاملة النساء.
خلال خطابها في المؤتمر الوطني الديمقراطي في أغسطس، قالت هاريس إنها "ستتأكد من أننا نقود العالم إلى المستقبل" في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن الولايات المتحدة لا الصين "ستفوز بالمنافسة على القرن الحادي والعشرين". نالت هذه التصريحات إعجاب رؤساء شركات التكنولوجيا، الذين يأملون بدورٍ استشاري أكبر في حال وصولها للحكم.