كارل لاغرفيلد... أن تحوك العالم

22 يوليو 2023
رحل في عام 2019 (كريستي سبارو / Getty)
+ الخط -

كان كارل لاغرفيلد المولود في ألمانيا عام 1933، شخصية مثيرة للاهتمام في مجال صناعة الأزياء العالمية. ويشبّه بعضهم تأثير لاغرفيلد في عالم الموضة بتأثير الفنان الأميركي الشهير آندي وارهول في عالم الفنون المعاصرة، حتى على مستوى المظهر الخارجي. عُرف لاغرفيلد بنظارته الشمسية التي كان يرتديها دائماً وملابسه غير المألوفة، وهو يعد أحد أكثر الشخصيات تأثيراً وإلهاماً في مجال صناعة الموضة العالمية. منذ الخمسينيات، وحتى رحيله في عام 2019، شكل لاغرفيلد الملامح الرئيسية لصناعة الأزياء العالمية من خلال تصميماته المبتكرة لبيوت الأزياء الشهيرة، مثل بالمين وباتو وكلوي وفندي وشانيل، إلى جانب علامته التجارية الخاصة المعروفة باسمه. لأكثر من ستة عقود متواصلة، مثلت مساهمات لاغرفيلد إحدى ركائز الموضة في عالمنا المعاصر، في مسيرة ممتدة وفريدة من نوعها.
احتفالاً بهذا الإبداع الفريد الذي تمثله تجربة لاغرفيلد مع الموضة، أقام متحف متروبوليتان في نيويورك معرضاً تحت عنوان "كارل لاغرفيلد: خط الجمال"، واختُتم قبل أيام. تعمق المعرض بأثر رجعي في مفردات لاغرفيلد الأسلوبية، كما يستكشف العناصر الجمالية التي شكلت رحلته مع الأزياء من الخمسينيات إلى مجموعته الأخيرة في عام 2019. مع عرض ما يقرب من 150 قطعة مصحوبة برسومات لاغرفيلد الأصلية، يقدم المعرض نظرة قريبة على تجربة هذا المصمم المعروف بغزارة إنتاجه، من مساهماته المتنوعة في عالم الموضة وحتى علاقته بعمال الحياكة الذين استطاعوا بمهارة تجسيد رؤيته التصميمية إلى واقع ملموس. هذه العلاقة بين لاغرفيلد وعمال الحياكة المتعاونين معه، هي أحد المحاور الرئيسية التي يسلط المعرض الضوء عليها، إذ كان المصمم الراحل معروفاً بتقديره البالغ لموهبة هؤلاء الحرفيين المهرة. يبرز المعرض المساهمات القيمة لهؤلاء الحرفيين، ويسلط الضوء على أهمية العمل الجماعي والدور الحيوي الذي لعبه هؤلاء المساعدون في مسيرة لاغرفيلد المهنية.
إن إقامة مثل هذا المعرض المتخصص في متحف متروبوليتان بتاريخه العريق، من شأنها أن تضفي مزيداً من الجاذبية والإثارة التي تحيط بهذا الحدث، فطبيعة المتحف التي تحتفي بالممارسات الفنية البارزة، تبدو خلفية مثالية لتجربة لاغرفيلد؛ هذه التجربة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً، بلا شك، بالتعبير الفني المعاصر ومفرداته.
طور لاغرفيلد خلال حياته المهنية العديد من الأساليب الجمالية المميزة التي أصبحت مرادفة لتصاميمه. يبرز المعرض هذه الأنماط الأسلوبية المتنوعة بدقة، ويوفر للزوار فهماً شاملاً لأسلوب لاغرفيلد الخاص في تصميم الأزياء، من نهجه المبتكر في الحياكة، وميله لاستخدام الأقمشة الفاخرة، إلى افتتانه بالأنسجة المتباينة وأسلوبه في الجمع بين الألوان المُشرقة والداكنة. إلى جانب القطع الأيقونية ذات الشهرة العالمية، يكشف المعرض كذلك عن إبداعات أخرى أقل شهرة، ما يوفر منظوراً جديداً لمجموعة لاغرفيلد المتنوعة، ويبرز قدرته على تخطي الحدود باستمرار، وحتى إعادة اكتشاف نفسه.

بدأت رحلة كارل لاغرفيلد إلى عالم الموضة في سن مبكرة، عندما انتقل من موطنه الأصلي ألمانيا إلى باريس في عام 1952. وسرعان ما حظيت موهبته الرائعة باهتمام كبير من قبل بيوت الأزياء في العاصمة الفرنسية. تعاون لاغرفيلد مع العديد من دور الأزياء المرموقة، غير أن فترة عمله في العلامتين الشهيرتين فندي وشانيل كانت فارقة إلى حد كبير في مسيرته المهنية. استطاع لاغرفيلد في هذه الفترة إثبات نفسه حقًاً كقوة ذات رؤية متفردة في صناعة الأزياء، حيث أعاد تعريف كلا العلامتين التجاريتين، وساهم بقدر كبير في احتلالهما لهذه المكانة المرموقة في عالم الموضة. 
يتمثل أحد أبرز السمات التي كان يتمتع بها كارل لاغرفيلد، في موهبته الفريدة في المزج المتناغم بين العناصر الكلاسيكية والابتكار المعاصر.

كما تبرز قدرته اللافتة كذلك على تكييف تصميماته لتعكس روح كل بيت أزياء كان يعمل لصالحه، من الأناقة الفاخرة لشانيل إلى الخطوط المعاصرة لفندي. ساهم لاغرفيلد في دفع حدود الموضة التقليدية، ووضع خلال مسيرته معايير جديدة للأناقة والرقي في عالمنا المعاصر. 

المساهمون