قانونان أوروبيان يحاصران عمالقة التكنولوجيا

06 يوليو 2022
أشاد تييري بريتون بريادة الاتحاد الأوروبي في هذا المجال (تييري موناس/Getty)
+ الخط -

وافق المشرعون الأوروبيون على قانونين من التنظيم الرقمي، ما يمهد الطريق لصدامات بين المنظمين وبعض أكبر شركات التكنولوجيا في العالم. إذ صوّت البرلمان الأوروبي، يوم الثلاثاء، بالموافقة على القانونين - أحدهما يركز على الممارسات التي تعرقل المنافسة، والآخر على المحتوى الذي يعتبر غير قانوني في أوروبا - بعد التوصل إلى اتفاق بشأنهما مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال الربيع.

القانونان، المدعومان بالتهديد بغرامات في حال عدم الامتثال قد تصل إلى 20 في المائة من العائدات السنوية لشركة ما في أنحاء العالم كافة، يعدّان أكثر الجهود جدية في الغرب لكبح جماح شركات التكنولوجيا. يبني القانونان على جهود الاتحاد الأوروبي لتوسيع دوره كمنظم عالمي للتكنولوجيا، ويوفران ما يقول المؤيدون إنها خريطة طريق للتشريعات الرقمية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.

وقال مفوض السوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي تييري بريتون إنّ "الاتحاد الأوروبي أول سلطة قضائية في العالم تضع معياراً شاملاً لتنظيم الفضاء الرقمي". بدورهم، قال محامون وخبراء في السياسة الرقمية إنّ القواعد الجديدة يمكن أن تكون معياراً عالمياً لتنظيم التكنولوجيا. إذ قدم المشرعون في الولايات المتحدة، من كلا الحزبين الرئيسيين، مشاريع قوانين تتضمن عناصر موجودة في قانون الأسواق الرقمية للاتحاد الأوروبي، تهدف إلى كبح السلوك المناهض للمنافسة من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى.

سيفرض قانون الأسواق الرقمية التزامات جديدة على كيفية عمل عدد صغير من الشركات الرقمية العملاقة، وسيتضمن قواعد تنظيم التعامل مع الرسائل عبر الإنترنت والإعلان الرقمي ونظام التطبيقات. أما قانون الخدمات الرقمية فسيتطلب من منصات وسائط التواصل الاجتماعي الضخمة اتخاذ خطوات للتعامل مع المحتوى غير القانوني والمؤذي، وسيمنح المستخدمين وسيلة لتسجيل شكاواهم حول الإشراف على المحتوى.

من المتوقع أن يدخل قانون الأسواق الرقمية حيز التنفيذ في الأشهر المقبلة، لكن يرجح أن يستغرق الأمر حتى عام 2024 قبل أن يلتزم عمالقة التكنولوجيا بقواعده. ويُنتظر تطبيق قانون الخدمات الرقمية على الشركات الخاضعة للتنظيم كلها اعتباراً من يناير/ كانون الثاني عام 2024، رغم أنّ الاتحاد الأوروبي أكدّ أنّ القواعد ستسري قريباً، وربما بحلول منتصف عام 2023، على أكبر المنصات ومحركات البحث عبر الإنترنت.

وأضاف بريتون في تدوينة، الثلاثاء، أن المسؤولين يشكلون فرقاً تركز على الجوانب الاجتماعية والتقنية والاقتصادية للتشريع الجديد، ويعتزمون تعيين المزيد من الموظفين العام المقبل وفي 2024.

إلى ذلك، بدأت شركات التكنولوجيا بالتفكير في كيفية تطبيق القانونين. قدمت بعضها أوراق سياسات مفصلة إلى المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للكتلة التي ستكون مسؤولة عن متابعة تنفيذ القواعد التي تشمل أكبر الشركات، لاقتراح أي من خدماتها - أو منافسيها - تعتقد أنها يجب أن تخضع لمتطلبات قانون الأسواق الرقمية، وفق ما قال أشخاص مطلعون على الأمر لصحيفة وول ستريت جورنال.

وعلى العلن، كانت شركات التكنولوجيا حذرة تجاه القواعد أو داعمة لها. على سبيل المثال، أعلنت "ميتا"، الشركة الأمّ لـ"فيسبوك" و"واتساب" و"إنستغرام"، الثلاثاء، أنها ستعمل مع المنظمين للامتثال للقواعد الجديدة. وصرحت شركة أمازون بأنها تقيّم ما سيترتب عليها جرّاء الامتثال لقانون المنافسة الرقمية، وأنها ملتزمة بتقديم الخدمات ضمن البيئة التنظيمية لأوروبا. ورحبت شركة تويتر بتركيز الاتحاد الأوروبي المتزايد على ما وصفته بالمساحات الرقمية الأكثر صحة.

لكنّ بعض الشركات المستهدفة بالقوانين الجديدة سلطت الضوء على مخاوفها بشأن أحكام محددة تقول إنها ستكون مرهقة أو قد تكون لها عواقب غير مقصودة. صرحت شركة آبل، في مارس/ آذار الماضي، بأنها قلقة من أنّ بعض الأحكام الواردة في قانون الأسواق الرقمية، التي قد تجبرها على السماح لمتاجر التطبيقات التابعة لجهات خارجية وخدمات الدفع داخل التطبيق على أجهزة آيفون، من شأنها خلق "ثغرات غير ضرورية في الخصوصية والأمان بالنسبة لمستخدمينا"، و"يمكن أن تمنع الشركة من فرض رسوم على ملكيتها الفكرية". ولم تدلِ "آبل" بأي تعليق جديد الثلاثاء.

القانونان يبرزان الكيفية التي تضع فيها أوروبا معياراً لتنظيم عمالقة التكنولوجيا في العالم. إذ أمضى المسؤولون أكثر من عام في التفاوض بشأن الإجراءات التي تمنحهم سلطات جديدة وواسعة النطاق، لاستهداف خدمات عمالقة التكنولوجيا التي تساوي تريليونات الدولارات ويستخدمها المليارات في أنحاء العالم كافة.

المساهمون