فزوان المغربية... قبلة السياحة العلاجية

19 ابريل 2022
تشتهر فزوان بطبق الحلزون كحال مدن وبلدات مغربية أخرى (ماريا كاربونيل باغولا/Getty)
+ الخط -

في الطريق إلى قرية فزوان الواقعة في إقليم بركان، شمال شرقي المغرب، سواء كنت زائراً للمرة الأولى، أو من الذين اعتادوا الذهاب إليها باستمرار، لن يخلو الحديث بين الركاب من القصص التي تمتزج فيها الحقائق مع بعض المبالغات عن الاستشفاء بمياه عيونها الحارة لعدد من الأمراض التي تصيب الكلى والجهاز البولي بالذات. إنها قرية فزوان في شرق المغرب، إذ اشتهرت منذ القدم بعيونها العلاجية، ومياهها المعدنية النادرة التي أعطتها شهرة عالمية تجاوزت حدود المغرب، إذ يتوافد عليها مئات الزوار سنوياً من مختلف الجهات من داخل البلاد وخارجها.
يحكي الشاب سامي تجربته السابقة قبل سنتين مع حصى الكلى، لـ"العربي الجديد" إذ يقول: "ذهبت لفزوان ليوم واحد فقط، وبعد شرب كميات من الماء تم رمي الحصوة والشفاء. وأنا الآن بصحة جيدة، ولم أعد أعاني من أي آلام بالكلية، وتحولت زياراتي إلى رحلة سياحية". وتتحدث فتيحة لـ"العربي الجديد" عن تجربتها، فتقول إنها كانت تعاني من أمراض الكلى، إذْ طلب منها الأطباء الخضوع لعملية جراحية لتفتيت الحصى، لكنها اختارت أن تأتي لفزوان لتمكث بعض الوقت. وبعد مرور عدة أيام كانت تشرب المياه خلالها بانتظام، ولتؤكد أنها تخلصت طبيعياً من سبع حصوات وشفيت تماماً. 
تعددت الحكايات بين الركاب لتكون كفيلة بأن تختصر الوقت حتى الوصول إلى القرية التي يأخذك جمالها وطبيعتها الخاصة من النظرة الأولى: الإبل والخيول مصطفة، وينادي أصحابها على السائحين والسائحات يعرضون عليهم جولة على ظهر إحداها، والتقاط الصور والفيديوهات القصيرة التي تسجل رحلة لن تنسى مع الأزياء التقليدية التي تميز جهة الشرق. وكأنك في عالم آخر حيث الطبيعة البكر والبساطة والجمال الشديد. تكتمل الصورة بمجرد الدخول إلى سوق القرية، حيث محلات الأواني الفخارية المصنوعة من الطين بكل أشكالها وأنواعها وزخرفاتها المتنوعة، من أوانٍ منزلية وطواجن مغربية وقصعات تقليدية، كلها مصنوعة من الطين، ومزينة بأشكال مبهرة. إذْ تعتبر مصدر رزق لشباب المنطقة وخارجها، ولتنشط حركة التجارة جداً بهذه القرية من طرف الزائرين لها للاستجمام والتبضع.
أمام العين، تلتقي "العربي الجديد" بالمسؤول عن هذه الصنابير، محمد، إذْ قال: "بالنسبة للناس التي تتوافد على المنطقة فقد لاحظنا توافداً أكثر من سكان الناظور وسلوان والحسيمة من شمال المغرب، فهم أكثر من سكان بركان وجارتها وجدة رغم أنهم أقرب للمنطقة جداً، فإنّ فئة القادمين من شمال المغرب أكثر، يليهم القادمون من مدينتي الدار البيضاء والرباط وغيرهما".
ولا يمكنك زيارة فزوان من دون أن تأكل فيها طبق الحلزون المعروف والموجود بكثرة في المنطقة، إذْ يُحضَّر بمختلف الأعشاب الطبيعية ذات الفوائد الصحية العديدة والطعم الرائع. وحتى تكتمل متعتك، سيكون في متناولك شاي "الأتاي" المغربي في المقاهي التي تقدمه، وهو المحضر من مياه فزوان العذبة، مما يعطيه مذاقاً رائعاً ومميزاً. وتعج المنطقة كذلك بمختلف أنواع التجارة، إذْ تجد محلات الأعشاب التي تبيع وتقدم كلّ ما هو طبيعي من أعشاب مختلفة، وأيضاً محلات الملابس والإكسسوارات التقليدية بمختلف أشكالها. 
وبالنسبة لمحبي المشغولات الحرفية والأعشاب الطبيعية وكلّ ما هو تقليدي، تعتبر فزوان وجهة رائعة بامتياز. وسواء كانت الزائرة أو السائحة من داخل المغرب، أومن أي دولة أخرى، ومهما كان عمرها فسيكون من الصعب عليها جداً أن تقاوم صوت أمينة وهي واحدة من أشهر النقّاشات في المنطقة، وهي تنادي لتصنع نقوش الحناء الجميلة خصوصاً، وتمتلك الكثير من الأشكال والألوان. تقول أمينة إنها بدأت تلمس زيادة عدد الزائرات والزائرين لفزوان بعد فترة من الركود بسبب كورونا، وتتوقع مواسم قادمة يزيد فيها عملها الذي حققت فيه شهرة كبيرة، وأصبحت تُطلَب بالاسم.

قبل هذه الجولة وبعدها، ستكون وجهتك الرئيسية عين فزوان، والتي تنبع منها المياه الساخنة، وأصبحت الآن في شكل صنابير، إذْ يأتي الناس لملء الجرار والقوارير والبراميل من الماء للشرب. وهناك من يأتي في نهاية كلّ أسبوع، فقط لشرب الماء بكميات كبيرة وأخذه للشرب منه لعدة أيام.

المساهمون