تتكئ فرقة الاستقلال للفنون الشعبية على إرث تراثي كبير، تضمه المدن والقرى الفلسطينية الرازخة تحت ظلم الاحتلال الإسرائيلي، تعيد إنتاجه وتقديمه أينما حلت في المهرجانات العربية والدولية معرّفة بالفن الشعبي الذي يعبر عن معاناة وآلام وأحلام الفلسطينيين أينما ارتحلوا. في لوحات الفرقة الراقصة تعابير تبدأ بالأزياء التي يرتديها الراقصون من الجنسين، ولا تنتهي بالتراويد والأهازيج التي لها ارتباطها الوطيد بالأرض.
يقول رئيس الفرقة محمد قنداح، لـ"العربي الجديد": "تضم الفرقة التابعة لجامعة الاستقلال أكثر من 140 عضواً مشاركاً من كلا الجنسين، ما بين راقص ومطرب وموسيقي. نقدم أعمالاً فنية فلكلورية ومعاصرة، تعبر عن مشاعر وأحاسيس أهلنا في الوطن المحتل، وتساهم في إحداث التغيير في الإنسان والمجتمع من خلال ممارسة فنية جمالية، تمثل جزءاً من التراث الشعبي الفلسطيني، وتعكس التنوع الثقافي والاجتماعي للفرد والجماعة، فهي مرتبطة بعادات وتقاليد وقيم المجتمع الفلسطيني".
تسعى الفرقة، التي تأسست عام 2011، إلى توريث الفلكلور والتراث الشعبي من جيل إلى آخر، خوفاً عليه من الطمس والضياع وحفاظاً على الهوية الفلسطينية في ظل سرقة الاحتلال التراث الفلسطيني ومحاولات نسبه إليه، إضافة إلى نقل هذا التراث إلى المحافل العربية والدولية.
يؤكد قنداح أن الفن الشعبي لا يعرف الفردية، وهو فن الجماهير العريضة، لما فيه من صدق وأصالة تنبع من تاريخ الشعب وقدرته على استخلاص رموزه الثقافية وتطريزها في لوحات جمالية إبداعية على ثوب، يكاد يكون فريداً من حيث الغنى في الرموز والتشكيل الفني والجمالي، وعلى الدور الحضاري الذي تقدمه الفنون الشعبية كلغة تواصل مع الثقافات الإنسانية وتراث الشعوب الحضارية.
وحول مشاركة الفرقة في مهرجان الفحيص الذي اختتمت فعاليات دورته الثلاثين في العاصمة الأردنية عمّان أخيراً، بين قنداح أن الفرقة تسعى لأن تكون فلسطين حاضرة في جميع المحافل والتظاهرات الفنية والثقافية في العالم، بهدف إبراز الهوية الثقافية الفلسطينية ونقل هذا الموروث الثقافي ونشره بين الحضارات، وعلى أهمية التعارف والتعاون ما بين الفرق الدولية المشاركة، وأضاف: "نحن حراس الثقافة والهوية الفلسطينية، ونعمل بكل طاقتنا في مجالنا للتصدي لكل محاولات طمس قضيتنا العادلة، وسط التخاذل والتآمر الدولي على أرضنا وحياتنا وإنسانيتنا ضمن إمكانياتنا".
وشاركت الفرقة في حفل افتتاح المهرجان، وقدمت ثلاث لوحات فلكلورية في الأوبريت الذي حمل عنوان "أرض السلام"، كما قدمت لوحات أخرى ضمن حفلات الفنانين: دلال أبو آمنة، ومحمد عسّاف، وملحم زين، وماجد زريقات، وديانا كرزون ومعين شريف.
المتأمل في لوحات الفرقة التي تعبر عن مشاعر وأحاسيس مبدعيها، يجد في لوحاتها المعنونة بـ"الفلاح والأرض"، و"لوحة العرس الفلسطيني"، و"لوحة الدلعونا وظريف الطول والجفرا والكرادية والطيارة والدحية"، ما يساهم في إحداث التغيير في الإنسان والمجتمع، من خلال ممارسة فنية جمالية متمثلة بالتراث الشعبي الفلسطيني، وتعكس التنوع الثقافي والاجتماعي للفرد والجماعة، فهي مرتبطة بعادات وتقاليد وقيم المجتمع الفلسطيني بشكل خاص، والمجتمع العربي بشكل عام.
ويلفت قنداح النظر إلى دور المرأة البارز في الفرقة قائلاً: "تؤدي السيدات عضوات الفرقة أجمل الرقصات الشعبية الفلكلورية التي تشاركها إلى جانب الرجال، حيث يشكل الرقص لدى المرأة أهمية كبرى في المناسبات، فهو حالة تعبيرية وعاطفية خاصة ترتبط بقيم وعادات موروثة في فلسطين، وكل مجتمع محلي بما يعبر عن ثقافته، لذلك تعبر المرأة، سيدة كانت أو فتاة أو حتى طفلة، من خلال الرقص عما يجيش فيها من مشاعر وتفاعل خصوصاً في الأفراح".
دارت فرقة الاستقلال للفنون الشعبية عواصم العالم معرفة بالفلكلور الفلسطيني، حيث أحيت الفرقة العديد من المناسبات الثقافية والوطنية في فلسطين والأردن وقطر وسلطنة عمان وتركيا والجزائر والعراق والمغرب وفنزويلا والبوسنة وصربيا وبلجيكا وروسيا ورومانيا وجنوب أفريقيا وهولندا والتشيك والسويد وسلوفاكيا وقبرص ودول أخرى كثيرة. يؤكد قنداح: "نطمح لأن نكون أفضل الفرق الشعبية في فلسطين ودول العالم، للتعريف بثقافتنا وفلكلورنا وتمسكنا بالأرض أكثر".