"ع إسمك"... دراما لبنانية بطابع مكسيكي

28 ديسمبر 2020
لأوَّل مرة تُطرح قضية الأم العزباء في الدراما اللبنانية (يوتيوب)
+ الخط -

يُعرَض منذ أسبوعين مسلسل "ع إسمك" من كتابة كلوديا مرشليان وإخراج فيليب أسمر وبطولة كارين رزق الله وجيري غزال وليليان نمري. "ع إسمك" محاولة أخرى من الكاتبة اللبنانية كلوديا مرشليان في اقتحام ما يمكن أن نسمّيه بـ "دراما المناسبات". إذْ إنَّ أجواء أعياد نهاية السنة، هي الخلفية الدراميَّة التي تدور خلالها أحداث المسلسل.

يجري كل ذلك في ظلّ مشكلات مجتمعية كثيرة تعترض طريق المشاركين، والأدوار التي تتداخل في شرك البحث عن المرفأ الإنساني الآمن. "جود" (تؤدّي دورها كارين رزق الله) هي ابنةُ ثريّ لبناني نافذ. تغادرُ كل من والدتها وشقيقتها الحياة إثر الإصابة بسرطان الرحم الوراثي في العائلة. تُسافر "جود" إلى فرنسا، وتقوم بعملية تلقيح اصطناعي خوفًا من أن يتفاعل المرض الوراثي عندها أيضًا وتفقد إمكانية الحمل، خصوصًا بعد رحيل والدتها وشقيقتها.  تعود "جود" إلى بيروت من أجل أن تبحث عن "أب" لابنتها المرتقبة، فتلتقي بـ "ألكو" (يؤدّي الدور جيري غزال)، والذي يقبل الصفقة التجاريَّة، مقابل خمسين ألف دولار. "ألكو" يحتاج المبلغ من أجل متابعة دراسته في أميركا، لتحصل الطفلة "مريام" التي أنجبها من "جود" على أوراق ثبوتيَّة.  في المقابل، تغضب عائلة "جود" على فعلتها لأنّ الإنجاب لم يتمّ من خلال الزواج. إذْ لا يمكن لوالدها المتشدد ولا شقيقتها "صولانج" (تؤدّي الدور نادين أغناطيوس) قبول ما فعلته، بل يتمُّ النظر إليه من قبل العائلة كـ "جريمة شرف". تتعقّد أحداث العمل بعد تعرُّض "جود" إلى حادث سرقة وإصابتها بجروح، تُنْقَل على إثرها إلى المستشفى، وأثناء التحقيق الأمني يتمُّ استدعاء الزوج من أجل أن يتسلّم ابنته.

قدمت كلوديا مرشليان شخوصها في دائرة ضيقة جداً  

قضيّة شائكة تطرحها الكاتبة كلوديا مرشليان. المرأة التي تسعى للحمل خوفًا من فقدانها أمومتها، تفعل ذلك بسرعة فائقة دون أن تعي مصير ما يترتب على ذلك في لبنان، هذا إن حصل. عمومًا، كان ينقص الكاتبة في بداية العمل، تقديم تبريرٍ طبيٍ عقلاني لعامل الوراثة عند العائلة في الإصابة بسرطان الرحم. وهذا ربما ما حمل القصة إلى أن تكون شبيهةً بعالم الأساطير المكسيكية التي طبعت مسلسلات التسعينيات، وحصدت تعاطفًا جيداً ومتابعة لا بأس بها في العالم العربي.

استغلت الكاتبة مرشليان، عامل الصدفة في تعاطف "ألكو" مع "جود" بعد سبع سنوات من البعد والبحث عن زوجته، ودخوله فجأة في قصة حب وإهماله لخطيبته. ولا يهمل المسلسل حيوات كثيرة أو ظواهر يعيشها لبنان من "جورجيت درباس" (تؤدّي الدور ليليان نمري) صاحبة المدرسة التي تقيم فيها "جود" وابنتها الطفلة، مقابل التدريس والتنظيف، إلى حالة شقيقة "ألكو" المصابة بمتلازمة داون، ومعاناتها الشديدة بسبب تعنيف والديها، إلى الفقر الذي يخيم على العائلة بعدما اختار "ألكو" الميسور البعد عن عائلته بشكل نهائي.

هكذا قدمت مرشليان شخوصها في دائرة ضيقة جداً، تفاعل ضمنها المخرج فيليب أسمر المعروف بدقة اختياره للأماكن ومواقع التصوير، وتغليب طابع أعياد رأس السنة والميلاد، وذلك من خلال التركيز على إشارات بسيطة تدعو من وراء الحوار إلى تغليب ثقافة الرأفة أمام قسوة الفقر والكراهيَّة.

يبقى هذا النوع من الدراما اللبنانية موضوع نقاش بين المعايير الواجب إثباتها من خلال القصد، وبين الضعف في آلية الطرح، أو حتى الاعتماد على المواقف الطريفة كاستغلال آخر للترويج والخروج من شوائب الطرح. تسعى الكاتبة كلوديا مرشليان إلى تقديم محتوى يصحُّ تسميته بالمُركَّب والدفع "بالتابوهات" التي تسيطر على العالم العربي للخروج إلى العلن، أو تعزيز هذا الخط بالنسبة للجمهور، وذلك تزامنًا مع مساحة حرية التعبير المتداولة على المواقع الإلكترونية البديلة. المواقف التي تتخذ بشأن "الأم العزباء" أو الحضانة، وضرورة منح الجنسية لأطفالها كحق مكتسب لها كما الحال في الغرب، وفرض انصهار ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع دون تفرقة، هي أهمّ عناصر المسلسل الدرامية. 

المساهمون