عن جهدٍ فرديّ يواجِه خراب اللحظة

02 ديسمبر 2020
صالة سينمائية فارغة تنتظر المشاهدين (آلان بونانوس/ غاما ـ رافو/ Getty)
+ الخط -

 

بين إقفال عام وآخر، يزداد ارتباك بيروت وقلق ناسها. كلّ شيء مُقفل، لكنّ كلّ شيء غير مُقفلٍ أيضاً، وهذا يحدث في وقتٍ واحد. تخبّط النظام الحاكم إزاء كورونا امتدادٌ لتخبّطه إزاء أزمة اقتصادية اجتماعية خانقة. الثقافة، في لحظة كهذه وفي اللحظات الأخرى كلّها، مُغيّبة تماماً. الفنون أيضاً. نظام كهذا غير معنيّ البتّة بثقافة وفنون، وغير مُدركٍ قسوة الخسائر التي يعانيها عاملون في ثقافةٍ وفنون، وفي صالات السينما. النظام غير معنيّ أصلاً بخسائر الناس وموتهم البطيء، وهم أيضاً يبدون أنّهم راضون بخسائر وموت.

إغلاق الصالات مستمرّ، رغم أنّ بعضها يفتح أبواباً قليلة أمام جمهور يريد مُتنفّساً، لكنّه يختار التسلية لتمضية وقتٍ في صالة معتمة، يلتزم مسؤولوها شروط التباعد الاجتماعي فيها. إغلاقٌ يُعطِّل حركةً مُصابة، قبل "انتفاضة 17 أكتوبر" (2019) اللبنانية، بأعطابٍ، رغم ارتفاع عدد الصالات في بلدٍ يقلّ فيه التنويع الكبير للأفلام. الأزمة الاقتصادية منسحبة على قطاع السينما، والخراب ضاربٌ جوانب الحياة اللبنانية كلّها. نزاعات حاصلة بين أقطاب النظام، وفوضى التعاطي مع أزمةٍ ووباءٍ تطغى على كلّ وعي مطلوب لمواجهة أفضل. لكنْ، أيُريد أقطاب النظام، فعلياً، خلاصاً من أزمةٍ ووباء؟

 

 

مأزق الصالات حاضرٌ في بلدان أخرى. دول عربيّة تعاني ما يعانيه لبنان، بينما الغرب متمكّن من التخفيف، ولو قليلاً، من حدّة الوباء على السينما والثقافة والفنون، فهذه كلّها أساسية في برنامجه الحياتي. كلّ كلام عن مقارنة بين بلدان غربية وعربية تنعكس سلباً على بلدان عربيّة، رغم مُطالبات فيها، وإنْ تكن خجولة، بضرورة إيجاد حلول جذرية لأزمة سينماها وثقافتها وفنونها. مطالبات غير مسموعة، فالأنطمة الحاكمة معنية فقط بمصالح، لا وجود للسينما والثقافة والفنون فيها، قبل الوباء، وأثناء تمدّده في اجتماع وعيشٍ وعلاقاتٍ.

أهذا تكرار لما يُقال دائماً؟ ربما. لكنّ المأزق يتفاعل سلباً، والخراب يطحن كلّ شيءٍ، في عالمٍ عربيّ مكسور وتائه. الجهد الفرديّ يبقى الإيجابية الوحيدة، وأعمالٌ عدّة، تُنجز بأدواتٍ مختلفة، تقول إنّ شيئاً جميلاً يحدث، رغم سوادٍ وخيبات. أهذا كافٍ؟ ربما. فالجهد الفرديّ غالبٌ في بلدانٍ، تنبذ السينما والثقافة والفنون، وتحاربها دائماً.

المساهمون