ابتعد الفنان القطري عبد العزيز صادق عن مجال دراسته الجامعية، ونجح في هواياته الفنية، معتمداً على نفسه في صقلها، وتسلق سلمي الرسم والموسيقى. بدأ بتقليد رسومات مجلات الـ"كوميكس"، ليصبح رساماً للكاريكاتير في الصحف القطرية التي يعترف بفضلها عليه، ويؤلف 4 كتب تتناول هذا الفن. اقتحم الحقل الموسيقي عازفاً على الغيتار، انطلاقاً من إعجابه بعازف هذه الآلة المصري عمر خورشيد (1945 ــ 1981)، ثم انتقل إلى العزف على البيانو، وشارك عازفاً على هذه الآلة الموسيقية الغربية في معارض دولية، وشكّل مع بعض زملاء الدراسة الجامعية فرقة "فرانكو أراب"، أصدرت أسطوانة لاقت إقبالاً كبيراً.
أدناه، حوار أجرته "العربي الجديد" معه في الدوحة.
درست التاريخ، فكيف دخلت عالم الرسم الكاريكاتيري والموسيقى؟
منذ أيام المدرسة كنت أحب أن أرسم الكاريكاتير، وهواياتي محصورة بالفنون، واستهوتني مجلات القصة المصورة التي كانت تصدر في السبعينيات، وكنت أقلدها في الرسم القريب جداً من الكاريكاتير أو البورتريه. نمت الهواية، وبدأت الصحف القطرية بشر رسوماتي، ورغم أني تخرجت من "جامعة قطر"، تخصص "تاريخ تربية جغرافيا متفرع"، ولكن هواياتي وحبي كله في المجال الفني.
على يد من تعلمت الرسم؟
علّمت نفسي بنفسي. المجهود كله فردي، وبدأ في مرحلة الدراسة الابتدائية، وتعلمت من بعض المدرسين مبادئ الرسم، ولكني كنت أقلد رسومات مجلات الـ"كوميكس"، وفي الوقت نفسه، كان أخي الأكبر عبد الله يدرس في إحدى الجامعات المصرية، فأحضر لي معه من القاهرة كتاب "كيف ترسم الكاريكاتير". وما زلت أذكر الكتاب، كان بالأسود والأبيض، وأذكر غلافه، لأني حفظته كاملاً، وساهم في نمو موهبتي إلى حد كبير.
هل تذكر أول رسم شاركت فيه في الصحف؟
أول رسم شاركت فيه كان في معرض نظمه "نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي"، سنة 1982 ــ 1983، وكان بالأبيض والأسود، عن أهمية تقيد السائق بالسرعة المحددة على الطرقات. وأصدر النادي كتاباً عن المعرض، تضمن هذا الرسم الذي أحتفظ به. أما أول رسم لي نشر في الصحف، فكان في صحيفة "الراية" القطرية سنة 1984، في صفحة "الجمعة"، التي كان يحررها الزميل الفنان سلمان المالك، وهو رسام الكاريكاتير الأول في قطر. وبعدها، طلب مني أن أرسم كاريكاتيراً أسبوعياً في الصفحة، وكنت ألقى التشجيع من القائمين على الصحيفة، وبعد نحو ثلاث سنوات بدأت أرسم يومياً كاريكاتيراً يتناول القضايا الاجتماعية في قطر.
هل كان يطلب منك الرسم عن مواضيع معينة؟
الرسم اليومي صعب، حتى أن بعض الرسامين اليوميين يتوقفون بعد فترة، وربما المجهود اليومي يجعلهم لا يستمرون في عطائهم. والملاحظ أن رسامي الكاريكاتير قلائل في الوطن العربي. كان التركيز على الجانب الاجتماعي، فالكاريكاتير ليس رسماً فقط. والرسم أسهل من الفكرة، فالرسام مثل المخرج لديه شخصان، أحدهما يتكلم والآخر يرد عليه.
ألّفت سلسلة كتب تناولت فن الكاريكاتير، ماذا قلت في كتبك الأربعة هذه؟
أول كتاب أصدرته سنة 1989، بالأسود والأبيض، ضم ما رسمته في الصحف في ذلك العام، والكتاب الذي تلاه صدر سنة 2000. وحوت الكتب الأربعة رسوماتي الاجتماعية، وتختلف مستوياتها، لأن أدوات الرسام وريشته في تطور مستمر، فالكتب الأخيرة صدرت بالألوان، وكلها عن قصص اجتماعية. باختصار، كل كتاب عبارة عن "كتالوغ" يرصد قضايا المجتمع لعام بعينه.
ماذا عن المعارض؟
المعارض الدولية شاركت فيها عازفاً للبيانو وليس رساماً للكاريكاتير. لكني شاركت في معارض على مستوى "جامعة قطر"، عندما كنت طالباً وموظفاً. أيضاً شاركت في معارض بعض الجامعات العربية، حيث كنت أعرض رسوماتي وأرشيف لوحاتي. قبل ثلاث سنوات، دعتنا "جمعية الفنون الكويتية للكاريكاتير"، وشاركت في معرض يتناول الرياضة، وكرمت سنة 1988 في جدة السعودية.
وكيف انتقلت من الريشة إلى العزف؟
الموسيقى تنتهج الطريقة نفسها في الرسم، حتى السلم يشبه إلى حد ما رسم الكاريكاتير. في السبعينيات، كنت مغرماً بعازف الأورغ مجد الحسيني، وعازف الغيتار عمر خورشيد. والبداية تعود لأخي عبد الله الذي أحضر معه من القاهرة غيتاراً، وهو لا يعرف العزف، فأعطاني إياه، وقال تعلم العزف عليه. ومن حسن الحظ، كان لدينا جار يعزف على الغيتار، فطلبت منه أن يعلمني، وأعطاني بعض المعزوفات، وبعدها اعتمدت على نفسي، لأنه في ذلك الوقت لم تكن توجد في الدوحة معاهد أو مراكز لتعليم الموسيقى.
وبداية عام 1983، تعرفت إلى أصدقاء قطريين وقررنا تشكيل فرقة "فرانكو أراب". أغانينا كانت عربية، ولكن الأدوات غربية، وقررنا أن يكون المقر في "نادي الجسرة" كوني أحد أعضاءه، وشكلنا فرقة أطلقنا عليها اسم "فرقة الجسرة". أصدرنا ألبوم أغان قطرية وخليجية مشهورة، واكتسح الساحة حينها. ونفذنا بعض التسجيلات لتلفزيون قطر. وأنا اشتهرت أيضاً في "فرقة الجسرة". بعدها، غيرت للعزف على البيانو، فقد أحببته أكثر من الغيتار.
وفي 2005، عقد "إكسبو" في اليابان، وشاركت ضمن جناح قطر في العزف على البيانو، وشاركت في 2015 في "إكسبو" إيطاليا، وفي 2017 في كازاخستان، ومدة المشاركة ستة أشهر. ومن المنتظر أن يعقد "إكسبو" في دبي خلال العام الحالي، ومتوقع مشاركتي أيضاً للعزف على البيانو. ويعد معرض "إكسبو" الدولي أحد أكبر الفعاليات العالمية غير التجارية.
لماذا توقفت "فرقة الجسرة" عن الإنتاج؟
كنا في تلك الفترة طلاباً، لا نتحمل مسؤولية الأسرة. بعد تخرجنا، توقفنا، وأصبح كل شخص يعمل ضمن اختصاصه، فمنا الضابط والطبيب... واكتفى كل شخص بالعزف في بيته. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، شاركت الفرقة في افتتاح مقر "نادي الجسرة"، في سوق واقف.