تظهر بواتييه في هذا المعرض في لوحة تعود إلى القرن السادس عشر، إلى جانب أدوات الزينة الخاصة بها. يضم المعرض عشرات الأعمال الأخرى التي تكشف عن مفهوم الجمال المتغير عبر التاريخ والثقافات.
بين هذه الأعمال نموذج لتمثال الملكة الفرعونية نفرتيتي، ولوحة تمثل الإله الهندوسي كريشنا الذي يجسد الهيئة المثالية للجمال الأنثوي في الثقافة الهندية القديمة.
كما تشمل المعروضات تمثالين رومانيين يعودان إلى القرن الخامس قبل الميلاد، ويشكلان معاً نموذجاً للجسد المثالي للرجال والنساء، وهو النموذج نفسه الذي روّج له في الغرب منذ بداية القرن الثامن عشر.
تتطرق المعروضات إلى كل ما يتعلق بفكرة الجمال، من المقاييس المثالية للجسد والملامح إلى أدوات الزينة ومساحيق التجميل وصناعتها، وكيف ترسخ الدعاية المصاحبة لبعضها من الصورة النمطية المرتبطة بالجمال.
يتتبع العرض كل هذه التفاصيل عبر التاريخ وصولاً إلى عصرنا الراهن الذي يتشكل فيه مفهومنا للجمال المثالي، وفق العديد من المعايير النمطية.
يوضح العرض والنقاشات المرتبطة به كيف ساهمت أدوات العصر الحديث في ترسيخ هذه المعايير النمطية للجمال، من وسائل الإعلام والعلامات التجارية إلى بيوت الموضة والسينما وحتى الرسوم والدُمى المخصصة للأطفال.
يضم المعرض نموذجاً بالحجم الطبيعي لدمية باربي الشهيرة التي يمكن اعتبارها إحدى العلامات الصارخة لمفاهيم الجمال في صورتها النمطية المعاصرة.
تجمع الأعمال والتجهيزات التي يضمها المعرض بين الجدية والطرافة، كما يتيح بعضها التفاعل المباشر مع الجمهور.
في هذا السياق، يبرز عمل الفوتوغرافي الأوغندي زيد نيلسون. يصور الأخير في عمله امرأة أثناء خضوعها لعملية تجميل في أحد المستشفيات.
بين الأعمال اللافتة التي تسلط الضوء على هذا الجانب أيضاً، يبرز عمل الفنانة الإيرانية المقيمة في كندا شيرين فتحي بعنوان "الأنف المتمرد"، ويجمع بين الفوتوغرافيا والصوت والفيديو.
العمل الذي تقدمه فتحي، يمثل حلقة في سلسلة ممتدة من الأعمال التي أنشأتها الفنانة خلال الفترة الأخيرة حول الجسد، وتستكشف خلالها الوسائل التي تتحدى بها النساء تحيزات المجتمع. تقول فتحي "إن عمليات تجميل الأنف من الأمور الشائعة لدى النساء في إيران"، وهي تستكشف هنا الأسباب الاجتماعية والثقافية التي تدفع النساء للإقدام على هذه الخطوة.
اعتمدت الفنانة الإيرانية، في جانب من عملها، على مقابلات أجرتها مع عدد من جراحي التجميل في إيران، كما وظفت في عملها عدداً من الرسوم التشريحية التي تعود إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر.
بعض المنحوتات والنماذج المجسمة التي تعرضها الفنانة الإيرانية، استخدمت في تشكيلها، كما تقول، أدوات ممارسة الجراحة، وهي تتساءل: "هل يتمتع جراح التجميل بالحس الفني للنحات؟ وهل يمكنها كفنانة لعب دور جراح التجميل؟".
يضم المعرض أكثر من 200 عمل، بينها قطع أثرية وأعمال فنية وأفلام وتجهيزات مركبة، تدفعنا جميعها إلى إعادة النظر في المعايير الراسخة للجمال والتفكير في تعريفات أكثر شمولاً له.
بين هذه الأعمال، يبرز مشروع الفنانة البرازيلية أنجيليكا داس، والمعروض تحت عنوان "إنسانية"، وهو مشروع فوتوغرافي مُستمر يهدف إلى إبراز التنوع البشري وأوجه الجمال المتغيرة والمختلفة بين الأعراق.
في هذا المشروع الممتد الذي بدأته الفنانة البرازيلية عام 2012، تصوّر داس الأشخاص من جميع الأعمار والأجناس في أماكن مختلفة من العالم، من دون انتقاء متعمد.
بهذا، تتبع الفنانة طريقة خاصة في تلوين خلفيات هذه الصور الشخصية، إذ تتطابق خلفية كل صورة مع درجة اللون في طرف أنف الشخص.
عن طريق هذا الأسلوب، استطاعت الفنانة جمع كل هذه الفسيفساء الواسعة من درجات اللون التي تعكس تنوع البشرية والتفرد الذي يتمتع به كل شخص. تقول الفنانة إن درجة لون كل واحد منا تشبه بصمة الأصابع، فبين آلاف الصور التي التقطتها خلال هذه السنوات لم تتطابق درجة لون أي شخص مع غيره من الأشخاص الآخرين، فكل واحد منهم له درجة تميزه عن الآخر.