صدى التضليل الإعلامي حول الأزمة الأوكرانية يتردد في أوروبا الشرقية

23 فبراير 2022
زيادة هائلة في المعلومات المضللة التي تهدف إلى تبرير العدوان الروسي (Getty)
+ الخط -

في أوروبا الشرقية التي كانت تحت سيطرة موسكو في الماضي وتنتشر فيها مشاعر العداء لروسيا، تنتشر المعلومات المضللة المناهضة للغرب التي لم يجرِ التحقق من صحتها، مع تفاقم الأزمة الأوكرانية.

في سلوفاكيا المجاورة لأوكرانيا، تنتشر معلومات مضللة عن الوضع على نطاق واسع، حتى من قبل بعض النواب.

فبعد خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تحدث فيه عن تاريخ إنشاء دولة أوكرانيا، قال العضو في الحزب الاشتراكي الديموقراطي (سمْير) اليساري المعارض، لوبوس بلاها: "أنا مقتنع بأن بوتين يريد السلام".

وأضاف بلاها الذي يتابعه أكثر من 170 ألف شخص على "فيسبوك" أن أوكرانيا "استفزت روسيا وهددتها" و"الغرب يتهجّم" على موسكو. وأكد أن البلاد "تسيطر عليها مجموعة من الأثرياء الحاكمين، بينما تزداد نزعة النازية الجديدة والخوف من روسيا في الاتساع والفساد منتشر".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

"زيادة هائلة"

تبدو سلوفاكيا بالغة الحساسية حيال المعلومات المضللة المؤيدة للكرملين. فهذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 5,5 ملايين نسمة، ويشترك بحدود طولها 97 كيلومتراً مع أوكرانيا، وقّع خلال الشهر الحالي اتفاق دفاع مع الولايات المتحدة يسمح للقوات الأميركية بالقيام بعمليات على أراضيه.

وأثار هذا الاتفاق معارضة شرسة من الخصوم السياسيين للحكومة، وكذلك من جزء كبير من سكان سلوفاكيا التي أصبحت هدفاً سهلاً للمعلومات الكاذبة والتضليل الإعلامي. ونتيجة لذلك، تتزايد في سلوفاكيا المشاعر المعادية للولايات المتحدة ولحلف شمال الأطلسي وحتى للاتحاد الأوروبي.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة "سلوفاك فوكوس"، الشهر الماضي، أن 44 في المائة من المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن الولايات المتحدة والحلف الأطلسي مسؤولان عن الخلافات المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا، فيما حمّل 35 في المائة منهم فقط روسيا المسؤولية.

وما يزيد من تأثير الخطب المناهضة للحلف الأطلسي أن انسحاب القوات الإضافية للحلف الأطلسي التي نشرت في المنطقة، عقب ضم موسكو لشبه جزيرة القرم، جزء من المطالب الروسية.

وقال الناطق باسم شبكة متطوعين لمكافحة التضليل عبر الإنترنت، بوهوميل كارتوس: "في يناير/كانون الثاني، كانت هناك زيادة هائلة في المعلومات المضللة التي تهدف إلى تبرير العدوان الروسي على أوكرانيا".

وأوضح كارتوس الذي تنشر مجموعته تقارير شهرية عن الأخبار الكاذبة التي يجري تداولها في تشيكيا والمنطقة ككل أن "هذا الموضوع يتفوق حالياً على المواضيع الأخرى، بما فيها كوفيد-19".

تسعى المنشورات الكاذبة لتصوير أوكرانيا على أنها "دولة فاسدة وفاشلة" يحكمها "فاشيون" وتمارس "إبادة جماعية ضد سكانها الناطقين بالروسية"، كما كتب كارتوس في أحد التقارير المرتبطة بالصراع.

وقال المحلل في "معهد السياسة والمجتمع" الذي يتخذ في براغ مقراً له، رومان ماكا، إن هناك "ارتفاعاً هائلاً" في نسبة المعلومات المضللة في المنطقة. وأضاف: "من المثير للاهتمام أن نرى عدد الأشخاص والجماعات التي قاتلت في العامين الماضيين ضد إجراءات كوفيد-19 تنتقل إلى الدعاية الموالية لروسيا وتبدأ نشر هذا النوع من المعلومات المضللة".

تكنولوجيا
التحديثات الحية

"شعور بعدم الأمان"

في الأسابيع التي سبقت قرار بوتين إرسال القوات الروسية لدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا، جرى تداول مقاطع فيديو مختلفة على الإنترنت في المنطقة، قيل إنها تظهر جنوداً أوكرانيين يستعدون للغزو أو لدخول الأراضي الروسية.

ووجدت خدمة تقصي الحقائق في وكالة "فرانس برس" أن العديد من مقاطع الفيديو هذه كانت تظهر تدريبات عسكرية لا علاقة لها بالأزمة الحالية صوّرت قبل سنوات. وتعود بعض المشاهد إلى 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، فيما يعود فيديو آخر إلى 2018، ويُزعم أنه تقرير أعدته هيئة "بي بي سي".

وقال كارتوس إن بعض المعلومات الكاذبة "تصور الحلف الأطلسي بأنه المسؤول عن الوضع الحالي، فيما تقاوم روسيا فقط الجهود المستمرة الرامية إلى تهديد أمنها"، موضحاً أن "هذه المعلومات ترددها فئة معينة من السكان".

وأوضح أنه "بالنسبة إلى البعض، هذا مبنيّ على تأكيدات سابقة مماثلة ويعزز قناعاتهم. وبالنسبة إلى البعض الآخر، يخلق ذلك شعوراً بعدم الأمان يؤدي إلى مقاومة جهود الحكومة (التشيكية) لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها". وتشيكيا أرسلت ذخيرة لمساعدة أوكرانيا.

في أجزاء من المنطقة كانت تقليدياً موالية لروسيا، أصبح خطاب موسكو عن عدوان أوكراني راسخاً.

وصرّح الرئيس الصربي، ألكسندر فوسيتش، لمحطة "بينك" التلفزيونية هذا الأسبوع، بأن 85 في المائة من مواطنيه "سيقفون إلى جانب روسيا دائماً مهما حدث".

ونشرت الصحف الشعبية الصربية هذا الأسبوع بشكل متكرر معلومات لم يجرِ التحقق من صحتها، تفيد بأن القوات الروسية دمرت مدرّعتين أوكرانيتين دخلتا الأراضي الروسية.

وكُتب على الصفحات الأولى للصحف الصربية الثلاثاء: "أوكرانيا هاجمت روسيا!"، وذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس الروسي أنه اعترف باستقلال منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا وسيأمر بإرسال قوات إلى البلاد.

(فرانس برس)

المساهمون