طوى المشهد الإعلامي اليمني صفحة عام 2020 بالدم. ظهيرة أمس الأربعاء انقطع الاتصال مع مراسل تلفزيون قناة "بلقيس"، أديب الجناني أثناء تغطيته على الهواء مباشرة، وهو ينقل بصوت متهدج الانفجارات المتتالية التي استهدفت مطار عدن الدولي.
كانت آخر كلماته خلال التغطية قد أوجزت المشهد الدامي الذي حلّ في المطار بعد أن استهدفت الهجمات صالة الاستقبال ومهبط الطائرات وبوابة المطار الجنوبية، قبل أن ينقطع الاتصال به ويُعلن بعد ساعات عن وفاته متأثراً بإصابة بليغة إثر شظية شقّت بطنه.
ظلت أعوام الحرب الستة قاتمة بالنسبة للصحافيين في اليمن وهي تحصي العاملين الذين سقطوا في الميدان. وخلال هذه السنوات اختار القتلة بصواريخهم وقذائفهم ورصاصات قناصتهم التشويش على حقيقة ما يجري وقطع التواصل بين الواقع والجمهور.
فقد الوسط الصحافي والإعلامي في اليمن في تحديث إحصاءاته بهجوم أمس 45 صحافياً منذ عام 2010، وفق ما نشرته نقابة الصحافيين اليمنيين في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ناهيك عن عدد من الناشطين الإعلاميين والمصورين الحربيين غير المسجلين.
قناة "بلقيس" قالت، في بيان نعي، إنّ مقتل مراسلها أديب الجناني يعد خسارة كبيرة للقناة وللصحافة اليمنية، "إذ كان مثالاً للصحافي المهني الملتزم بالحقيقة والمصداقية، وبدأ عمله في المحطة منذ أكثر من ثلاث سنوات مراسلا صحافياً في العاصمة المؤقتة عدن".
وأضاف البيان: "إننا ونحن ننعى فقدان أحد زملائنا في الميدان نشعر بحجم المخاطر التي يتعرض لها الزملاء الصحافيون في اليمن الذين باتوا هدفاً لكافة أطراف النزاع والحرب في البلاد".
وطالب البيان كل المنظمات الحقوقية والصحافية المحلية والإقليمية والدولية بالوقوف إلى جانب الصحافيين اليمنيين وتجريم استهدافهم تحت أي ذريعة.
"بيان نعي" تنعى #قناة_بلقيس مراسلها في مدينة #عدن الصحفي أديب الجناني شهيدًا إثر إصابته بجروح مميتة في الانفجار...
Posted by قناة بلقيس الفضائية Belqees tv on Wednesday, December 30, 2020
وخسرت المحطة منذ العام 2015 أربعة من العاملين فيها، إذ قتل مراسل المحطة في ذمار، عبدالله قابل، في مايو/ أيار من العام 2015 في قصف جوي للتحالف، عندما وضعه الحوثيون درعاً بشرياً إلى جانب مراسل قناة "سهيل" عبدالله العيزري في مبنى الرصد الزلزالي بالمحافظة.
وفي يناير/كانون الثاني من العام 2018 قُتل مصور المحطة في محافظة تعز، محمد القدسي، إثر قصف مدفعي للحوثيين على بلدة الخيامي بمديرية المعافر.
وفي منتصف إبريل/نيسان من العام 2018، قتل مراسل المحطة، عبدالله القادري، في قصف مدفعي قام به الحوثيون على بلدة قانية بمحافظة البيضاء.
ونعى زملاء وأصدقاء فقيدهم الجناني، وروى آخرون تفاصيل مقتله خلال الانفجار الثاني في مدرج المطار أثناء توثيقه للضحايا ولحجم الأضرار المادية.
حصيلة هجوم مطار عدن كانت كارثية بالنسبة للصحافيين المتواجدين في موقع الحدث، إذ أصيب نحو تسعة بين مراسلين ومصورين، فيما نجا آخرون من الهجوم.
وبحسب شهادات صحافيين، فإن إصابة مراسل "تلفزيون اليمن" الحكومي صادق الرتيبي حرجة، وقد يضطر الأطباء لبتر قدمه بعد أن أحدثت شظية صاروخ جرحاً بليغاً فيها.
وأفادت مصادر صحافية بإصابة محمد الجنيدي السكرتير الصحافي لمحافظ عدن وأسعف إلى مستشفى خليج عدن لتلقي العلاج، فيما توزعت إصابة الصحافيين والمصورين بين خفيفة ومتوسطة وهم: عبد الفتاح غلاب (مراسل الإخبارية السعودية)، أشرف خليفة (مراسل موقع إرم نيوز) وشقيقه الصحافي أمجد خليفة، والمصور آدم محمد والصحافيون نبيل الجنيد وسليم المعمري وعلي الهدياني.
نقلت مصادر صحافية عن إصابة محمد الجنيدي السكرتير الصحافي لمحافظ عدن وأسعف إلى مستشفى خليج عدن لتلقي العلاج، فيما توزعت إصابة الصحافيين والمصورين بين خفيفة ومتوسطة
وروى الصحافي سليم المعمري، تفاصيل ما حدث له وللجناني خلال تواجدهم في المطار، قبل الإعلان عن مقتل الأخير "يا إلهي، كتب الله لي حياة جديدة حيث كنت بجوار زميلي أديب الجناني لحظة سقوط الصاروخ الأول أمام طيران اليمنية من أجل استخدام النت من شريحتي #عدن_نت حيث كان في اتصال لايف مع القناة".
وتابع: "لكن لحظة سقوط الصاروخ الثاني أنا هربت باتجاه الخط البحري برفقة القائد نبيل المشوشي والوزير معمر الارياني، ولم أنتبه إلى أين ذهب، يا ربي ما هذا الوجع والحزن الكبير".