استمع إلى الملخص
- رولا حيدر وزاهر عمرين عادوا إلى سورية بعد غياب طويل، معبرين عن مشاعر مختلطة من الفرح والحزن والأمل، مشيرين إلى أن سقوط النظام أزال هماً كبيراً رغم التحديات الإنسانية.
- سورية تُعتبر من أخطر الدول على الصحافيين، حيث وثّق المركز السوري للحريات الصحافية 1421 انتهاكاً منذ 2011، مع مسؤولية النظام السوري وحليفه الروسي عن العديد منها.
بعد سنوات من الصبر والاغتراب، لم يصدق السوريون سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ليهرولوا سريعاً إلى أرض الوطن. وكغيرهم من السوريين، توافد الصحافيون السوريون الذين منعوا من دوس أرض بلدهم لأعوام من كل حدب وصوب لرصد أجواء ما بعد سقوط النظام وتوثيق ما ارتكبه من جرائم بحق شعبه على مدى نصف قرن. صحافيو التلفزيون العربي من بين هؤلاء الذين عادوا لبث برامجهم من ساحة الأمويين في العاصمة دمشق وبث تقاريرهم المباشرة من شوارعها.
منذ أكثر من 15 عاماً لم يدخل المذيع ومقدم البرامج في التلفزيون العربي، وائل تميمي، إلى بلده سورية. آخر زيارة لمدينته حلب كانت عام 2010، فقد كان اسمه في قوائم المطلوبين من قبل المخابرات الجوية بوصفه من الصحافيين المعارضين للنظام، إذ كان يعمل حينها في "بي بي سي عربي". يقول وائل تميمي إن ما انتابه من مشاعر، حين اقترابه من الحدود السورية ورؤية أعلام الحرية، هو مشاعر "يعجز الكلام عن ترجمتها". ويضيف: "عندما شاهدت الشباب (عناصر هيئة تحرير الشام) على الحدود، احتضنتهم، والتقطت صوراً تذكارية معهم، وشكرتهم على ما بذلوه لوصول سورية إلى الحرية. وعندما شاهدت علم سورية الحرة على الحدود، كانت المشاعر التي أحملها أكبر من أن توصف بالكلمات، فقد استرجعنا بلدنا، والأهم سقط الأبد الأسدي. وعند رؤيتي لساحة الأمويين، لم أتمالك نفسي، فخانتني الدموع وانهمرت فرحاً لما وصلنا إليه".
وعما إذا اختلفت طبيعة التغطية كونها أصبحت تبث من سورية، نفى تميمي ذلك، مشيراً إلى أن التلفزيون العربي من القنوات التي وقفت إلى جانب جميع ثورات الربيع العربي، ومن بينها الثورة السورية كما أنها تدعم حق الشعوب في التحرر من الاستعباد والاستبداد من الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة.
وعن المشاريع المستقبلية في العمل، أكد تميمي أنه يعمل حالياً ضمن برنامج "حوارات دمشق" الذي سيتناول أكثر المواضيع الآنية، كمصير الموظفين في ظل إعادة هيكلة وتقييم العاملين وقرار الولايات المتحدة بتخفيف بعض القيود على تقديم المساعدات إلى سورية، وملف الإعلام والرؤية الإعلامية في ظل الحكومة الجديدة، وإعادة الإعمار، وأوضاع الحريات، والسلم الأهلي.
رولا حيدر زميلة تميمي في التلفزيون العربي لم تدخل إلى الأراضي السورية منذ 14 عاماً. كانت حيدر من المذيعات الأوليات اللواتي انتقدن استهداف الاحتلال والمتظاهرين في بداية الثورة عام 2011، عبر شاشة قناة أورينت حيث كانت تعمل. وقالت إنها تلقت حينها تهديدات من النظام، تخيرها بين العمل أو إلصاق تهمة الخيانة العظمى باسمها وضمها لقائمة الصحافيين السوداء.
تحاول رولا حيدر استجماع قواها وهي تصف مشاعرها بعد العودة إلى وطنها. وتقول: "لا أستطيع أن أصف شعوري، فقد انتابني العديد من المشاعر، أولها الفرح بأن سورية أصبحت حرة، وثانيها الحزن على الأرواح التي فقدت لنصل إلى تلك اللحظة. كما اجتاحني شعور بالأمل كنت قد فقدته واعتقدت أنني لن أعيش لأسجل تلك اللحظة. عند دخولي للحدود السورية تمنيت لو أنني أستطيع أن أحضن الجميع، وقمت فوراً بالتوجه إلى ساحة الأمويين لأحتفل مع الناس وأشاركهم هذا النصر الرائع". وتضيف: "كنت أرى الفرحة في وجوه كل من أراه من المواطنين في الشوارع على الرغم من الوضع الإنساني التعيس الذي ما زال قائماً، كأن في سقوط النظام هماً كبيراً انزاح عن صدورهم".
وفي ديسمبر الماضي أيضاً، أطل موفد التلفزيون العربي زاهر عمرين من العاصمة السورية التي عاد إليها بعد 14 عاماً من الغياب. وقال حينها: "هذه لحظة تاريخية للجميع. نحن لسنا استثناء. نحن نشبه غالبية السوريين الذين اشتاقوا لهذا البلد". وأضاف والدموع تخنق صوته: "هذه مرتي الأولى في دمشق منذ 14 عاماً، حينما أبعدنا بشار الأسد عن بلادنا بحجج كثيرة. اليوم نعود إلى دمشق، وننظر إليها بعيون كلها أمل... أنا في ساحة الأمويين ولا أصدق نفسي... هذه بلادي، أعود إليها للمرة الأولى منذ 14 عاماً. لا أصدق نفسي وأنا أقول: هنا دمشق. ونحن للمرة الأولى أحرار في دمشق، من دون بشار الأسد. نتطلع إلى سورية، إلى مستقبل أفضل...".
كما بكى مراسل التلفزيون العربي قحطان مصطفىى على الهواء مباشرة، في أثناء تغطيته أجواء الفرح في دمشق بعد سقوط نظام الأسد. وتحدث خلال مداخلة مع زميلته رولا حيدر عن عدم رؤيته لعائلته منذ سنوات، وعن فقدانه طفلة على يد النظام.
أما الإعلامية في التلفزيون ديما عز الدين، فلا يزال البثّ المباشر الأول لها من مدينة دمشق، بعد 14 عاماً من مغادرتها لبلادها، ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي. قالت عز الدين باكية في 11 ديسمبر، بعد ثلاثة أيام من سقوط الأسد: "أعود إلى بلدي سورية، وإلى مدينتي دمشق، بعد 14 عاماً من الفقد والحرمان، هذه ليست قصتي فقط، بل قصة معظم إن لم يكن كل الصحافيين السوريين في الخارج، رحبت بنا كل صحافة العالم وقدّرتنا، إلا أننا في سورية، عندما كانت سورية الأسد، هُددنا وطوردنا وانطردنا، خسرنا وجودنا في هذه البلاد التي لا تعني لنا كثيرا بل هي كل ما يعني لنا".
وتعتبر سورية من الدول الأكثر فتكاً بالصحافيين حيث تصدرت دول العالم من حيث حصيلة القتلى. وبين عامي 2011 و2020 قتل ما لا يقل عن 700 صحافي وناشط في المجال الإعلامي على أيدي النظام والتنظيمات المتشددة، وفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ووثق المركز السوري للحريات الصحافية في رابطة الصحافيين السوريين 68 حالة انتهاك طاولت إعلاميين وصحافيين وناشطين في الإعلام والخدمة الإخبارية على الأراضي السورية خلال عام 2021، وأشار في تقريره إلى أن حصيلة الانتهاكات التي تمكن من توثيقها بحق الصحافيين والإعلاميين في سورية وخارجها بلغت 1421 حالة انتهاك منذ عام 2011 وحتى نهاية العام الماضي. وحلّ النظام السوري إلى جانب حليفه الروسي ثانياً في قائمة الجهات المسؤولة عن ارتكاب الانتهاكات خلال العام الماضي بواقع 11 حالة انتهاك، عشرة انتهاكات قام بها النظام السوري وانتهاك واحد قامت به القوات الروسية بقتلها إعلامياً في إدلب، بحسب التقريرِ نفسه.