أعلن عدد من الصحافيين والصحافيات المصريين تضامنهم مع زميلة لهم صحافية، تتعرض لضغوط من أجل إجبارها على سحب شكوى من تعرضها للتحرش الجنسي في المؤسسة الصحافية التي تعمل فيها. وطالب الصحافيون والصحافيات بتحرك عاجل وتضامن واسع لحماية زميلة تتعرض لضغط، لسحب شكوى من المجلس القومي للمرأة في قضية تحرش تعرضت لها داخل مؤسسة صحافية.
ولم يشِر الصحافيون والصحافيات إلى اسم الصحافية صاحبة الشكوى، لكن المعلومات المتاحة بشأن تلك الواقعة، أنها تعمل في "موقع صدى البلد" الإخباري، وتقدمت بشكوى للمجلس القومي للمرأة ضد رئيس تحرير موقع صدى البلد، شخصيًا، بتهمة التحرش الجنسي خلال فترة عملها.
وقالت الصحافية في بلاغها الذي حمل رقم 106855 إنها تعرضت للتحرش اللفظي من خلال عبارات جنسية، وطالب المتحرش "بقيامها بأوضاع وتصرفات مخلة داخل مكتبه وهو الأمر الذي رفضته رفضا تاما". وأشارت الصحافية إلى أن هناك بعض زميلاتها يتعرضن لنفس الابتزاز والتحرش اللفظي، والبعض منهن يخفن من التقدم ببلاغات ضده.
وأكدت أنها تثق في المجلس القومي للمرأة وقدرته على الوقوف أمام الانتهاكات التي تحدث للزميلات داخل الموقع، مؤكدة أن الدولة الآن تحارب التحرش المنتشر بشكل كبير حتى في أماكن العمل، حسب ما جاء في شكواها.
التحرش الجنسي في الوسط الصحافي وإن كان قضية مسكوتاً عنها طوال سنوات، إلا أن بعض الوقائع سجلتها صحافيات بالفعل على مدار السنوات الماضية، وكانت سببًا لتشجيع غيرهن للبوح.
ففي عام 2018، فتحت الصحافية المصرية بجريدة موقع "اليوم السابع" مي الشامي، ملف التحرش في الإعلام المصري، بعدما كشفت عن واقعة تحرش لفظي وجسدي بها داخل المؤسسة التي تعمل فيها من قبل المدير التنفيذي للجريدة، وتقدمت بشكوى رسمية لإدارة المؤسسة، كما حررت محضرًا لدى الشرطة بالواقعة، واستمعت النيابة إلى أقوالها وما لديها من مستندات وتسجيلات تثبت الواقعة. ورغم أن الواقعة أغلقت دون تحقيقات جدية في المؤسسة أو حتى النيابة، إلا أنها دفعت أخريات للحديث عما يتعرضن له في المؤسسات الصحافية والإعلامية التي يعملن فيها.
وسبقت قضية الصحافية مي الشامي، واقعةٌ أخرى مشابهة، عام 2016، عندما فجرت الصحافية المصرية بجريدة "روز اليوسف"، منى يسري، واقعة تحرش بها داخل المؤسسة التي تعمل بها، من قبل رئيس التحرير، وحررت محضرًا بالواقعة في قسم الشرطة، لكنها لم تحظَ بنفس الزخم الذي حظيت به قضية الشامي، التي تزامنت مع الحملة العالمية MeToo (أنا أيضًا).
كما أن هناك واقعة تحرش جنسي شهيرة للغاية، هزت الأوساط الصحافية العربية وليس فقط المصرية، عندما قررت مؤسسة "دوتشيه فيلله" الألمانية التي كان يعمل فيها الإعلامي المصري البارز، يسري فودة، فصله بعد أن طاولته مزاعم تحرش جنسي بعاملات داخل المؤسسة وخارجها، تم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجرى التحقيق فيها والتأكد من صحتها.
وتوصلت دراسة تحت عنوان "التحرش الجنسي في مجال عمل المرأة" صادرة قبل عدة سنوات، إلى أن 68% من العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي 46% منهن يتعرضن للتحرش اللفظي مقابل 22% يتعرضن للتحرش البدني. الدراسة نفسها أكدت أن أكثر السلوكيات التي اتفقت عليها النساء: 78% لمس اليد بطريقة متعمدة، 76% يلمس أجزاء من جسدها، 76% ينظر إلى أماكن حساسة من جسدها، 73% يحاول تقبيلها، 72% يمتدح قوامها، 72% التهديد والإغراء لتتجاوب معه جنسياً.
وبشكل عام، فإن التحرش الجنسي يطاول جميع المصريات على حد سواء، وهذا ما أظهرته نتائج دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، إذ إن حوالي 99% من النساء المصريات قد تعرضن لصورة ما من صور التحرش الجنسي.
ولا تكفّ التقارير المحلية والعالمية عن الإشارة إلى المعدلات المخيفة للقضايا المجتمعية في مصر، بل وتحتل مصر تصنيفات أولى عالميا في التحرش الجنسي، بحسب دراسات وأبحاث عدة داخل مصر وخارجها. وصنّفت القاهرة عام 2017، كأخطر مدن العالم بالنسبة إلى النساء.