انطلقت، مساء الأربعاء، من كورو الفرنسية، الرحلة الأخيرة لـ"أريان 5"، بعد إرجائها مرتين. فيما يحمل الصاروخ الذي يُحال على التقاعد، بعد 27 عاماً حقق خلالها إنجازات لقطاع الفضاء الأوروبي، قمرين اصطناعيين، فرنسياً وألمانياً.
وأقلع "أريان 5" بنجاح عند الساعة 19:00 مساءً بالتوقيت المحلي (22:00 بتوقيت غرينتش) من مركز غويانا الفضائي في كورو، بعدما كان إطلاقه قد أُرجئ مرتين: في 16 يونيو/ حزيران لأسباب تقنية، وفي 4 يوليو/ تموز بسبب رداءة الأحوال الجوية.
وانفصل عنه بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعه قمر اصطناعي فرنسي للاتصالات العسكرية "سيراكوز 4 ب"، وقمر اصطناعي ألماني تجريبي.
Thanks for everything, #Ariane5… @Arianespace @DGA @DLR_SpaceAgency @AirbusSpace @OHB_SE @ArianeGroup @esa @CNES @EuropeSpacePort pic.twitter.com/ZtLRd4cYa2
— Stéphane Israël (@arianespaceceo) July 5, 2023
وأُرجئ إطلاق الصاروخ الذي كان مقرراً في 16 يونيو مرة أولى بسبب خلل في أحد محركات الدفع الذي استُبدل، ثم أُجِّل إقلاع "أريان 5" للمرة الثانية "بسبب رياح غير مواتية على علو مرتفع فوق مركز الفضاء في غويانا" سبّب تأخيراً لـ24 ساعة.
ومساء الأربعاء، أُطلق الصاروخ أمام مئات المتفرجين الذين تجمعوا في المكان، بينهم مسؤولون محليون ووزيرة العدل الفرنسية السابقة كريستيان توبيرا. وعبّر البعض عن فرحتهم بعد نجاح عملية الإقلاع، فيما صفّق آخرون عقب عملية انفصال الصاروخ الثانية عن المنصة.
وغرّد وزير القوات المسلحة الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، أنّ وضع القمر الاصطناعي الفرنسي في المدار "يمثل نقطة تحوّل رئيسية لجيوشنا، من خلال توفيره أداءً أفضل ومقاومة أكبر للتشويش".
Succès du dernier vol de la fusée Ariane 5 !
— Sébastien Lecornu (@SebLecornu) July 5, 2023
Elle met sur orbite le satellite de communication militaire Syracuse 4B qui marque un tournant majeur pour nos armées : meilleures performances et meilleure résistance aux brouillages. pic.twitter.com/RLjTxqpaQj
وهذه الرحلة هي الـ117 للصاروخ الذي عرف بدايات صعبة، إذ انفجر عقب إطلاقه في أول مهمة له سنة 1996، وواجه فشلاً آخر سنة 2002. وقال إرفيه جيليبير الذي كان آنذاك مهندساً للصاروخ: "استغرق الأمر عامين لإعادة إدخال الصاروخ في الخدمة".
ودخل "أريان 5" بعد الحادثة عصره الذهبي الذي تكلّل بسلسلة من النجاحات، فاعتمدته "ناسا" لإرسال تلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي بلغت تكلفته عشرة مليارات دولار.
وعقب عملية الإطلاق هذه التي نُفّذت يوم عيد الميلاد سنة 2021، بات الصاروخ، الذي أُرسل فيه مسبار روزيتا الفضائي إلى مذنب "67 بي / تشوريوموف جيراسيمنكو" (2004) ومستكشف أقمار المشتري الجليدية في إبريل/ نيسان 2023، يحظى بمكانة كبيرة.
ومن الناحية التجارية، كان الصاروخ "عنصراً تقدمياً في المجال الفضائي في أوروبا"، على ما أكد مدير النقل الفضائي لوكالة الفضاء الأوروبية دانيال نوينشفاندر.
وشاركت 12 دولة في تصنيع الصاروخ الثقيل الذي حلّ مكان "أريان 4" مع قدرة إطلاق مضاعفة عنه، وهي ميزة تنافسية مكّنت أوروبا من ترسيخ نفسها في سوق الأقمار الاصطناعية للاتصالات.
وقال نوينشفاندر إن أوروبا استفادت أيضاً من "فترة راحة" في الولايات المتحدة. وأضاف: "نشهد راهناً وضعاً معاكساً"، إذ تجد أوروبا نفسها محرومة تقريباً الوصول المستقل إلى الفضاء.
وستتبع الرحلة الأخيرة لـ"أريان 5" أشهر طويلة من الفراغ بانتظار تولّي "أريان 6" زمام الأمور، نهاية عام 2023، في أحسن الأحوال.
وصُمّم "أريان 6"، وهو أكثر قوة وتنافسية من "أريان 5"، وبلغت تكلفته نصف ما أنفق على سلفه "أريان 5"، لمواجهة المنافسة الشرسة في مجال الصواريخ بفعل هيمنة شركة سبايس إكس الأميركية التي تنفذ أكثر من عملية إطلاق واحدة في الأسبوع.
وتجرى اختبارات تأهيل "أريان 6" على قدم وساق، لكنّ الأجواء قاتمة في كورو. فتقاعد "أريان 5" سيسبب إلغاء 190 منصباً من أصل 1600، لأنّ الصاروخ الجديد لا يحتاج إلى قوى عاملة كثيرة ومتطلبات صيانة كبيرة.
(فرانس برس)