أطلقت جريدة محلية تسمى "الحياة السورية" برنامجاً تلفزيونياً يحمل اسم Syrian Talents، وهو برنامج يعرف نفسه بأنه يهتم بالمواهب السورية من كافة الأعمار. وأرسل المتسابقون في مرحلة الـ"كاستنغ" فيديوهات عن مواهبهم، بحكم أن البرنامج موجه لكافة السوريين داخل وخارج البلاد، علماً أن الكثيرين لا يستطيعون العودة لسورية لأسباب أمنية، أو بسبب الخدمة الإلزامية وغيرها من القيود المفروضة على السوريين في كل مكان.
المرحلة الأولى من التحكيم كانت في استديو ساذج ورديء في قناة "سما"، وخلا البرنامج من أي عنصر تشويقي أو ترفيهي. فضلاً عن أن الجمهور كان يشاهد المواهب في منزله مع لجنة التحكيم عبر الفيديو، أي أن التفاعل على أرض الواقع غير موجود، ولا يمكن الشعور به أساساً. عموماً انتهت المرحلة الأولى من العرض، لينتقل إلى المرحلة الثانية أخيرًا، بعرض مباشر على قناة "سما" مع لجنة التحكيم الأساسية المكونة من الفنانة شكران مرتجى، والفنان محمد حداقي، والموسيقي ميساك باغبودريان.
تنفيذ البرنامج على أرض الواقع كان من أسوأ ما يمكن تقديمه على الشاشة. فعدا عن "اللوغو" شبه المسروق من برنامج The Voice والموسيقى التصويرية القريبة من برنامج Arab Idol، كانت هناك إهانة بشكل واضح للمواهب السورية المشاركة في البرنامج، فقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي منشور لأحد المشاركين في البرنامج عن المعاملة السيئة التي حصلت مع المشتركين الذين انتظروا ساعات طويلة كي يدخلوا المسرح. ولم تُقدَّم لهم أو لأهاليهم عبوة ماء واحدة، إلا بعد مشادات كلامية ومشاكل حاولت أن تحلها مرتجى. في حين كانت أجهزة الصوت رديئة جداً، وتتم إعادة إصلاحها بين الفينة والأخرى. ومن يشاهد الحلقة فسيعرف أن إضاءة المسرح كانت شبه مُعدومة، فلا تقنيات مهمة أو عالية أبداً، ليتّضح البخل الإنتاجي في البرنامج ككل.
ليس ذلك فقط، بل كان الاستديو بدون جمهور، فلا أصوات تصفيق، ولا تفاعل سوى من اللجنة التي كانت تصفق وحدها للمشاركين، ليختفي أي أثر للبهجة، خصوصاً أن مكان الجمهور وراء اللجنة كان معتِماً تماماً. ما يدلُّ على أن المنتجين لم يفكروا بحلول بديلة في ظل انعدام شبه تام للكهرباء في سورية. إذْ وصل التقنين الذي يفرضه النظام على شعبه، لما يقارب العشرين ساعة في اليوم في العاصمة نفسها. المواهب التي حاولت أن تعبر عن نفسها تم تحطيم قدراتها نتيجة الوقوف ساعات طويلة في الانتظار والمشاكل والمشادات الكلامية، فوصل المشاركون إلى خشبة المسرح منهكي القوى غير قادرين على إظهار أفضل ما لديهم في الغناء أو التمثيل أو العزف، ليكون البرنامج خطوة جديدة في تحطيم الشباب السوري الناجح، لا بدفعه للأمام.
المضحك أيضاً في نهاية الحلقة الأولى هي المفاجأة التي قدمها كادر العمل للفنان محمد حداقي بمناسبة عيد ميلاده، والتي كانت عبارة عن قالب حلوى رديء الشكل، وحتى الاحتفال كان مضحكاً، فلا وجود سوى لكادر البرنامج. وعاد البرنامج ليحتفل بالفنانة شكران مرتجى بنفس الطريقة في الحلقة الثالثة. وبدت اللجنة التي كانت تحاول صنع حالة مَرِحة، سيئة جداً، لا سيما شكران مرتجى التي سعت لأن تبرز كمقلدة لفنانات التحكيم كأحلام ونجوى كرم، إذْ حملت "وجهاً ضاحكاً من الكرتون" لتعبر عن رأيها بالمشتركين. لكنها لم تفلح البتة في أن تكون عفوية وخفيفة على الشاشة، كما أنقصَ البرنامج من رصيد محمد حداقي الفني، ولم يضف له أي شيء. أما ميساك باغبودريان فكان الرجل الصامت الذي لا يتكلم أغلب الوقت، وكأن اللجنة تحاول ارتداء عباءة لجنة "آرابز غوت تالنت"، لكن جاءت هذه العباءة كبيرة عليهم بتقليد ساذج، وكأنها لوحة كوميدية لا برنامج مواهب حقيقي. التقديم بدا سيئاً أيضاً ولم يُضفِ أي نكهة، فلم يستطع المقدم أن بجذب بصوته أو لغة جسده المتلقي أو يجعل من "سيريان تالنت" بنبرته وطريقته حدثاً مهماً وحديثاً إيجابياً، فسقط بجملة السقوط الكامل لكل هذا المحتوى.