"سوباسيل"... في انتظار أن تجتمع الجينات الخارقة

11 يوليو 2024
العمل من إخراج رابمان (جون كوبالوف/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **قصة المسلسل وأهميته**: "سوباسيل" هو مسلسل بريطاني من إخراج Rapman على نتفليكس، يروي قصة مجموعة من الغرباء في جنوب لندن يجتمعون لإنقاذ مستقبلهم. نال شهرة واسعة وتقييمات عالية، حيث حصل على 100% على Rotten Tomatoes، ويشابه مسلسل "Heroes" بتركيزه على الأبطال الخارقين المصابين بطفرة جينية.

- **العناصر الاجتماعية والثقافية**: يعكس "سوباسيل" التنوع الاجتماعي والثقافي في جنوب لندن من خلال تعدد اللهجات الإنجليزية. يكشف عن الأزمة الاقتصادية في الأحياء الفقيرة، مشاكل المساجين السابقين، ودور الشرطة الهامشي، مما يضيف عمقاً وواقعية للقصة.

- **الصورة النمطية للعصابات**: يكسر "سوباسيل" الصورة النمطية الأمريكية عن العصابات، ليكشف عن عوالم لندن الجنوبية. يصنف تجار المخدرات والجريمة على أساس العمر، مما يظهر أجيالاً متورطة في الجريمة المنظمة. الجمهور ينتظر تأكيد نتفليكس لإنتاج مواسم جديدة.

بثت منصة نتفليكس، أخيراً، المسلسل البريطاني Supacell (سوباسيل)، من إخراج Rapman. يحكي العمل قصة مجموعة من الغرباء جنوب لندن، عليهم أن يجتمعوا معاً لإنقاذ مستقبلهم.
لن نخوض في كل تفاصيل المسلسل كي لا نفسده لمن لم يشاهده بعد. لكن يكفي أن نقرأ عبارة تكرّرت في بعض المواقع: "مستخدمو نتفليكس سيلغون اشتراكهم بالمنصة في حال ألغي هذا المسلسل".
"سوباسيل" الذي نال كثيراً من الشهرة والمشاهدات، يكشف لنا عن عوالم جنوب لندن، والطبقة العاملة، والعصابات، ومؤسسة تحاول السيطرة على الأبطال الخارقين و"توظيفهم" لمصلحتها. في حبكة تحاكي مسلسل "الفتيان" (The Boys) الذي تبثه "أمازون"، لكن من دون العنف المفرط، بل عبر التركيز على ثنائية الخير والشر الواضحة في المسلسل، تلك التقليدية التي تعود إلى زمن ما قبل طفوليات عوالم "مارفل".


يشابه "سوباسيل" في حكايته، بل حتى في قوى بعض أبطاله وطبيعة العلاقات بينهم، مسلسل Heroes، الذي نال شهرة عالمية وعُلقت عليه الآمال، لكن إضراب كتاب هوليوود حينها هدّد مستواه وتركه ينحدر ويصبح عملاً مخيباً للآمال، ما زال جمهوره ينتقدون ما آل إليه حتى الآن.
معنى اسم "سوباسيل" يتضح لاحقاً، حين نكتشف أن الأبطال الخارقين مصابين بطفرة جينيّة، تكسبهم "جينات/خلايا خارقة" تتفعل حين يتلقون بآخرين مثلهم. وكأن الأبطال هم أولئك الأضعف بيننا، أصحاب جهاز المناعة المعطوب، الذين ما إن يلتقوا معاً حتى تتفعل قواهم. وهم دوماً في مواجهة مؤسسة تريد مصادرة حريتهم و"حصاد" قوتهم لصالحها.
تعلقت آمال كثير من المتابعين بالمسلسل بعد انتهاء حلقاته الست، خصوصاً أنه نال تقييم 100% على موقع Rotten Tomatoes، ما ينبئ عن توق إلى حكايات جديدة عن الأبطال الخارقين، تلك التي يُراهَن حالياً على الإنتاجات البريطانية لإنجازها، كما في مسلسل (Misfits 2009-2013)، إذ تظهر القوى الخارقة دوماً في أيدي الأضعف، والأكثر خيراً، وتراهن على الصيغة التقليدية في الصراع الذي يقترب فيها "الشر" من الانتصار. لكن في النهاية يعم "الخير" إثر التضحية الفردية والتكافل، بعكس السينيكية المفرطة التي نراها مثلاً في مسلسل Invincible الذي تبثه أمازون برايم.
يلفت الانتباه في المسلسل أيضاً تعدد اللهجات الإنكليزية المستخدمة فيه، ما يكشف عن تنوع اجتماعي وثقافي بدا طبيعياً في "سوباسيل"، وليس مفتعلاً كما عادة المسلسلات التي تسعى إلى مطابقة معايير الصوابية السياسيّة، ما ترك الشخصيات تتحرك بطبيعية من دون أن تتحول هوياتها إلى محور الحكاية والاهتمام، بل حتى المرض نفسه، الذي نجت منه الشخصيات واكتسبت القوى الخارقة، لا يتضح الحديث عنه إلا في الحلقة الأخيرة.
يكشف "سوباسيل" عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الأحياء الفقيرة، تلك التي يلجأ شبانها إلى العصابات من أجل تأمين قوت يومهم، فضلاً عن مشاكل المساجين السابقين. هكذا، يتضح بأن دور الشرطة هامشي في تلك الأحياء، بل لا يلجأ إليها أحد في أي مشكلة، إذ نراهم يظهرون فجأة لعرقلة تدفق الأحداث وليس الحد منها، وكأنهم مجرد قوة هامشيّة لا دور واضحاً لها في ضبط المكان أو الوقوف بوجه الجريمة، تلك المحيطة بالشخصيات، وتقود حياتهم وصراعاتهم.

يكسر المسلسل الصورة النمطية عن عوالم العصابات، تلك التي سيطرت عليها الصورة الأميركيّة، لنكتشف عوالم لندن الجنوبيّة، فهناك طبقات لتجار المخدرات والجريمة. هذه الطبقات مصنفة على أساس العمر، ما يكشف أجيالاً بأكملها مقسمة ومتورطة في عالم الجريمة المنظمة، وقادرة بصورة ما على ابتلاع المدينة بأكملها.
يتركنا المسلسل في الحلقة الأخيرة معلقين بانتظار الموسم الجديد. صانع "سوباسيل" قال إنّه مستعد لمواسم جديدة، لكن ما من تأكيدات، إلى الآن، حول نية "نتفليكس" لإنتاج لمواسم جديدة.

المساهمون