في البداية، كان الأمر يتعلّق يإيجاد طريقٍ صالح للرحلات التجارية بين أوروبا والصين، هكذا كان الأمر رسميًا على الأقل. ولكن، نظرًا لوجود نقص معرفة بالتربة والظروف الأخرى في منطقة آسيا الوسطى، اعتمدت الرحلة على وسيلة نقل مختلفة تماماً: الجمال.
قام الرحالة السويدي سفين هيدين بجمع حوالي 300 جمل في منطقة باوتو في منغوليا الداخلية. بدأت الرحلة في 20 مايو/ أيار. كتب هيدين نفسه: "شقينا طريقنا غربًا عبر الجزء الشرقي من صحراء جوبي العظيمة، والأجزاء الواقعة في منغوليا الداخلية. سافرنا نحو وسط الصحراء بالقرب من نهر يدعى إيستينغول، حيث أقمنا بعض الوقت".
كانت البعثة الأوروبية إلى منغوليا كبيرة: 18 أوروبياً و10 باحثين وطلاب صينيين و73 مسؤواً محليًا من المنطقة. عندما أقامت البعثة مقرها الأساسي في الصحراء، نصبت 23 خيمة. من الأوروبيين كان قائد القافلة أوغست لارسون، المعروف أيضًا بـ"لارسون دوق منغوليا" (نشر مذكرات حول هذه الزيارة عام 1930)، وكان جورج سودريوم مساعدًا له. كان الملازم الدنماركي هينينغ هاسلوند مختصًا بالأمور العملية للقافلة والاتصال مع المغول. كان هنالك أيضًا ثلاثة علماء سويديين: جيولوجي وعالم حيوان وعالم نبات، والأخير كان أيضًا طبيبًا وعالم آثار.
الأكثر إثارة للجدل كانت المشاركة الألمانية، إذ انضمت ألمانيا بثلاث طيارات وثمانية طيارين. قامت شركة لوفتهانزا بدعم الرحلة الاستكشافية لهيدين بمليون ونصف مليون مارك (العملة الألمانية في فترة النازية)، وجاءت هذه الأمور بشكل غير رسمي من حكومة الرايخ النازية في برلين. تظهر وثيقة محفوظة في الأرشيف السياسي لوزارة الخارجية، نشرت أخيرًا وحصلت جريدة دير شبيغل على نسخة منها، أنّ "تنفيذ التعهد بتمويل الرحلة سيتم من قبل (لوفتهانزا). ولا ينبغي أن تظهر المشاركة الألمانية للعالم الخارجي، إذ تعتبر السرية أمر ضروريًا صارمًا من قبل الجميع". وفقًا لعالم الجغرافيا من جامعة بون هانز بوم، فإنّ هدف هذه البعثة كانت لتحقيق مصالح استراتيجية للنظام النازي.
رأت القيادة النازية بأنّ الطابع العلمي الاستكشافي للرحلة سيغلب على الطابع السياسي الاستراتيجي، فقررت "لوفتهانزا" (ومن ورائها النظام النازي) بإيقاف تمويل الرحلة وأصيب الفريق بخيبة أمل، وتحولت الرحلة إلى بعثة علمية بشكل تام.
المستشكف السويدي هيدين كان يبلغ من العمر 62 عامًا، ولد في استوكهولم عام 1865. شهد هيدين عودة مستكشف القارة القطبية أدولف إريك نوردنسكيولد إلى الوطن على سفينته "فيجا" عام 1880. كتب هيدن في مذكراته "حياتي" عن لحظة عودة السفينة إلى المدينة، المشهد الذي ترك أثرًا في نفسه: "أضيئت المدينة كلها. وكانت المنازل المحيطة بالميناء مضاءة بعدد لا يحصى من المصابيح والمشاعل. استحوذت السفينة على أكبر قدر ممكن من الإثارة، وطوال حياتي صارت مثالاً لي، وأصبحت حاسمة لمساري المستقبلي". ويضيف هيدن: "أريد أن أعود إلى المنزل هكذا يومًا ما".
درس هيدين في برلين، لكنه لم يكمل تعليمه رسميًا، وسافر إلى بلاد فارس. تعلم لغات مختلفة، وبين عامي 1894 و1909 قام بثلاث رحلات استكشافية خطيرة إلى آسيا، في مناطق لم تكن معروفة من قبل الأوروبيين. بعد الرحلة الثالثة، احتفل به في ستوكهولم في موكب نصر.
هيدين هو أحد أشهر علماء الطبيعة، وتلقى دعوات من جميع الحكام المهمين حول العالم. كان السويدي الأبرز في العالم في ذلك الوقت. كان يمتلك كثيرًا من المعجبين، وأحد المعجبين كتب له رسالة: "تابعت رحلاتك البحثية في المناطق الداخلية في آسيا، وهي ضرورية لمستقبل العالم". كان هذا المعجب هو أدولف هتلر. كان هيدين على تواصل مستمر مع هتلر والتقى به خمس مرات على الأقل منذ عام 1935، كان العالم السويدي جاهزًا من أجل تسخير نفسه لخدمة النازية. ليس هذا فحسب، بل إن هيدين كتب، لما هزمت النازية في ألمانيا وانتحر هتلر: "لقد مات أحد أعظم البشر في تاريخ العالم". وبهذه العلاقة مع النازية، قضى هيدين على مستقبله وإرثه في أن يصبح مرجعًا علميًا. واستبعد فعليًا من دائرة الشخصيات الجادة.