سباق ضدّ الزمن لكشف خبايا سفينة فايكينغ في النرويج

17 نوفمبر 2020
سفينة تعود لعام 820 في متحف الفايكينغ في أوسلو (الأناضول)
+ الخط -

يخوض علماء آثار نرويجيون سباقاً ضدّ الزمن لانتشال سفينة كانت تقوم مقام قبر في حقبة الفايكينغ، عاملين بعناية كبيرة للكشف عن أسرارها وبلا كلل، لحماية هذا الكنز من العفن الذي يهدّده.

من دُفن هنا؟ ووفقا لأيّ طقوس؟ وماذا تبقّى من الأضاحي؟ وماذا سيتكشّف لنا عن الجماعة التي كانت تعيش في الموقع؟

أسئلة كثيرة تثيرها هذه السفينة الممتدّة على عشرين متراً والتي بالكاد تفرّقها العين المجرّدة عن الخثّ الذي يغطّيها. ويحاول علماء الآثار الكشف عن خباياها قبل أن يقضي عليها فطر مجهري.

وهي مهمّة جدّ شيّقة للعلماء الذين لم تتسنّ لهم دراسة سفينة تعود للفايكينغ منذ أكثر من قرن. ويعود آخر اكتشاف من هذا النوع إلى العام 1904 عندما نبشت سفينة أوزبرغ، وذلك في الجهة المقابلة من الوادي الخلالي.

وتقول كاميلا سيسيلي وين من متحف التاريخ الثقافي في جامعة أوسلو التي تتولّى الإشراف على عمليات التنقيب "قليلة هي السفن الأضرحة التي تمّ العثور عليها. وأنا جدّ محظوظة، فهذه الفرصة لم تتسنّ للكثير من علماء الآثار في مسيرتهم".

تحت خيمة كبيرة بيضاء ورمادية اللون نصبت في قلب حقل يضمّ مقبرة كبيرة بالقرب من مدينة هالدن في جنوب شرق النرويج، ينقّب نحو عشرة علماء في الأرض، ممدّدين أو راكعين وهم يرتدون سترات فاقعة اللون.

وقد اكتشفت ملامح هذه السفينة المطمورة في الأرض سنة 2018 بواسطة رادار جيولوجي لخبراء تنبّهوا إلى جثوة قريبة.

وكشفت العيّنات الأولى أن التآكل بات في مرحلة متقدّمة، فأطلقت أعمال التنقيب على وجه السرعة.

فايكينغ وجيه

ولم يتسنّ للعلماء حتّى الساعة سوى استعادة جزء من عارضة السفينة بحالة مقبولة. وكشف تحليلها أن السفينة نقلت إلى اليابسة ووضعت في حفرة وطمرت بالتراب لتشكّل المثوى الأخير بحدود العام 800.

وتقول وين إن "دفن الميت في سفينة يعني أنّه كان من وجهاء قومه". فهل هو ملك، أم ملكة، أم أحد النبلاء؟

قد تأتي الإجابة من العظام والقطع الموجودة في السفينة، مثل الأسلحة والمجوهرات والأواني والأدوات التي شاع وضعها في القبور في حقبة الفايكينغ، من منتصف القرن الثامن إلى منتصف القرن الحادي عشر.

يذكر أن عوامل كثيرة أدّت إلى التعجيل في تدهور السفينة، مخفّضة حظوظ العثور على ذخائر.

ففي نهاية القرن التاسع عشر، أزيلت الجثوة لإفساح المجال للزراعة، ما أدّى إلى تدمير الجزء العلوي من السفينة وإلحاق ضرر بما يعتقد أنه كان غرفة جنائزية.

ومن المحتمل أيضاً أن يكون وجهاء آخرون زاروا هذا الضريح، محاولين من خلال تخريبه الإثراء وبسط سيطرتهم.

عظام حيوانات

ولا تزال مغانم علماء الآثار بسيطة حتّى الساعة، وهي تقتصر على عدد من البراشيم المعدنية التي كانت تستخدم لتثبيت الأطراف وبعض العظام.

وتقول كارينيه فوريه أندرياسن وهي تدرس شكلاً عظمياً برتقالي اللون إن "هذه العظام كبيرة جدّاً لتكون لبشر... وهي على الأرجح تابعة لحصان أو لبقرة". وهي تكشف أن هذا الحيوان "دليل على الجاه، فالمرء كان جدّ مقتدر ليقدّم هذا النوع من الأضاحي في قبره".

يغربل يان بيرغي التربة بدقّة كبيرة إلى جانب الخيمة. ويقرّ عالم الآثار هذا من الإدارة المحلية بأنه لا يطمح للعثور على كنز، "إذ لا شكّ في أن القطع الثمينة قد أخذت من قبل. وكلّ ما تبقّى من مواد حديدية أو عضوية تآكلها الزمن أو اندثرت".

وهو يؤكّد "ما يهمّني هو أن أعرف ما حدث هنا وكيف جرت مراسم الدفن وكيف نفسّر الأنماط السائدة في تلك الحقبة".

(فرانس برس)

المساهمون