استمع إلى الملخص
- **رودولف سعادة: من الشحن البحري إلى الإعلام**: سعادة، الرئيس التنفيذي لشركة "سي إم آ سي جي إم"، يسعى لتعزيز تأثيره الاقتصادي والسياسي في فرنسا من خلال امتلاك وسائل الإعلام.
- **التأثير السياسي والاقتصادي**: امتلاك وسائل الإعلام يمكن رجال الأعمال من التلاعب بالرأي العام، مما يثير مخاوف حول التعددية والديمقراطية وحرية التعبير.
تمّت الصفقة وتوسّعت الإمبراطورية: الصفقة هي بيع شركة ألتيس ميديا المالكة للقناة الإخبارية الفرنسية "بي إف إم" وراديو "إر إم سي". أمّا الإمبراطورية الإعلامية فهي قيد الإنشاء، ويقف خلفها رجل الأعمال الفرنسي من أصول لبنانية، رودولف سعادة، الذي اشترى "ألتيس ميديا". فمن هو رودولف سعادة؟ ولماذا هذا السعي إلى التملّك في الاعلام؟
تتنقّل قناة "بي إف إم" الإخبارية الفرنسية من يد رجل أعمال إلى آخر. وهي ليست استثناءً، هذا هو حال الإعلام الخاص من قنوات بثّ أو صحف، الذي يعيش رحلة بحث مستمرّة عن تمويل قادر على تأمين استمراريّتهم.
القناة الإخبارية الفرنسية المُحافظة، التي يملكها رجل الأعمال الفرنسي ـ الإسرائيلي باتريك دراحي، تبنّت منذ إطلاقها خطاً تحريرياً قريباً من أفكار اليمين المتطرّف الفرنسي. لكن المشاكل المالية وقضايا الفساد التي تلاحق دراحي، طرحت علامات استفهام عدة حول مستقبل القناة، ومستقبل "ألتيس ميديا" كاملة. وفي منتصف شهر مارس/آذار الماضي، بدأ الحديث عن صفقة شراء للقناة من قبل رجل الأعمال رودولف سعادة المدير التنفيذي لمجموعة "سي إم آ سي جي إم" للشحن البحري.
قبل عشرة أيام تقريباً، أعطت كلّ من هيئتي تنظيم الإعلام المرئي والمسموع الفرنسية "أركوم"، والهيئة المستقلة لدراسة القدرة التنافسيّة موافقتهما على الصفقة. مجموعة "ألتيس ميديا"، انتقلت بنسبة 100% إلى مجموعة سعادة، وذلك لقاء مبلغ 1.55 مليار يورو.
هذه ليست أول الصفقات الإعلامية لرجل الأعمال الفرنسي ــ اللبناني رودولف سعادة فاستثمارات سعادة في هذا المجال في تصاعد منذ أكثر من سنتين. في صيف عام 2022، اشترى صحيفة محلية في مدينة مارسيليا، "لا بروفانس"، وفي منتصف العام الفائت أتمّ صفقة شراء صحيفة "لا تريبيون". كما أنه يملك استثمارات في منصة "بروت" الإعلامية وفي قناة فرنسا السادسة.
رودولف سعادة هو الرئيس التنفيذي لشركة النقل البحري العالمية "سي إم آ سي جي إم"، التي تحقّق نموًّا اقتصاديًّا كبيراً منذ عام 2022، بعدماكانت تُعاني في الفترة السابقة نتيجة انتشار فيروس كورونا والحرب الروسية ــ الأوكرانية.
"الزعيم الحقيقي لمارسيليا" أو "القوّة الصاعدة" كما تحبّ الصحافة الفرنسية تسميته، تسلّم شركة الشحن من والده جاك سعادة في عام 2017. وتحتلّ الشركة اليوم، المركز الثالث عالميًّا، فتمتلك 580 باخرة حاملة للحاويات. قصة سعادة العائلية طويلة، تبدأ من سورية إلى بيروت ثمّ فرنسا هرباً من الحرب الأهلية اللبنانية. قصة صعود تعيش في السنوات الأخيرة نموًّا اقتصاديًّا لافتًا، وهو ما يجعل من حضور وتأثير سعادة في مارسيليا كبيرًا. سعي سعادة إلى التملّك والاستثمار في القطاع الإعلامي، لا يُمكن عزله عن طموحه الاقتصادي وتاليًا السياسي، وهذا يستلزم حتمًا دخولاً من الباب العريض لكليهما: الإعلام. هذه القنوات والصحف الخاصة المملوكة من رجال أعمال، تتيح وتسهّل عملية التلاعب بالرأي العام سواء لغايات سياسية أو اقتصادية، ما يضع التعدّدية والدمقراطية وحرية التعبير في خطر.
ويسلّم سعادة إدارة شؤون إمبراطوريته الإعلامية الناشئة إلى زوجته فيرونيك ألبرتيني سعادة (50 عاماً) التي تدير شركة Whynot Media (تأسست عام 2022)، وهي الشركة المالكة للمؤسسات الإعلامية التي يملكها رودولف سعادة.
ليس سعادة الملياردير الوحيد الذي يمتلك أو يسعى إلى امتلاك أو الاستثمار في القنوات والصحف. سعي أصحاب الأموال إلى وضع اليد على المنصات الإعلامية هو سعيٌ جديّ، سواء في العالم أو في فرنسا. رجل الأعمال والملياردير فينسان بولوري، الذي تبلغ ثروته عشرة مليارات دولار، يوسّع استثماراته في المجال الإعلامي منذ عام 2012 من قناة "سي نيوز" التي تنضوي تحت مجموعته "كانال بلوس" إلى "باري ماتش" وغيرهما... أمّا رجل الأعمال الفرنسي، وهو الرجل الأكثر ثراءً في العالم، برنارد آرنو، فيملك صحيفتي "لو باريزيان" و"ليزيكو" الفرنسيتين وغيرهما...