رحل النجم الفرنسي جان لوي ترينتينيان عن عمر 92 عاماً بعد أن ترك لنا تحفاً سينمائيّةً لا تُنسى ولا تُمحى من ذاكرة السينما العالمية.
فمن منّا ينسى فيلم "رجل وامرأة" للمخرج كلود لولوش؟ ومن منّا ينسى دوره مع يبرناردو بيرتولوتشي؟ ومن منّا ينسى أداءه الرائع الذي قدمه في فيلم مايكل هانيكه "حب"؟
رحيل جان لوي ترينتينيان نهايةٌ لمرحلة كاملة ذاخرة بالتمرّد والطموح والإبداع والموقف السياسي، بل رحيل طريقة تمثيل خاصة كان ترينتينيان عرابها. عندما نرى وجه ترينتينيان المختلج بتعبيرات دقيقة ومختلفة، نرى ونتذكّر ثورة مايو الطلابية في عام 1968، وهي التي أحدثت دويّاً كبيراً أثّر في فرنسا وفي غيرها من دول العالم، وحملت مطالب اجتماعية وثقافية متعدّدة، وطالبت بوقف الحرب الأميركية على فيتنام.
عندما نرى تحديداً وجه ترينتينيان وطريقة تمثيله تتبادر الحركة الشيوعية وأحلام العدالة الاجتماعية إلى أذهاننا على الفور. فقد كان ترينتينيان عضواً في الحزب الشيوعي الفرنسي، وأتصوّر أنّه ظلّ وفيّاً لخياره الفكري السياسي إلى النهاية.
ولا شك أننا نتذكّر أيضاً دوره المهم في فيلم "زد" لكوستا غافراس، حيث أدّى دور المفتش ذي الضمير الحي، الذي يدين جنرالات اليونان آنذاك، ويكشف جرائمهم الوحشية رافضاً التستر على فسادهم، وقد دفع ثمن ذلك بالطبع.
ولن ننسى كذلك دوره الرائع في فيلم "حب": العجوز الذي يهيم حبّاً بزوجته، والذي يعجز عن مساعدتها، ولهذا يقرّر أن ينهي حياتها، في واحد من أقوى الأداءات الاستثنائية اللافتة وأجملها في فن التمثيل وعلمه.
في الحقيقة، ودّعنا برحيل جان لوي ترينتينيان قيماً وأحداثاً جميلة، ودّعنا الفن الحقيقي والإبداع الحق، بعد أن سادت ثقافة ممسوخة وسطحية وقبيحة.