"ذا أوفسبرينغ"... أصوات الأجراس في البداية

29 أكتوبر 2024
ميّز كمون الشحنة الفائقة تراكات الألبوم العشرة (كريستي سبارو/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدرت فرقة "ذا أوفسبرينغ" ألبوم "Supercharged" في 11 أكتوبر، متمسكة بإرثها الموسيقي لأكثر من ثلاثين عامًا، ويتميز الألبوم بعشر أغانٍ مشحونة بالطاقة تركز على الهارد روك التقليدي.
- منذ تأسيسها في 1984، تميزت الفرقة بإنتاجات موسيقية تتحدى السائد، وتصنف ضمن فئة البانك، مما يعكس البيئة الثقافية للساحل الغربي للولايات المتحدة.
- يتضمن الألبوم أنماطًا موسيقية متنوعة مثل الهارد روك والهيفي ميتال، مع أغاني تبرز الطاقة والحيوية التي اشتهرت بها الفرقة في التسعينيات.

بدفعة من شحنة موسيقية فائقة، تتحدّى فرقة "ذا أوفسبرينغ" الأميركية المقولة السائدة بموت الروك، إذ عنونت إصدارها الجديد Supercharged، وتعني "مشحون للغاية". كأنما تريد للتحدّي ألا يكون بإدخال الحديث إلى القديم، أملاً في بقائه، وإنما التمسّك بإرثها، مع مدّه بعامل الخبرة والدُّربة التي راكمها أعضاؤها على مدى ثلاثين عاماً.

ميّز كمون الشحنة الفائقة تراكات الألبوم العشرة. وذلك على الرغم من أن مغني الفرقة الرئيسي، ديكستر هولاند، قد بلغ سن الـ58، وعازف غيتارها القائد كيفين واسرمان الملقب بـNoodles يكبره بثلاث سنوات؛ عقب فترة نقاهة وانقطاع عن العروض، فرضها وباء كوفيد-19، عاد الشريكان عازمين على التحضير معاً لإنتاج ألبوم الفرقة الحادي عشر. 

لذا، اختير تاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول الحالي موعداً للصدور في الأسواق وعلى منصّات الاستماع. قد أتى المنتج الموسيقي شديد التركيز، تميّزت أغانيه بقصر مدّتها الزمنية، كما عكست نزعة أسلوبية محافظة، لدى القيّمين على إنتاجه، لا تسعى إلى تمديد شكل الهارد روك بإضافة المُنكهات العصرية، كالإلكترونيات وغيرها، وإنما الاحتفاء بالبصمة الفنيّة الكهربائية لعصره الذهبي من منتصف ثمانينيات القرن الماضي إلى منتصف تسعينياته. 

في المقابل، فإن "ذا أوفسبرينغ" (The Offspring) الكاليفورنية، ويعني الاسم "ذريّة"، لم تكن في يومٍ من الأيام فرقة روك تقليدية، إذ إنها منذ تشكيلها سنة 1984، بالبدء تحت اسم "مانيك سبسايدل"، إذ كما تشير المفردة الأولى (Manic) إلى الجنون، والثانية كلمة مختلقة لا معنى لها، تمثّلت ضمن المشهد الفني باللوثة الخلّاقة، ما جعل إنتاجاتها تحدياً للسائد وخروجاً عنه. 

هكذا، ابتعدت عن الروك الصاخب الصرف، الصناعي والقاتم، مُتّخذةً خطوت أكثر حيوية وإشراقاً، يوائم البيئة الثقافية للساحل الغربي الولايات المتحدة الأميركية. لذا، يصلح أن تُصنف موسيقاها ضمن فئة بانك (Punk) وهي تسمية وُضعت أساساً لتوصيف حركة فنيّة مضادة للثقافة المؤسّساتية في الغرب منتصف السبعينيات، التي أخذت توجّه ذائقة التيار السائد عبر الصناعة الفنية من منتجين وشركات تسجيل وطبع الأسطوانات. 

تعكس الأغنية الأولى، Looking Out For #1، ذلك التشبّث بإرث الهارد روك، كما عُرف واشتُهرت به "ذا أوفسبرينغ" في أوج عهدها، دونما مساومة بمزجه مع موسيقى العصر وتقريبه من الذائقة الراهنة، إذ تُسمع الثيمات التقليدية، كأصوات الأجراس في البداية، والغناء الجوقي الذي تُشارك فيه حناجر أعضاء الفرقة مجتمعين، كأنها تنشد جيل الأمس أكثر مما تستميل جيل اليوم. 

لعل أشدّ أغاني الألبوم تجسيداً لعنوان الألبوم، هي التراك الثاني المعنون Light it Up. بُعيد إشارة بعصيّ عازف الإيقاع، تنفجر الفرقة بكامل عتادها من غيتارات كهربائية وطبول هدّارة، لتعيد إلى الأسماع حميّة موسيقى الهارد روك وحيويتها زمن التسعينيات، حينما كانت ترافق المراهقين عبر سمّاعات مسجّلات "الووكمان" المحمولة، بينما هم يتنافسون في عروضهم البهلوانية على ألواح التزلّج، "السكيت بورد" في ميادين المدن الأميركية الصناعية الكبرى. 

تُستأنف الأجواء المشحونة بالطاقة خلال التراك التالي المعنون The Fall Guy، وإن بغياب الدفق الصادر عن الغيتار الكهربائي في البداية، سيعوّضه لاحقاً قرعٌ سريعٌ ومنتظم على الدرامز، ورفد من جوقة غنائية تحشو مفاصل الانتقال الهارموني بغناء لفظة "أوه"، إلى حين ورود مقطع "الكورس"، إذ ستشتعل الموسيقى من جديد بوقود جميع مكوّناتها. 

يبدأ التراك التالي Make it All Right بمقدمة من صوت فتاة تقول: "كل ما أريده أن أطير معك" يرافقها إيقاع الدرامز.  تتدفّق الموسيقى من بعدها مزوّدة بنشوة تفاؤلية حماسية، تؤكّد على سمة الباتك روك. 

تتميز Ok, But This Is the Last Time بمقدمة تأخذها جهة البوب روك التقليدي، من خلال الريفس على غيتار أكوستي، أي ضرب الأوتار المتكرر والمتواتر، وانسجامات هارمونية شاعرية. لا يلبث أن يقتحم الغيتار الكهربائي المشهد مصاحباً بضرب سريع على الطبل، مُعيداً الجو العام إلى الصخب المعتاد المشحون بالطاقة.  

الأغنية التالية Truth In Fiction نموذجٌ تقليدي على النمط الأشد من الهارد روك والمعروف باسم "هيفي ميتال"، كما كان يُقدّم في زمن "ذا أوفسبرينغ" الذهبي منتصف التسعينيات، إذ تُشكل السرعة الإيقاعية المتناهية والقوة الصوتية الهدّارة العنصرين المميزين لشكل التجربة السمعيّة. كما تُسمع في الخلفية الجوقة الرجالية، في مقطع المذهب أو الكورس التي ميّزت معظم فرق الحقبة الموسيقية. 

يتابع التراك الذي يليه والمعنون Come to Brazil في خط الهيفي الميتال، إنما بالاستناد على إيقاع فولاذي أقل سرعةً وأشد ثقلاً. ثمة ارتجالية لغيتار كهربائي تفصل البداية المهيبة عن الانتقال إلى قسم متناهي السرعة، يأخذ الأغنية جهة لون هارد روك آخر عُرف خلال التسعينيات باسم "ثراش" (Thrash)، أي الضرب. 

ترتكز الأغنية التالية Get Some على ثيمة بلوز تقليدية، تُنفذها الغيتارات الكهربائية، فيما يستمر الدرامز في القرع على طراز الهيفي ميتال، إنما بتنويع الأشكال الإيقاعية المسيّرة للوزن الموسيقي، الذي تتخلّله توقّفات وتمهّلات اعتراضية مفاجئة. 

يعود التراك ما قبل الأخير Hanging by a Thread إلى البانك المتسارع. يتوسط الأغنية جسرٌ موسيقيٌّ، تُشيّده آلاتا غيتار، تعزفان معاً ارتجالية ذات طابع نغمي شرقي، كان شائعاً في موسيقى الهارد روك والهيفي ميتال في الثمانينيات والتسعينيات، تأثّراً بموسيقى غيتار الفلامنكو الأندلسي. 

أما التراك الأخير You Can't Get Here from There، فيمثل عودة إلى رحاب الهارد الروك، يتميّز بمساحات صوتية صُمِّمت بإضافة الصدى، تُحدد فواصل تشكيلية صُمّمت كوقفات، أُسنِدت إلى آلة الغيتار الأكوستي.

المساهمون