دماغ الإنسان الحديث تطور في أفريقيا قبل 1.7 مليون سنة

14 ابريل 2021
تطور الدماغ في مناطقه التي تتولّى المهام المعرفية المعقدة (Getty)
+ الخط -

توصلت دراسة جديدة إلى أنّه حتى بعدما اتخذ البشر القدامى خطواتهم الأولى للخروج من أفريقيا، كانوا لا يزالون ــ بشكل غير متوقع ــ يمتلكون أدمغة تشبه أدمغة القردة العليا، أقرب الكائنات إلى الإنسان الحديث، أكثر مما تشبه أدمغة البشر المعاصرين.
لعقود طويلة، اعتقد العلماء أن التنظيم الحديث لهياكل الدماغ، على غرار الإنسان، قد تطور بعد فترة وجيزة من ظهور السلالة البشرية Homo، منذ ما يقرب من 2.5 مليون سنة. لكنّ تحليلاً جديداً لجماجم بشرية متحجرة، تحتفظ ببصمات الأدمغة التي احتفظت بها في السابق، يشير الآن إلى أنّ تطور الدماغ هذا حدث بعد ذلك بكثير.
وذكر الباحثون في دراسة نشرت يوم 9 إبريل/ نيسان الحالي، في مجلة "ساينس"، قادتها جامعة "زيورخ" السويسرية، أنّ الأدمغة الحديثة ربما ظهرت في سباق تطوري بدأ منذ قرابة 1.7 مليون سنة، عندما أصبحت ثقافة الأدوات الحجرية في أفريقيا معقدة بشكل متزايد. بعد فترة وجيزة، انتشرت مجموعات الهومو الجديدة في جنوب شرق آسيا. ظهرت أولى مجموعات الجنس البشري في أفريقيا منذ قرابة 2.5 مليون سنة.
امتلكت هذه المجموعات البشرية الأولى القدرة على المشي منتصبة القامة، لكنّ حجم دماغ الفرد منها كان فقط نحو نصف حجم الدماغ البشري اليوم. كانت، هذه المجموعات البشرية المبكرة في أفريقيا، تمتلك أدمغة شبيهة بأدمغة القردة العليا، تماماً مثل أسلافها المنقرضة "الأسترالوبيثيسين".

امتلكت هذه المجموعات البشرية الأولى القدرة على المشي منتصبة القامة، لكنّ حجم دماغ الفرد منها كان فقط نحو نصف حجم الدماغ البشري اليوم

تقول عالمة الأنثروبولوجيا والحفريات البشرية في جامعة "زيورخ"، والمؤلفة المشاركة في الدراسة، مارسيا بونس دي ليون، إنّه لم تمضِ سوى فترة وجيزة حتى بدأ السكان الأفارقة بأدمغتهم الحديثة في الخروج من أفريقيا مرة أخرى، وفق ما تبين من الأدلة الأحفورية التي عثر عليها في جزيرة جاوة، بإندونيسيا. وتوضح بونس دي ليون في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ ما يجعل نتائج الدراسة مهمة، هو أنّه أصبح بإمكاننا الآن ولأول مرة، تحديد وقت وموقع أصول دماغنا الحديث (منذ 1.7 مليون سنة).
لمعرفة المزيد حول كيفية تطور الدماغ البشري الحديث، قام الفريق بتحليل النسخ المتماثلة للسطح الخارجي الملتوي للدماغ، والتي أعيد تكوينها من أقدم الأحافير المعروفة، للحفاظ على الأسطح الداخلية للجماجم البشرية المبكرة. واستخدم الباحثون التصوير المقطعي وإعادة البناء الافتراضي لاستخراج وإعادة تكوين (إذا لزم الأمر) وتصور الأجزاء الداخلية من الحفريات. ثم استخدم الفريقة طريقة "التضاريس القحفية الدماغية" لتحدد لكلّ عينة أحفورية ما إذا كان دماغها يشبه دماغ القرد أو الإنسان. يتراوح عمر هذه الحفريات بين 1.77 مليون و 1.85 مليون عام، وقد عثر عليها في موقع دمانيسي الأثري في ما يعرف الآن بدولة جورجيا، عند أحد الخطوط الفاصلة بين شمال غربي آسيا وشرقي أوروبا. وتمت مقارنة هذه الحفريات بعظام عثر عليها في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا، يتراوح عمرها بين ما يقرب من 2 مليون إلى 70 ألف عام.

ركز العلماء على الفصوص الأمامية للدماغ، والتي ترتبط بالمهام العقلية المعقدة مثل صناعة الأدوات واللغة

ركز العلماء على الفصوص الأمامية للدماغ، والتي ترتبط بالمهام العقلية المعقدة مثل صناعة الأدوات واللغة. تضيف الباحثة: "تطور الدماغ في مناطقه التي تشارك في المهام المعرفية المعقدة، مثل اللغة وصناعة واستخدام الأدوات. ولا نعرف ما إذا كان هؤلاء السكان الأوائل كانت لديهم لغة. لكن يمكننا القول إنّ المسرح قد تم إعداده منذ 1.5 مليون سنة لتطور اللغة. كما نعتقد أنّ الزيادة في تعقيد الدماغ، والتعقيد الثقافي هي نتيجة للتطور المشترك في ثقافة الدماغ".

دلالات
المساهمون