من المتوقع أن يتضاعف عدد البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 40 عاماً ويعانون من مرض الخرف في جميع أنحاء العالم، إلى ثلاثة أضعاف عدد الإصابات الحالية الذي قُدر بـ 57 مليوناً في عام 2019. وتشير التقديرات إلى ارتفاع الرقم ليصل إلى 153 مليوناً في عام 2050.
في دراسة مرجعية للعبء العالمي للمرض هي الأولى التي تقدم تقديرات تنبؤية لـ 204 دول، أعدها فريق بحثي دولي متعدد التخصصات، ونشرت يوم الخميس 6 يناير/كانون الثاني في مجلة The Lancet Public Health، أرجع الباحثون هذه الزيادة الكبيرة المتوقعة في الأساس إلى النمو السكاني وشيخوخة السكان.
للتنبؤ بمعدلات الإصابة بالخرف، ركزت الدراسة على أربعة عوامل خطر هي: التدخين، والسمنة، وارتفاع نسبة السكر في الدم، وانخفاض مستويات التعليم. وسلطت الضوء على تأثير هذه العوامل على الاتجاهات المستقبلية. على سبيل المثال، من المتوقع أن تؤدي التحسينات في الحصول على الحق في التعليم إلى الحد من انتشار الخرف بمقدار 2 مليون حالة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2050.
لكن، رغم دور التعليم في الحد من الخرف، إلا أن عوامل أخرى تثبط تأثير هذا الدور، من خلال الارتفاعات المتوقعة في معدلات السمنة وارتفاع نسبة السكر في الدم والتدخين، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى زيادة تتجاوز 8 ملايين حالة خرف.
تتنبأ الدراسة بأن أكبر زيادة في الانتشار ستحدث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي شرق أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ففي الأخيرة من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص المصابين بالخرف بنسبة 357 في المائة، من حوالي 660 ألفا في عام 2019 إلى أكثر من 3 ملايين في عام 2050، مدفوعاً بشكل أساسي بالنمو السكاني.
وبالمثل، في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، من المتوقع أن تنمو الحالات بنسبة 367 في المائة، من ما يقرب من 3 ملايين إلى ما يقرب من 14 مليوناً، مع زيادات كبيرة بشكل خاص في قطر (1926%)، والإمارات العربية المتحدة (1795%)، والبحرين (1084%).
وقالت المؤلفة الرئيسية في الدراسة، إيما نيكولز، الباحثة في معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة "واشنطن"، إنّه يمكن أن تكون هذه النتائج بمثابة دعوة إلى الحكومات وصانعي السياسات الذين يجب عليهم توسيع نطاق الدعم والخدمات التي سيحتاجها المصابون بالخرف ومقدمو الرعاية لهم في المستقبل.
زيادات كبيرة في قطر (1926%) والإمارات العربية المتحدة (1795%) والبحرين (1084%)
"بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد الاستثمارات في توسيع نطاق البرامج المناسبة لمعالجة عوامل الخطر القابلة للتعديل، والاستثمارات في البحث حول تطوير علاجات فعالة في تقليل العبء المستقبلي لهذا المرض" وفقا للمؤلفة في تصريح لـ"العربي الجديد".
يعد الخرف حالياً السبب الرئيسي السابع للوفاة في جميع أنحاء العالم وأحد الأسباب الرئيسية للإعاقة بين كبار السن على مستوى العالم، حيث قدرت التكاليف العالمية في عام 2019 بأكثر من 1 تريليون دولار أميركي.
على الرغم من أنّ الخرف يصيب كبار السن بشكل رئيسي، فإنّه ليس نتيجة حتمية للشيخوخة. ويمكن منع أو تأخير ما يصل إلى 40 في المائة من حالات الخرف إذا تم القضاء على 12 عاملاً خطراً معروفاً هي: التعليم منخفض الجودة، ارتفاع ضغط الدم، ضعف السمع، التدخين، السمنة في منتصف العمر، الاكتئاب، الخمول البدني، السكري، العزلة الاجتماعية، الإفراط في شرب الكحول، إصابات الرأس، تلوث الهواء.
وأوضحت نيكولز أنّ الفريق استعان بمجموعة متنوعة من أدوات النمذجة والأساليب الإحصائية للجمع بين الأدلة من الدراسات المنشورة والبيانات المتاحة حول انتشار الخرف وحجم السكان وانتشار عوامل الخطر القابلة للتعديل، بما في ذلك التدخين وارتفاع نسبة السكر في الدم والسمنة والتحصيل التعليمي.
وأضافت أنّ أهم ما تبرزه النتائج هو أنّنا يجب أن نتوقع زيادة عدد الأفراد المصابين بالخرف في المستقبل، وأنّنا بحاجة لأن نكون مستعدين لهذه الزيادات عند حدوثها. وسيكون من المهم أيضا التأكد من أن النظام الصحي سيكون قادراً على توفير الموارد والدعم اللازمين للأفراد المصابين بالخرف ومقدمي الرعاية لهم.
ووفقاً للنتائج، تتأثر النساء بالخرف أكثر من الرجال. ففي عام 2019، كان عدد النساء المصابات بالخرف يفوق عدد الرجال المصابين بالخرف بنسبة 100 إلى 69. ومن المتوقع أن يظل هذا النمط في عام 2050. كما يتوقع الباحثون أن يرتفع عدد حالات الخرف في أوروبا الغربية بنسبة 74 في المائة، من حوالي 8 ملايين حالة في عام 2019 إلى ما يقرب من 14 مليوناً في عام 2050.