خطوات لحماية اليمنيات من الابتزاز الإلكتروني

23 اغسطس 2024
غالباً ما تخاف النساء من الإبلاغ عن هذه الجرائم (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **قصة أشواق ومعاناتها مع الابتزاز الإلكتروني**: تعرضت أشواق (19 عاماً) للابتزاز الإلكتروني بعد أن وثقت بشخص وعدها بالزواج، مما دفعها لبيع ذهبها لتلبية مطالبه المالية. اعترفت لعائلتها بعد تدهور حالتها النفسية، لتكتشف أن آلاف النساء اليمنيات يعانين من نفس الظاهرة.

- **تزايد ظاهرة الابتزاز الإلكتروني وجهود مكافحتها**: تزايدت حالات الابتزاز الإلكتروني في اليمن، وتعتمد جهود المكافحة على المبادرات الفردية مثل فريق مختار عبد المعز ومبادرة For Her. ضعف الوعي بالأمن السيبراني يعد من أبرز أسباب الوقوع في الفخ.

- **التحديات القانونية ومحاولات الحكومة لمكافحة الابتزاز الإلكتروني**: في ظل غياب القوانين الرادعة، تتزايد حالات الابتزاز. أنشأت الحكومة شعبة متخصصة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، وأكد المحامي العام الأول أهمية وجودها. تقرير كشف أن عدد مستخدمي الإنترنت في اليمن وصل إلى 8.7 ملايين حتى نهاية 2022.

حاولت الشابة اليمنية أشواق (19 عاماً)، الانتحار بعدما عانت من حالة نفسية صعبة استمرت لأشهر عدة، وذلك قبل أن يتمكن أحد إخوتها من إنقاذها في اللحظات الأخيرة. وقتها، اكتشف أهلها أن ابنتهم كانت ضحية ابتزاز إلكتروني من قبل شخص تعرفت إليه عبر موقع فيسبوك، ثم انتقل التواصل بينهما إلى منصة واتساب.

خلال فترة التواصل، تمكن المبتز من الحصول على صور شخصية لأشواق من دون حجاب، وبدأ في ابتزازها وتهديدها بنشر هذه الصور. أشواق، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أوضحت أن المبتز كسب ثقتها بعدما وعدها بالزواج، إذ طلب منها صوراً شخصية ليعرضها على أسرته بهدف الحصول على موافقتهم للزواج منها. وبسبب الخوف من الفضيحة، اضطرت لبيع ذهبها لتلبية مطالبه المالية التي بلغت 200 ألف ريال يمني، لكنه استمر في طلب المزيد، ما أدى إلى تدهور حالتها النفسية ودفعها لمحاولة الانتحار، قبل أن تعترف لعائلتها بما حدث. أشواق ليست حالة استثنائية، إذ تتعرض آلاف النساء اليمنيات لظاهرة الابتزاز الإلكتروني، التي تؤثر بشدة على وضعهن النفسي. تعود هذه الظاهرة جزئياً إلى الضغط الاجتماعي والعادات والتقاليد التي تجعل الفتيات يخشين الفضيحة أكثر من أي شيء آخر، ما جعل إبلاغهن أي فرد من أفراد الأسرة أمراً شبه مستحيل، بسبب تداعيات ذلك عليهنّ.

الابتزاز الإلكتروني على مواقع التواصل

في السنوات الأخيرة تزايدت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في اليمن، وتعد وسائل التواصل الاجتماعي ساحة رئيسية لهذه الجرائم. وتبدأ عمليات الابتزاز عادةً من خلال إقامة المبتز علاقة صداقة مع الضحية، ثم استدراجها للحصول على صورٍ خاصة يستخدمها لاحقاً لتهديدها، وطلب الأموال أو المزيد من الصور.

جهود مكافحة الابتزاز الإلكتروني في اليمن تعتمد غالباً على المبادرات الفردية. أسس الناشط مختار عبد المعز فريقاً تقنياً يتلقى يومياً ما بين 25 و30 بلاغاً من فتيات تعرضن للقرصنة والابتزاز. كما أطلقت الناشطة أمة الله غالب في عام 2020 مبادرة For Her لمساعدة وحماية ضحايا الابتزاز الإلكتروني.

من جهته، يشير الخبير السيبراني الدكتور معاذ عبد الفتاح في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن هناك أسباباً عدة تجعل الشخص يقع في فخ الابتزاز الإلكتروني، أبرزها ضعف الوعي بالأمن السيبراني واستخدام الإنترنت بشكل غير آمن. يوضح عبد الفتاح أن تحميل الملفات غير المعروفة، والنقر على الروابط المشبوهة، ومشاركة المعلومات الشخصية علنًا، كلها عوامل تساهم في اختراق الحسابات ووقوع الضحية في فخ الابتزاز.

وأضاف الخبير السيبراني أن تعزيز الوعي حول المخاطر الإلكترونية وحماية المعلومات الشخصية واستخدام كلمات مرور قوية وتفعيل خاصية التحقق بخطوتين، كلها إجراءات ضرورية للحماية من الوقوع في فخ الابتزاز. لكن، بسبب العادات والتقاليد المجتمعية، تتردد معظم الفتيات في إخبار أهلهن أو الإبلاغ عن المبتز لدى الأجهزة الأمنية. فقد أشار مصدر أمني في جهاز البحث الجنائي في تعز، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن عدداً قليلاً جداً من القضايا يصل إلى شعبة جرائم المعلومات خوفاً من وصمة العار المجتمعي، حيث يتم حل معظم القضايا بطريقة ودية.

وفي ظل غياب القوانين الرادعة، تتزايد حالات الابتزاز الإلكتروني للفتيات اليمنيات بشكل كبير. المحامي بسام سعيد علي أوضح لـ"العربي الجديد"، أنه حتى الآن لم يصدر أي قانون ينظم الجرائم الإلكترونية بما فيها الابتزاز الإلكتروني في اليمن. وأضاف أن القضاء اليمني يلجأ في بعض الأحيان إلى القياس بجرائم مماثلة، مثل الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والتهديد بإذاعة الأسرار، مستنداً إلى المادة 256 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني.

محاولات حكومية

مع غياب القوانين المتعلقة بقضايا المعلومات، أنشأت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً شعبة متخصصة لمكافحة جرائم الابتزاز الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي في مارس/ آذار الماضي. وأكد المحامي العام الأول للجمهورية فوزي علي سيف خلال افتتاح الشعبة أهمية وجودها لمكافحة جرائم الابتزاز الإلكتروني التي تتعرض لها النساء والفتيات والأطفال نتيجة الاستخدام السلبي لوسائط التواصل الاجتماعي.

وفي سياق متصل، كشف تقرير صدر عن وكالة "آيكون" للتسويق الإلكتروني بالتعاون مع "داتا بيكرز" أن عدد مستخدمي الإنترنت في اليمن وصل إلى 8.7 ملايين مستخدم حتى نهاية عام 2022، بزيادة 5.6% مقارنة بالعام السابق. وأشار التقرير إلى أن نسبة مستخدمي الإنترنت في اليمن تقدر بحوالي 27% من إجمالي عدد السكان، بينما يستخدم حوالي 11% من السكان شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يتصدر موقع فيسبوك القائمة بأكثر من 3.2 ملايين مستخدم، بينما يعتبر "واتساب" التطبيق الأكثر استخداماً من اليمنيين، ويأتي تيك توك كأكثر التطبيقات نمواً في البلاد من حيث عدد المستخدمين.

المساهمون