حظر الصين "بي بي سي": حقيقتنا هي الصحيحة

15 فبراير 2021
صحافيون وسياسيون مستاؤون بعد حظر الهيئة البريطانية (أولي سكارف/ Getty)
+ الخط -

يواصل حظر الصين خدمة "بي بي سي" إثارة ردود فعلٍ تدينه وتدعو إلى التراجع عنه. لكنّ للصين تاريخاً قديماً وجديداً مستمراً في هذه الممارسات. في ردّه على الحظر الصيني لخدمة "بي بي سي وورلد نيوز" في الصين وهونغ كونغ، انتقد المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية الجديد، تيم ديفي، الصين، محذراً في بيان نُشر على تويتر من "تهديدات عالمية كبيرة ومتنامية للإعلام الحر"، ومضيفاً أن بعض الدول تحاول "زيادة سيطرتها على المعلومات". وتابع أن "من دواعي القلق العميق أن يتم تقييد صحافيينا وتقليص عملهم. في هذه الأوقات الصعبة التي تنتشر فيها المعلومات المضللة، شهدنا تزايد أعداد جماهير مصادر الأخبار الموثوقة، بما في ذلك مئات الملايين الذين يأتون إلى بي بي سي". وقال "الآن، أكثر من أي وقت مضى، من المهم أن نتحدث علناً ​​للدفاع عن الصحافة الحرة والنزيهة".

جاء البيان رداً على التوترات المتزايدة بين المملكة المتحدة والصين بشأن حرية الإعلام. ففي منتصف ليل يوم الجمعة بتوقيت بكين، حجبت الهيئة الناظمة للإعلام في الصين بثّ "بي بي سي وورلد نيوز"، بسبب "انتهاكات خطيرة للمحتوى"، متهمة المحطة الإخبارية بخرق التوجيهات المحددة لوسائل الإعلام في البلاد، بعد بثها تقريراً مثيراً للجدل بشأن طريقة تعامل القوة الآسيوية مع أقلية الإيغور. وبثّت الهيئة في الثالث من فبراير/ شباط الحالي تقريراً وثّق روايات مروّعة عن عمليات تعذيب وعنف جنسي تعرّضت لها نساء من الإيغور في معسكرات اعتقال في إقليم شينجيانغ الصيني. وعرضت "بي بي سي" أيضاً وثائقياً اتّهم الصين بالتعتيم على مصدر "كوفيد-19" الذي ظهر في ووهان أواخر عام 2019. 

وجاء قرار الصين بعد أيام من إلغاء الهيئة الناظمة البريطانية (أوفكوم) رخصة شبكة "سي جي تي أن" الصينية، لخرقها القانون البريطاني في ما يتعلق بالملكية المدعومة من الدولة، ما أثار اتهامات غاضبة للندن بممارسة الرقابة. وكانت الخطوة التي اتخذتها الصين الأسبوع الماضي رمزية إلى حد كبير، لأن "بي بي سي وورلد" تُعرض فقط على أنظمة تلفزيون في الفنادق والمجمعات السكنية للأجانب وبعض الشركات الأخرى. مع ذلك، يأتي هذا التطور على خلفية الصراع المتزايد بين بكين والحكومات الغربية حول عدد كبير من القضايا التي تتراوح بين حقوق الإنسان والتجارة ووباء "كوفيد-19" الذي لعبت فيه الانتقادات الصينية للتغطية الإعلامية الأجنبية دوراً بارزاً.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وليس حظر الصين هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بجديدٍ على سياستها القمعيّة لكلّ ما لا يوافق رواياتها الرسميّة وإدارتها لحياة الصينيين اليوميّة. فقد شهد العام الماضي سلسلة إجراءات استهدفت وسائل إعلام أميركية بسبب الصراع السياسي والتجاري بين البلدين، ما أدى إلى طرد صحافيين واعتقال آخرين، وهو ما حصل في حالة الصحافية الأسترالية تشينغ لي التي تحتجزها السلطات بتهمة "إفشاء أسرار الدولة في الخارج"، لكنّ الحقيقة أنّ ذلك يعود إلى التوتر بين أستراليا والصين. 

والصين لا تقبل مخالفة رواياتها الرسمية في ملفّات عدة، بينها هونغ كونغ وتايوان وملف فيروس كورونا وملف الإيغور المسلمين الذين تؤكد التقارير تعرّضهم لأسوأ أنواع الاحتجاز والتنكيل في مخيمات صينية. كما أنّ النظام الصيني لا يقبل النقاش في هذه المواضيع حتى، لذا يحجب التطبيقات ووسائل الإعلام التي تأتي على ذكرها، وما حجبه لتطبيق "كلوب هاوس" الأسبوع الماضي إلا إثبات لهذا النهج.

تحجب الصين وسائل الإعلام التي تخالف رواياتها الرسمية

وقالت الهيئة الصينية الرسمية للإشراف على الأفلام والمحطات التلفزيونية والإذاعية، في بيان، إنّ تقارير "بي بي سي وورلد نيوز" بشأن الصين تشكّل "انتهاكاً جسيماً" للتوجيهات المحدّدة لوسائل الإعلام، بما في ذلك "متطلّبات أن تكون الأخبار صادقة ومنصفة"، و"ألّا تلحق ضرراً بالمصالح القومية للصين". وأضاف البيان أنّ "الهيئة الرسمية للإشراف على الأفلام والمحطات التلفزيونية والإذاعية لا تسمح لـ(بي بي سي) بمواصلة البث في الصين، ولا توافق على طلبها السنوي الجديد للبث".

وقد عبّر المراسلون البريطانيون والأميركيون والأجانب المقيمون في الصين عن استيائهم من حظر "بي بي سي". وقال فريق العمل العالمي للإعلام العام، المكون من مديري شركات إخبارية كبيرة، بما في ذلك ABC في أستراليا وZDF في ألمانيا، إنهم "قلقون للغاية" من القرار في كل من الصين وهونغ كونغ. وأضاف الفريق أنّ "هذه الإجراءات تقيد بشدة الوصول إلى مصادر موثوقة للأخبار وحرية الإعلام داخل المنطقة. الوصول إلى الصحافة المستقلة هو حق أساسي وحاسم بالنسبة للمواطنين في كل مكان ليتم إعلامهم".

من جانبه، وصف وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب قرار منع بث المحطة في بر الصين الرئيسي بأنه "انتهاك مرفوض لحرية الإعلام" من قبل الصين. ونددت واشنطن بقرار حجب محطة "بي بي سي وورلد نيوز" في الصين، ودعت إلى احترام حرية الإعلام. وانضم الاتحاد الأوروبي إلى مجموعة من الانتقادات بشأن هذه الخطوة، ودعا الصين إلى التراجع عن القرار. وأضاف: "لا يزال الاتحاد الأوروبي ملتزماً بشدة بحماية حرية وسائل الإعلام والتعددية، فضلاً عن حماية الحق في حرية التعبير عبر الإنترنت وخارجها، بما في ذلك حرية اعتناق الآراء وتلقي ونقل المعلومات من دون تدخل من أي نوع".

المساهمون