من المتوقع أن يشهد مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن اهتمامًا متزايدًا هذا العام، إذ يتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؛ فقد يثير فضول كثيرين لاستكشاف تفاصيل وجوانب مختلفة ترتبط بالواقع الفلسطيني.
من بين الأفلام التي يقدّمها المهرجان، يفتتح الوثائقي "حرية الغد" هذا الحدث، برؤية مميزة ترصد الواقع الفلسطيني بعيون مخرجتين بريطانيين والمنتجة سوسن أصفري، التي أجرت معها "العربي الجديد" مقابلةً، للتعرّف إلى الفيلم، الذي وصفته بأنّه لا يمثّل فقط نضال مروان البرغوثي، بل يجسّد واقع كثير من الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم وقضية الشارع الفلسطيني.
ولأصفري مشاركات في إنتاج عديد من الأفلام، بما في ذلك "ملح هذا البحر" و"لما شفتك" و"واجب"، و"الأستاذ" للمخرجة فرح نابلسي.
مع ذلك، لا تقتصر أنشطتها على العمل السينمائي، بل تعدّ شخصية بارزة في مجال دعم القضية الفلسطينية، فهي الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الجليل في لندن، التي توفّر منحًا دراسية للطلاب الفلسطينيين. وتشغل أيضًا منصب عضو في مجلس إدارة مشروع الولايات المتحدة/ الشرق الأوسط، وهو معهد سياسات غير ربحي يهتم بالقضايا السياسية في فلسطين المحتلة، من خلال مناقشات تهدف إلى إيجاد حلول فعّالة وشاملة للقضية الفلسطينية.
في هذه المقابلة، تفتح أصفري أمامنا نافذة على وثائقي "حرية الغد" وإمكانية أن يكون الفنّ وسيلة لنقل الحقيقة والتأثير في القرارات.
لماذا اخترت تقديم فيلم حول حياة وقصة السياسي مروان البرغوثي؟
في الواقع، سألتني صوفيا وجورجيا سكوت، مخرجتا الوثائقي "حرية الغد"، عن مروان البرغوثي، قبل البدء في العمل عليه. وأكّدت دعمي لهما من عدّة نواح، وبالتحديد الإنتاج. ومن منطلق إيماني أن الأفلام هي وسيلة للوصول إلى الناس، آمل أن يترك هذا الوثائقي تأثيره لدى الجمهور والحكومات، التي من الممكن ان تملك قرار الإفراج عن البرغوثي وتسليط الضوء على قضية الآلاف القابعين في السجون الإسرائيلية، وبينهم من هو أسير من دون محاكمة.
نظرًا إلى الطابع السياسي للفيلم، هل كانت هناك أي مخاوف أو تحديات في ما يتعلق بالوصول إلى بعض المواقع أو الأفراد أو المعلومات خلال عملية الإنتاج؟
كل ما يتعلق بفلسطين يحمل تحدّيات، سواء كان فيلما وثائقيا أو روائيا. وهناك دائما أشخاص على استعداد لانتقاده. بيد أنه عندما نقدّم وقائع لأمور حدثت، ونتناول موضوعًا معيّنًا، نواجه كثيرًا من المتاعب كوننا على حق. على سبيل المثال، ذات مرّة أثناء التصوير، حدثت اشتباكات في الضفة، وخشيت المخرجتان على سلامتهما الشخصية. كذلك، كانتا تهرّبان القرص الذي يحمل لقطات التصوير، خوفًا من وقوعه بين أيدي سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي يمكن أن تصادره.
وحتى في لندن، كان هناك نقاش حول اختيار "حرية الغد" لافتتاح مهرجان الفيلم الفلسطيني في ظل الظروف الراهنة والحسّاسة، لكن تقرّر في النهاية اعتماده. كذلك، في الضفة الغربية، تحكّمت الأوضاع الصعبة التي تعانيها المنطقة حاليًا في قدرة فدوى البرغوثي، زوجة مروان، على القدوم إلى لندن ومشاركتنا جلسة الأسئلة والأجوبة المقرّرة عقب عرض الوثائقي، واضطرت للاعتذار رغم حصولها على التأشيرة البريطانية.
هل تتوقعين أن يحظى الفيلم بصدى أكبر في هذا الوقت حيث تتعرّض غزة لعدوان إسرائيلي؟
أكيد؛ لأن الموضوع لا يقتصر على وقف إطلاق النار على غزة، بل هناك تساؤلات عمّا سيحدث بعد ذلك. ولا يعرف الإسرائيليون ما الذي سيقومون به بالتحديد. وهو مهم الآن أكثر من أي وقت مضى، إذ يرى كثير من الناس في شخصية مروان البرغوثي، نيلسون مانديلا فلسطين، وذلك لأسباب عديدة بما في ذلك التضحيات الكبيرة التي قدّمها لوطنه ورفضه العنف الموجّه ضد المدنيين، والشعبية التي يتمتع بها في كل من غزة والضفة الغربية. كما يُنظر إليه على أنه الوحيد الذي يمكن أن يقود حكومة موحدة كونه موضع ثقة الشباب والأكبر سنًّا.
يشير الفيلم إلى أن مروان البرغوثي قد يقود الشعب الفلسطيني في يوم من الأيام. كيف يستكشف الفيلم صفات قيادته وتأثير دوره السياسي على قضية الشعب الفلسطيني؟
مروان البرغوثي قائد بالفطرة، والفيلم يبرز هذا الجانب؛ إذ يعرض مراحل حياته منذ أن كان يقود حركات طلابية في الجامعة في فلسطين وهو لا يزال طالبًا، وكيف أصبح بعدها قائدًا للذراع العسكرية لحركة فتح.
والجدير بالذكر أنه عندما كان من المفترض إجراء انتخابات في عام 2021، أظهرت استطلاعات الرأي أنه كان سيفوز بنسبة 60-80% من الأصوات. نشعر أن هذا الفيلم مهم، لأن السؤال الذي يطرحه الجميع الآن هو: "من يستطيع قيادة فلسطين عقب انتهاء العدوان على غزة؟". ولا نريده أن يكون مجرد فيلم وثائقي يُشاهد على نطاق واسع فحسب، بل نريده أيضًا أن يزيد الوعي ويسلط الضوء على محنة آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك النساء والأطفال وأن يكون بمثابة الدعوة إلى حريتهم وحرية مروان البرغوثي.
ويتميز الفيلم أيضًا، بعرضه مقابلة مع البرغوثي، هي الوحيدة التي سُمح بها خلال سنوات عديدة، يبين خلالها استعداده لقيادة الشعب الفلسطيني وما ينبغي القيام به لإنهاء الاحتلال حتى يكون هناك سلام وأمن.
لماذا قد يرغب شخص ما في مشاهدة هذا الفيلم، في حال لم تكن لديه أي معلومة عن البرغوثي؟
أعتقد أن عنوان الفيلم "حرية الغد" جاذب لأن مبدأ الحرية مهم لمعظم الناس سواء في الغرب أو الشرق. وعلاقة الفيلم بفلسطين تجذب الناس لأنّ هناك اهتماما بالقضية الفلسطينية، خصوصًا في ظلّ الأوضاع الحالية.
الفيلم يحمل رسالة مفادها أن البرغوثي قد يكون الشخص المناسب لتمثيل وقيادة الفلسطينيين وتوحيدهم. وتسلّط المقابلة في الفيلم الضوء على أن معظم الفلسطينيين، من خبراء ومحللين سياسيين، يتفقون على أنه الوحيد القادر على جمعهم تحت شعار واحد وحكومة واحدة.