جندي مجهول... نُصب آخر للراب في باريس

10 يناير 2021
الاستوديو حالياً يتخذ شكل مقرّ عمل منزلي موسّع (الصورة: محمد بدرة)
+ الخط -

قبل أيام، أعلن الرابر والمنتج الموسيقي السوري، خيري البيش، المعروف باسم "جندي مجهول"، افتتاحه لشركة إنتاج تحمل اسم "جندي مجهول"، مقرها في مدينة باريس، التي استقر فيها منذ عدة أعوام، بعد أن خاض رحلة الاغتراب الخاصة به، والتي عرّج خلالها على مدينة بيروت، التي كانت جزءاً مهماً من رحلته الموسيقية، بعد أن غادر محطة دمشق، حيث أسس مشروعه الموسيقي الأول، وشكل أحد أضلاع ثلاثي "لتلتة"، إلى جانب بو كلثوم والسيد درويش. وفي لقاء خاص أجراه "العربي الجديد"، تحدث "جندي مجهول" عن المسار الذي سارت فيه رحلته الموسيقية، وكانت نتيجته إنشاء شركة إنتاج في فرنسا.


- كيف بدأت فكرة إنشاء شركة الإنتاج التي أعلنت عنها مؤخراً، والتي أطلقت عليها اسمك الفني الذي عرفت به "جندي مجهول"؟
* فكرة افتتاح شركة الإنتاج كانت تراودني منذ وقت طويل، فهي ليست بالأمر الجديد، أي أنني لم أفكر بيوم وليلة أن أنشئ شركة. فعلياً، هذه الفكرة كانت في بالي منذ أن كنت في سورية، إذ كنت أحلم حينها بإنشاء الاستوديو الموسيقي الخاص بي. إنه حلم قديم جداً، فأنا دخلت أول استوديو موسيقي عندما كنت في الحادية عشرة من عمري، وأعزف على العديد من الآلات الموسيقية. كنت دائماً أحلم بأن أعيش حياتي المهنية في استوديو. وقد لازم مشروع استوديو الإنتاج هدف، إذ كنت آمل دائماً أنني من خلاله سأتمكن من مساعدة المواهب والفنانين الجدد على الظهور. هذا الدور لم أكن لأتمكن من تحقيقه بالعمل باسمي الشخصي؛ فالعمل باسمي الشخصي، "جندي مجهول"، الذي عُرفت به كـ رابر، يختلف تماماً عن العمل باستوديو للإنتاج الموسيقي. أعتقد أنني خلال السنوات العشر الماضية تمكنت من مراكمة خبرات كبيرة، بجوانب موسيقية متنوعة، فلم تقتصر خبرتي على الراب، بل قمت بإنتاج موسيقى لأفلام وإعلانات عديدة خلال السنوات الماضية، وهذه الموسيقى كانت تنزل تحت اسمي الحقيقي، خيري البيش، وليس حتى لقبي الذي عُرفت به "جندي مجهول". هذه أيضاً عوامل كثيرة جعلتني أعزم على إنشاء شركة الإنتاج لأتمكن من لملمة كل حزم العمل الموسيقي التي أقوم بها، وأوجهها ضمن مصدر واحد، باسم شركة الإنتاج "جندي مجهول"، التي بدأنا بالإعلان عنها من خلال صفحة على فيسبوك.


- ما هو شكل شركة الإنتاج وآلية عملها بالوقت الحالي؟ هل هي استوديو منزلي؟ 
* في الوقت الحالي نعم، إنه استوديو منزلي موسّع، وهو حجر الأساس لشركة الإنتاج التي لا تزال اليوم بطورها الأول. ونعتمد على استوديو منزلي والسوشيال ميديا، لكنها خطوة باتجاه افتتاح شركة إنتاج موسيقي كبيرة تحمل ذات الاسم؛ وهي خطوة قريبة جداً ستتم بسنة 2021. الفكرة من شركة الإنتاج ليس فقط صناعة الموسيقى، بل هي شركة إنتاج متكاملة، تضم اليوم فريقا كاملا يقدم للفنان كل ما يحتاجه.


- مشروعك الفني الشخصي الذي بدأ بالراب في دمشق، ومرّ بعدة مراحل متناغمة، كتشكيل ثلاثي "لتلتة" وغيرها. ما الذي تغير فيه حتى تحول بهذا الشكل، نحو إنشاء استوديو للإنتاج الموسيقي في باريس؟ 
* هناك مسألتان تغيرتا وحددتا هذا التوجه، هما: مسألة الإمكانيات التي باتت متاحة هنا، ومسألة الخبرات التي قمت بمراكمتها خلال عشرة أعوام، والتجارب التي قدمتها بعالم الإنتاج الموسيقي، ابتداءً من الموسيقى التي صنعتها لمغنّي الراب من بلاد عربية مختلفة، من لبنان وفلسطين والأردن.
ولكن كلا الأمرين لا يتعارضان مع مشروعي الموسيقي الأول المتمثل بالراب الذي ما زلت أمارسه، والذي أحبه أكثر من أي شيء آخر، ولن أتوقف يوماً عن مواصلة رحلتي فيه. فعلياً، كل الخبرات والمشاريع التي شاركت بصناعتها كان لها دور بالتحريض على التفكير لتأسيس شركة الإنتاج التي سأتمكن من خلالها من تجميع الجهود التي أبذلها، وسيكون لها تأثير إيجابي، سواءً من الناحية المادية أو من ناحية التقدير المعنوي الذي سأحصل عليه. أما الإمكانيات، فهي مسألة تتعلق بالمكان. ففي سورية، لم يكن من الممكن فتح شركة إنتاج موسيقي، فالسوق يسيطر عليه الحيتان، وليس من السهل أبداً أن تنشئ شركة لتنافس وتفتح عملا؛ بينما في فرنسا توجد الإمكانية ليقوم الشخص بإنشاء عمله الخاص والمستقل. وبالإضافة إلى ذلك، فإنني فعلياً تطورت كثيراً من الناحية المهنية، فأنا لم أتوقف عن العمل الموسيقي خلال عشرة أعوام، وعملت كمهندس صوت ومصمم صوت في بيروت وفرنسا بالعديد من الراديوهات والاستوديوهات وشركات الإنتاج؛ ما يعني أنني راكمت الكثير من الخبرات خارج نطاق الراب، ووقعت بسجلي المهني على الكثير من المشاريع، منها إنتاج موسيقى لعدة أفلام، بالإضافة إلى عروض تجهيز والكثير من الخبرات المتنوعة التي تؤهلني اليوم لافتتاح شركتي الخاصة أخيراً.


- أنت تؤكد على استمرار عملك بمشروع الراب "جندي مجهول"، وتشير إلى استقلالية هذا المشروع وأولويته. لكن لماذا اخترت ذات الاسم، "جندي مجهول"، كاسم لشركة الإنتاج الموسيقي أيضاً، إذا كان المشروعان منفصلين؟ 
* نعم هما مشروعان منفصلان إلى حدٍ ما؛ لكن كلا المشروعين يتقاطعان بأن "جندي مجهول" هو أنا. وأنا أعرف أيضاً أنه مهما عملت بمشاريع بعيدة عن الراب، سيكون دائماً إنتاج "بيتس" أغاني الراب العربي هو الجانب الذي يمثلني بالشكل الأمثل، فهو العالم الذي أعيش فيه منذ عشرة أعوام. فعلياً هذا العالم سيكون الرابط الوحيد بين الرابر "جندي مجهول" وشركة الإنتاج التي تحمل ذات الاسم.

المساهمون