جبال كردستان... قبلة عشاق رياضات التسلق والتزلج

06 ابريل 2021
تمتاز تضاريس الإقليم العراقي بجبالها الشاهقة المغطاة بالثلوج (Getty)
+ الخط -

يخرج شاديار علي من منزله في السليمانية في إقليم كردستان العراق كل يوم جمعة للتجمع في حديقة "آزادي" عند الساعة الخامسة فجراً، والانطلاق بعد ذلك إلى المناطق الجبلية، ولا سيما القريبة من الحدود مع إيران، للتنزه والمشي والاستمتاع بالمناظر الطبيعية بعيداً عن صخب المدن. إلا أن هذه الرياضة، كما يصفها شاديار، لا تخلو من المخاطر.

يقول علي (30عاماً) لـ"العربي الجديد"، إنَّ "الرحلات التي تنطلق إلى المناطق الجبلية والوديان في مدينة السليمانية، ينظمها شبّان من المحترفين والهواة، ولديهم ولع بالتعرف على الطبيعة والمشي في المنحدرات وتسلق الأماكن المرتفعة، وهو جزء من اتحاد متسلقي كردستان الذي يسمح لهم بممارسة هذه الرياضة في عموم مناطق إقليم كردستان دون تعرض أمني".

ويشير إلى أن "أصل هذه الهواية بطبيعة الحال ليس تسلق الجبال، بل التنزه في المناطق الجبلية، لذلك فإن اسمها باللغة الإنكليزية hiking، ومعظم المناطق التي نصل إليها، هي مناطق ذات طبيعة ساحرة وتحتوي على تضاريس جميلة، وبالتالي ليست جبالاً فحسب"، مبيناً أن "هواة التنزه، يسيرون في جموعات لمسافة تتراوح بين 5 إلى 15 كم كحد أدنى حسب اللياقة البدنية للمشاركين".

الرحلات التي تنطلق إلى المناطق الجبلية والوديان في مدينة السليمانية، ينظمها شبّان من المحترفين والهواة

وبشأن المناطق التي تتنزه فيها المجموعات الشبابية، يلفت شاديار علي إلى أن "معظم الأماكن هي عبارة عن حقول ووديان وبساتين وجبال، مثل "هورمان" ودربندخان وحلبجة ودوكان وجبال تابعة لحلبجة، وقرداغ، وهي أماكن متعددة. كما أن مجموعات التنزه، لا تحتوي على شباب من إقليم كردستان، بل يُشارك فيها شبّان من محافظات العراق الوسطى والجنوبية، إضافة إلى أجانب يعملون بشركات في مدينة السليمانية". 
وتمتاز تضاريس إقليم كردستان العراق بجبالها الشاهقة المغطاة بالثلوج عدة أشهر في السنة، مما يشجع كثيرين في عموم العراق على الانضمام إلى فرق التسلق والتزلج، فيما تكثر في المنطقة العديد من السلاسل الجبلية التي يبلغ ارتفاعها آلاف الأمتار عن مستوى سطح البحر. ويؤكِّد أن "المشي في المناطق الجبلية، يحتاج إلى معدات خاصة، منها الأحذية والملابس، إضافة إلى النظارات وعصا التنزه الخاصة بهذه الرياضة، إضافة إلى مياه الشرب وعدّة خاصة بالأكل وطبخه، ناهيك عن أهمية وجود جهاز لاسلكي من أجل التواصل، لأن في تلك المناطق لا تتوفر خدمة الإنترنت كما تغيب شبكات الاتصال". 
ويروي شاديار علي كيف أنه ضاع في واحدة من جولاته في جبل "كوره كاجاو" في مدينة السليمانية، حيث كان الجبل والوادي الذي يقع على محيطه مغطيان بالثلج، وقد سقط في حفرة مغطاة بالثلج، الأمر الذي أدى إلى تأخره عن الفريق الجوّال معه، ولكن الملابس الخاصة التي كان يرتديها الفريق جعلته يتعرف إليهم من بعيد، ومن ثم اللحاق بهم، حيث يرتدي المتسلقون ملابس ذات ألوان فاقعة مثل الأحمر والأزرق والأخضر والأصفر. ولم يكن لدى شاديار جهاز تواصل لاسلكي، ما اضطره عقب هذا الموقف إلى شراء واحدٍ كي يستطيع التواصل مع فريقه عبر ترددات معينة.

ويشير شاديار إلى أن "الهواية ليست جديدة في إقليم كردستان، بل إنها بدأت بالانتشار بشكل واسع بعد عام 2003، وهناك أكثر من عشر مجموعات في السليمانية، وبعضها يخرج بشكل يومي، وأخرى تخرج بشكل أسبوعي، معظم القائمين على هذه الهواية لا يهدفون إلى الربح المادي، ولذلك فإن المبالغ التي تحصل عليها إدارة المجموعات رمزية ولا تتجاوز 8 دولارات أميركية، وهي تعتبر أجور نقل فقط".
ومن الصعوبات التي تواجه محبي التسلق والتنزه في المناطق الجبلية، هي "شروط السلامة التي تمثل أهمية كبيرة، ونقطة ضعف في الوقت نفسه لدى هذه المجموعات، ولذلك لا ينبغي اصطحاب الأطفال، إضافة إلى أن بعض المناطق تحتوي على ألغام، مثل "قضاء بنجوين" الحدودي مع إيران، لذلك نستعين غالباً بأدلة من تلك المناطق لعدم الاقتراب من المساحات الخطرة"، وفقاً لعلي.
وشهدت جبال كردستان العراق العديد من الحروب في منتصف القرن الماضي وحتى نهايته، من بينها الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثمانية أعوام، إضافة إلى الصراع بين الأحزاب الكردية والمعارضين ضد الحكومة العراقية خلال فترة حكم صدام حسين"، التي انتهت من الصراع المسلح عام 1991. ويكمل أن "التجول في تلك المناطق والتنزه فيها، هو أمر رائع، كونه يمثل رحلة استكشافية، إضافة إلى الشعور بالأمان الذي تتركه الطبيعة النظيفة في نفوسنا بعيداً عن ضوضاء المدن، ناهيك عن الراحة النفسية والرياضة، وخلال الجولات نتعرف على أنواع كثيرة من الحيوانات والزواحف، والأشجار المتنوعة والغريبة".

دلالات
المساهمون