تيم داوسون: استهداف صحافيي غزة جريمة حرب

26 ديسمبر 2023
داوسون: من الصعب الاعتقاد بأن الصحافيين في غزة غير مستهدفين عمداً (مارك كيريسون/ Getty)
+ الخط -

أكد نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين تيم داوسون أن استهداف الصحافيين عمداً يعد انتهاكاً للقانون الدولي وجريمة حرب، وذلك في لقاء مع وكالة الأناضول علّق فيه على استشهاد الصحافيين والعاملين في قطاع الإعلام على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

وقال تيم داوسون: "بموجب القانون الدولي، يجب على القوات المسلحة اعتبار الصحافيين مدنيين وضمان سلامتهم. ومن الواضح أن استهداف الصحافيين عمداً يعد انتهاكاً للقانون الدولي وجريمة حرب".

وذكر داوسون أن غزة تحولت إلى "مدينة أشباح" نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، وأن الفلسطينيين يحاولون البقاء على قيد الحياة من دون توفّر الظروف الإنسانية الأساسية، وأن العاملين في مجال الإعلام الذين يتعرضون للاستهداف الإسرائيلي كل يوم تقريباً هم "من أكبر ضحايا المأساة الحاصلة في القطاع".

ووصف داوسون عدد الصحافيين الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة بأنه "فظيع ومفجع"، مضيفاً أن "عدد القتلى في غزة تجاوز 20 ألفاً. وبحسب مصادر محلية، فإن عدد الصحافيين الذين فقدوا أرواحهم في المنطقة بلغ 103، ووفقاً لإحصائيات الاتحاد الدولي للصحافيين، فإن العدد هو 63 أو ربما أكثر". وأضاف داوسون أن ما بين 7 و8 في المائة من الصحافيين الموجودين في المنطقة فقدوا حياتهم، وأن بعض الصحافيين فقدوا جميع أفراد عائلاتهم تقريباً، مبيناً أن هذه الأرقام تكاد تكون غير مسبوقة مقارنة بعدد الصحافيين في غزة.

وفي معرض تعليقه على ادعاءات إسرائيل أنها لا تستهدف الصحافيين عمداً، قال داوسون: "الصحافيون في غزة الذين تحدثت إليهم يعتقدون بوضوح أنهم مُستهدفون. وبالنظر إلى المعدل المرتفع لوفيات الصحافيين، فمن الصعب الاعتقاد بأنهم غير مستهدفين عمداً".

التعتيم على أخبار غزة

شدد داوسون على أن إسرائيل ارتكبت العديد من جرائم الحرب في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين شنت حرب الإبادة على القطاع، عقب عملية طوفان الأقصى التي نفذها مقاومو "القسّام"، الجناح المسلح لحركة حماس، والتي أسفرت عن مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز 240 رهينة.

وتابع قائلاً لوكالة الأناضول: "من الواضح أن وضع الجميع في غزة مزر. فالطعام والماء والوقود والمأوى تكاد تكون غير موجودة. لقد نزح الجميع تقريباً. ووفقاً للقانون الدولي، يجب على القوات المسلحة اعتبار الصحافيين مدنيين وضمان سلامتهم، واستهدافهم يعد جريمة حرب. ويجب أن تُسأل الحكومة الإسرائيلية عن الغرض من هذه الأعمال ولماذا يستهدف الصحافيون".

وأكد داوسون أن قطع التيار الكهربائي والاتصالات عن غزة نُفّذ بهدف منع تدفق الأخبار من القطاع. وأردف: "هناك انقطاع مستمر في الاتصالات في القطاع. وقد قُتل العديد من الصحافيين الفلسطينيين خلال الهجمات الإسرائيلية، وينقل الصحافيون في غزة الأخبار بقدر ضئيل من الإمكانات، وإسرائيل تفعل كل شيء لمنع وصول الأخبار من غزة".

ولفت إلى أن مقتل الصحافيين يؤثر مباشرة على حرية الصحافة، وشدد على أن الاتحاد الدولي للصحافيين يدعم كافة الجهود الرامية إلى ضمان سلامة الصحافيين في غزة وقدرتهم على القيام بواجباتهم. وأضاف: "يعمل الاتحاد الدولي للصحافيين مع اتحاد الصحافيين الفلسطينيين لضمان عدم انقطاع تدفق الأخبار من غزة. ونحن نعلم أن جهودنا أنقذت حياة الصحافيين في القطاع. لكننا رغم ذلك ندعو الجميع إلى الكفاح من أجل أن يتمكن الصحافيون من البقاء على قيد الحياة والاستمرار في عملهم".

التحقيق في مقتل الصحافيين في غزة

ذكر داوسون أن الاتحاد الدولي للصحافيين تقدّم بطلب إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن الصحافية الفلسطينية التي تحمل الجنسية الأميركية شيرين أبو عاقلة التي قتلها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة عام 2022.

وأضاف: "أنا كصحافي، أدعو المحكمة الجنائية الدولية إلى تسريع التحقيق في مقتل زملائنا الصحافيين الفلسطينيين. وآمل أن تبدأ تحقيقاً شاملاً في مقتل العديد من الصحافيين في غزة".

وأشار إلى أن "المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان زار الضفة الغربية أخيراً، وأكد لاتحاد الصحافيين الفلسطينيين أن التحقيق جارٍ حول مقتل شيرين أبو عاقلة. أعتقد أن هذا التطور سيسلط الضوء على ما يحدث في غزة اليوم"، ورأى أن التحقيق الذي يجري في المحكمة الجنائية حول مقتل الصحافيين الفلسطينيين يمثل عتبة مهمة في بناء الثقة في القانون.

وأضاف متحدثاً لـ"الأناضول": "لا أعرف مدى إمكانية جمع الأدلة اللازمة لمحاسبة المجرمين وإجراء التحقيقات والمحاكمات الجنائية بشكل صحيح في خضم هذه الأحداث، لكنني أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يثق الشعب الفلسطيني بالقانون الدولي بشكل عام".

كانت لجنة حماية الصحافيين قد أصدرت تقريراً في مايو/ أيار الماضي، انطلقت فيه من جريمة قتل أبو عاقلة، لتوثّق مسؤولية جيش الاحتلال عن مقتل 20 صحافياً على الأقل منذ 2001، ووجدت "نمطاً من الاستجابة الإسرائيلية يبدو مصمماً للتملص من المسؤولية".

وأعلنت منظمة مراسلون بلا حدود، ومقرها العاصمة الفرنسية باريس، الأسبوع الماضي، أنها "قدمت شكوى ثانية إلى المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية مقتل 7 صحافيين فلسطينيين في غزة، بين 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي و15 ديسمبر/ كانون الأول الحالي". ورداً على المأساة المستمرة في غزة، قدمت "مراسلون بلا حدود" شكواها الثانية بخصوص "جرائم حرب محتملة" من جانب القوات الإسرائيلية، وفق ما أفادت في بيان لها. وأوضح البيان نفسه أن "مراسلون بلا حدود" حثت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان "على التحقيق في جميع حالات مقتل الصحافيين الفلسطينيين على يد الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر".

ومن بين الصحافيين الشهداء الذين وردت أسماؤهم في الشكوى: مصور وكالة الأناضول منتصر الصواف، والصحافي في إذاعة النجاح عاصم البرش، وبلال جاد الله من بيت الصحافة الفلسطيني، ورشدي السراج، وحسونة سليم من وكالة أنباء القدس، والمصور الصحافي في قناة قدس نيوز ساري منصور، والمصور في قناة الجزيرة سامر أبو دقة.

كانت "مراسلون بلا حدود" قد أعلنت، في الأول من نوفمبر، أنها رفعت شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن ارتكاب "جرائم حرب" بحق صحافيين خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، "تتضمّن تفاصيل حالات 9 صحافيين قتلوا منذ السابع من أكتوبر (8 فلسطينيين، وإسرائيلي)، واثنين أصيبا في أثناء ممارسة عملهما".

صحافي على الأقل يستشهد كل يوم في غزة

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الأحد، استشهاد الصحافيَين الفلسطينيَين محمد يونس الزيتونية ومحمد عبد الخالق العف بقصف إسرائيلي شمالي القطاع، ما يرفع عدد الشهداء الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي الذين قتلتهم قوات الاحتلال إلى 103 منذ بدء العدوان.

وفي وقت سابق من يوم الأحد، أفاد المكتب الحكومي بأن عدد الصحافيين الشهداء خلال العدوان على قطاع غزة بلغ 101 صحافي، بعد "ارتقاء الصحافي الشهيد أحمد جمال المدهون".

وكان قد أعلن، السبت، ارتفاع عدد الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي الذين قتلوا بهجمات إسرائيلية على القطاع إلى 100. والجمعة، أفاد بأن عدد الشهداء الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي ارتفع إلى 99.

هذا يعني أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتل كل يوم صحافياً على الأقل في غزة.

المساهمون