"تيك توك" في أفغانستان: حجب صُوَريّ؟

18 سبتمبر 2023
7.67 ملايين شخص يستخدمون الإنترنت في أفغانستان (ستيفانو غيدي/ Getty)
+ الخط -

من النرويج حيث تقيم، تستخدم الأفغانية صغرة سلطاني، وهي مجازة في علم النفس، منصة تيك توك، لمخاطبة النساء والفتيات الموجودات في بلادها "هذا التطبيق أصبح أداةً للنجاة بالنسبة للشابات الأفغانيات المحاصرات، من دون حقوق في أفغانستان... بعضهن لديهن جروح عميقة جدًا، وأساعدهن باستخدام نفس الطرق التي ساعدتني في التغلب على تحدياتي. أساعد أيضاً النساء في التعامل مع العنف والقيود المتزايدة"، تقول في حديث مع موقع "بي بي سي أفريقيا".
في فيديوهاتها، تتناول سلطاني (32 عاماً) في بثها عبر "تيك توك" مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك القلق، والاكتئاب، وإدارة الغضب، ومشكلات العلاقات، وآثار الصدمات في الطفولة.

ورغم حظر "تيك توك" في أفغانستان منذ أبريل/ نيسان 2022 بعدما ارتأت حركة طالبان أنه "يضلل الشباب، ويقدّم محتوى 
لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية"، إلا أن أساليب تجاوز الحجب باتت متاحة بشكل كبير، وتستخدم شريحة كبيرة من الأفغان التطبيق.
وتتعدد استخدامات التطبيق، لكن الاستخدام الأساسي يبقى البحث عن الترفيه والتسلية، بعدما اختفت هذه النوعية من الإنتاجات عن شاشات التلفزيون منذ عودة "طالبان" إلى الحكم، تماماً كما اختفت الحفلات الفنية، وباتت الموسيقى والرقص ممنوعان.
لكن المحتوى الأفغاني على "تيك توك" ليس حكراً على هؤلاء الذين يعيشون خارج البلاد، بل إن الشبان والشابات الذين يعيشون في مدن تتيح لهم الوصول إلى خدمة إنترنت جيدة ينشرون بانتظام مقاطع فيديو تجمع بين الموسيقى ومزامنة الشفاه Lip-Sync، والتقليد، والمشاهد الكوميدية. ويحاول هؤلاء البقاء بعيدين عن السياسة فلا ينتقدون "طالبان" ولا القيود التي تفرضها على منصات التواصل وعلى الحياة اليومية.
شامس أحمد أحد المؤثرين المقيمين داخل أفغانستان. يبلغ أحمد من العمر 20 عاماً، ويملك 500,000 متابع و10 ملايين مشاهدة لمقاطعه. لا يقدم أي محتوى سياسي، بل يقضي عادة وقته في المراكز التجارية لأداء عروضه الكوميدية، وهي أماكن يلتقي فيها الشبان الأثرياء، مسلطاً الضوء على عالم نادراً ما يظهر في التغطية الإعلامية الغربية عن بلاده.

لكن تبقى الشريحة الكبرى من مستخدمي التطبيق، ومن صنّاع المحتوى عليه، من الأفغان الذي يعشون خارج البلاد.
أونكا أجايبزاي، إحدى المؤثرات الأفغانيات على التطبيق الصيني، مع أكثر من 100 ألف متابع، غاردت مدينتها قندهار قبل عام واحد، هرباً من الضغوط الموجودة. ومع إطلاق حسابها على "تيك توك" بدأت بعقد مناظرات سياسية مباشرة لكن بعد تلقي تهديدات بالقتل تركت القضايا السياسية، وباتت تركز على تقديم دروس في اللغة البشتونية والثقافة العامة للفتيات اللواتي حُرمن من الوصول إلى التعليم. لكنها تقول إنها تتعرض بشكل متواصل لانتقادات بسبب عدم ارتداء الحجاب. وهو انتقاد يتكرر لكل أفغانية تظهر على مواقع التواصل من دون غطاء الرأس.
من جهتها تسأل الصحافية الأفغانية (مقيمة في ألمانيا حالياً) تمانا جاهيش إن كان هناك حظر حقيقي لـ"تيك توك" في أفغانستان، أم أن ذلك مجرّد دعاية "لأن المنصة شهدت زيادة كبيرة في أعداد المؤثرين الأفغان خلال العامين الأخيرين... وهو ما دفع بعض الخبراء إلى وصف حظر طالبان لـ(تيك توك) بالفشل الكبير".

على الرغم من حدة "طالبان" في مواجهة وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن أنصار الحركة يستخدمون بكثرة مختلف المنصات، خصوصاً "تيك توك" الذي يتفادى فرض رقابة سياسية ضيقة على المحتوى. على سبيل المثال يعتبر جميل قادري وهو لاجئ أفغاني يعيش في بلجيكا منذ عام 2010، أحد أشهر هذه الوجوه. إذ يستخدم "تيك توك" للترويج للحركة، وانتقاد معارضيها، وبعض الناشطات الموجودات خارج البلاد.
يملك قادري أكثر من 60 ألف متابع، وأكثر من مليون إعجاب بالمحتوى الذي يقدّم، وبعدما ارتفع خطاب التحريض الذي يقدّمه، طالبت نائبة وزير الهجرة البلجيكي نيكول دي مور في يونيو/حزيران 2023 بإعادة فحص وضعيتها لقانونية وصفة اللاجئ التي يتمتّع بها.

لايف ستايل
التحديثات الحية

وفق تقرير صادر عن  DataReportal، فإن 7.67 مليون شخص يستخدمون الإنترنت في أفغانستان. وهو رقم مرتفع مقارنة بالسنوات السابقة، لكنه يبدو مفهوماً إذ إن تلثَي سكان البلاد، لاي تجاوز عمرهم 25 عاماً، وعلى الرغم من الفقر الشديد، فإنّ انتشار الإنترنت يزداد بسرعة.
يمتلك أربعة مزودين رئيسيين للاتصالات 20.7 مليون مشترك في الهواتف المحمولة، وفقاً لهيئة تنظيم الاتصالات الأفغانية.

المساهمون