توقّف بثّ إذاعة بي بي سي العربية عبر الأثير بشكل نهائي، اليوم الجمعة، وتحديداً عند الساعة الواحدة بتوقيت غرينتش، وذلك ضمن خطة شاملة لخفض تكاليف هيئة الإذاعة البريطانية وتعزيز محتواها على المنصات الرقمية.
ومنذ أن افتتح المذيع المصري أحمد كمال سرور بثّها في عام 1938 تحوّلت "بي بي سي" إلى إحدى أهم الإذاعات في العالم العربي، وطوال أكثر من 8 عقود جذبت الناس من أنحاء مختلفة إلى برامجها ونشراتها الإخبارية.
وكانت "بي بي سي" قد أعلنت، في سبتمبر/ أيلول الماضي، عن نيّتها خفض التكاليف، وأشارت إلى حاجتها لتوفير نحو 31 مليون دولار أميركي، كجزء من تخفيضات أوسع بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني.
ورفعت الهيئة شعار "الزمن يتغير ولكن لا يتوقف"، معلنةً عن تسريع وتيرة تحول خدماتها صوب المحتوى الرقمي، معتبرةً أنّ قرار الإغلاق "يتماشى مع التغيرات التي طرأت على احتياجات الجمهور حول العالم، وتحول المزيد من الناس صوب المنصات الإخبارية الرقمية".
ولم يكن الإغلاق حكراً على الإذاعة العربية، بل طاول إذاعات "بي بي سي" الناطقة بالفارسية والقرغيزية والهندية والبنغالية والصينية والإندونيسية والتاميلية والأردية.
ومن المتوقع أن يخسر قرابة 400 شخص وظائفهم، من بينهم 71 شخصاً في القسم العربي.
وعلى الرغم من توقف البث، ستستمر إذاعة بعض البرامج المختارة عبر موقع بي بي سي عربي، إضافةً إلى نشرتين إذاعيتين يومياً؛ إخبارية ورياضية.
وكانت الإذاعة العربية أوّل خدمة إعلامية تطلقها "بي بي سي" بلغة غير الإنكليزية، وكانت تعرف منذ نشأتها بـ"القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية"، ثمّ صارت افتتاحيتها في التسعينيات: "هنا لندن: بي بي سي" مسبوقة بدقّات ساعة بيغ بين الشهيرة.
وجاء قرار إطلاق خدمة البث باللغة العربية كردّ مباشر على إذاعة "باري" الإيطالية الفاشية التي كانت تبثّ للمستمعين في البلدان الناطقة بالعربية محتوى يهاجم السياسة البريطانية في فلسطين على وجه التحديد.
وعبّر الكثير من المستخدمين العرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن خيبة أملهم عند صدور القرار في سبتمبر الماضي، خاصةً أنّ الإذاعة مثّلت بالنسبة لأجيالٍ من الناس مصدراً أساسياً للأخبار طوال 84 عاماً.
وقالت مديرة خدمات بي بي سي الإخبارية العالمية ليليان لاندور، في حديث مع الموقع العربي للهيئة، إنّ الإذاعة شكّلت "أحد الفصول البارزة في تاريخ بي بي سي عربي، وفي تاريخ الخدمة العالمية كلها في حقيقة الأمر. وعلى مدى عقود، اعتمد المستمعون في جميع أنحاء العالم العربي عليها من أجل صحافة عادلة وحيادية ومستقلة"، مضيفةً: "أنا ممتنة لكل من لعب دوراً في إرثها".