أوقفت السلطات الجزائرية، أمس الخميس، الصحافي بلقاسم حوام، على خلفية نشر مقال حول قرار توقيف تصدير التمور الجزائرية إلى الخارج، بسبب مشكلات في المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة.
ويقضي الصحافي بلقاسم حوام يومه الثاني في السجن، بعد توقيفه للتحقيق معه إثر مقالٍ نُشر، الأربعاء الماضي، في صحيفة الشروق اليومي، تحدّث فيه عن قرار بتوقيف تصدير التمور الجزائرية إلى الخارج، بعد أن أرجعت فرنسا شحنة من تمور دقلة نور، عقب تحليلها وتبيان احتوائها على مواد كيميائية تتنافى مع المعايير المطبقة في الأسواق الفرنسية والأوروبية.
واستند المقال إلى مصادر ومعلومات وتصريحات من قبل ممثل عن جمعية مصدري التمور الذين أكّدوا للصحافي صحة الوقائع المذكورة.
وأجبرت السلطات الصحيفة على سحب عدد الأربعاء من الموقع الإلكتروني، ومنع طبع وتوزيع عدد أمس الخميس في الأكشاك.
وعبّر الصحافيون عن تضامنهم مع حوام، وندّدوا بسلوك السلطات.
وأعلن مجمّع الشروق للإعلام الذي يضمّ الصحيفة وعدّة قنوات تلفزيونية، في بيان، عن "صدمة كبيرة" إزاء "قرار إيداع الصحافي بلقاسم حوام الحبس المؤقت، إثر استدعائه الخميس من قبل الشرطة القضائية، ثم قاضي التحقيق في محكمة حسين داي، وسط العاصمة الجزائرية، على خلفية محتوى المقال".
وعبّرت "الشروق" عن "ثقتها الكاملة في العدالة الجزائرية"، وأعلنت "تكليف هيئة محامين للمرافعة عن الزميل وإخراجه في أقرب وقت ممكن من الحبس".
ورأت أنّ الصحافي "لم يقم سوى بتحرير مقال في سياق واضح جداً، وهو تنوير السلطات العمومية بمشكلة ميدانية، على لسان المتعاملين أنفسهم، ودفاعاً عن سمعة المنتوج الوطني وحماية الصادرات الجزائرية، وتأهيلها لخوض غمار المنافسة في الأسواق الدولية، بعيداً عن أيّ تأويلات تعسّفية لا صلة لها بمقاصد واتجاه الموضوع".
وأصدر المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين بياناً، الجمعة، قال فيه إنه "فوجئ بتوقيف بلقاسم حوام"، وأعرب عن تضامنه معه، مشيراً إلى أن "هناك عقوبات أخرى يمكن أن تسلط على الزميل في حال ثبوت ارتكابه خطأً مهنياً، لا سيما أنه لم يرتكب أي جريمة، ومساره المهني أكثر من مشرف".
وأكد المجلس معارضته سجن أي صحافي بسبب كتابته، انطلاقاً من النصوص القانونية الناظمة لقطاع الإعلام وعلى رأسها قانون الإعلام، ودعا إلى "الإفراج الفوري عن حوام، مع ترك القضية تأخذ مجراها وفق الطرق التي يكفلها القانون".
كما دعا المجلس وزير التجارة وترقية الصادرات كمال رزيق إلى "استخدام حق الرد في الصحيفة وتنوير الرأي العام حول القضية محل المتابعة، وحل أي مشكلة مع الإعلام بالحوار بعيداً عن المتابعات القضائية".
وكانت وزارة التجارة الجزائرية وترقية الصادرات قد ردّت على المقال المنشور، ونفت أن تكون الجزائر قد أوقفت تصدير التمور الجزائرية إلى الخارج، واعتبرت أن "هذه الأخبار تؤدي إلى المساس بالاقتصاد الوطني والثروة التي تزخر بها بلادنا، خاصة أن جودة التمور الجزائرية مطلوبة على كل المستويات الدولية".
في السياق، كانت سلطة ضبط السمعي البصري قد أبدت انزعاجها من تداول المحطات التلفزيونية الخبر. وحذّرت الهيئة، في بيان مساء الأربعاء الماضي، وسائل الإعلام من "تناول أخبار غير مؤكدة قد تلحق ضرراً بسمعة المنتج الجزائري وتمس بالاقتصاد الوطني، من دون التأكد من مصادر المعلومة والتحري في معالجتها".
وهدّدت السلطة بأنّها "ستتخذ في حالة استمرار المعالجة غير المهنية، خاصة لمثل هذه المواضيع التي لها علاقة مباشرة بالمصلحة العامة، الإجراءات القانونية اللازمة''.