تنقيح المرسوم 116 المنظم للإعلام مثار جدل تونسي

14 أكتوبر 2020
كتلة "ائتلاف الكرامة" تقدمت بالمشروع (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

يناقش البرلمان التونسي اليوم، 14 تشرين الأول/ أكتوبر، مشروع تنقيح المرسوم 116 المنظّم لقطاع الإعلام في تونس والذي تقدمت به كتلة "ائتلاف الكرامة" في البرلمان. مشروع القانون ينصّ على ضرورة إلغاء الإجازة القانونية التي تمنحها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، للسماح بإطلاق قنوات تلفزيونية ومحطات إذاعية. كما ينص على ضرورة تغيير تركيبة هيئة "الهايكا" ومنح البرلمان صلاحيات أكثر في اختيار أعضاء هذه الهيئة. 

أعلنت كتلة حزب "قلب تونس"، على لسان رئيس كتلتها بالبرلمان أسامة الخليفي، مساندتها له، علماً أن حزب "قلب تونس" يترأسه نبيل القروي، وهو أحد مالكي قناة "نسمة تي في". كما لم تعلن كتلة حزب "حركة النهضة" رفضها أو دعمها لهذه التنقيحات، في حين أن التسريبات تؤكد أن كتلة الحزب ستدعمها، خصوصاً أن هذه الأطراف السياسية الثلاثة تشكل تحالفاً برلمانياً مسانداً للحكومة التونسية الحالية.

في مقابل ذلك، أعلنت منظمات حقوقية وهيئات مستقلة، منها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، والنقابة العامة للإعلام والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، عن رفضها لهذه التنقيحات التي ترى فيها "محاولة للسيطرة على الإعلام ومنح مشروعية الوجود لقنوات تلفزيونية غير قانونية"، وهي تقصد قنوات "نسمة تي في" و"الزيتونة" و"حنبعل تي في" ومحطة إذاعية هي إذاعة "القرآن الكريم". كما ترى، وفقاً لما يقول رئيس "الهايكا" النوري اللجمي، لـ"العربي الجديد"، "محاولةً للسيطرة على الإعلام من خلال نصوص قانونية تخدم مصالح أطراف سياسية معينة وتمنحها اليد الطولى في الإعلام التونسي، وهو ما يهدد حرية الإعلام التي تعتبر واحدةً من أكبر مكاسب الثورة التونسية، وتدخل الإعلام في مربع المحاصصة الحزبية التي تفقده استقلاليته".

من جانبها، تعبّر عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين فوزية الغيلوفي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، عن "معارضة النقابة لهذه المبادرة المقدمة من قبل ائتلاف الكرامة، لتعارض هذا التنقيح المقترح مع المعايير الدولية لحرية التعبير والصحافة". وتدعو كل البرلمانيين التونسيين إلى "عدم التصويت على هذه المبادرة"، مطالبةً بسحبها وتمرير مشروع القانون الأساسي لحرية الاتصال السمعي البصري الذي تشاركت في إعداده الهياكل المهنية والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري ورئاسة الحكومة التونسية ورئاسة الجمهورية". وتضيف الغليوفي "ندعو إلى إصلاحات جوهرية من شأنها تحسين المشهد الإعلامي التونسي وخدمة الديمقراطية الناشئة، وليس تقديم مبادرات تشريعية هي بمثابة حلول ترقيعية خدمة لأجندات سياسية، وهو ما قد يؤدي إلى السقوط في فخ التشريع على المقاس والتعامل مع القوانين بمنطق المصلحة الآنية دون التفكير فى العواقب المستقبلية لمثل هذه القوانين".

ويؤكّد مصدر من نقابة الصحافيين التونسيين لـ"العربي الجديد"، أنّ "إمكانية تمرير مشروع القانون في البرلمان التونسي تبقى واردة جداً، لكن مع ذلك لن يتمّ تفعيل هذه المبادرة، لأن رئيس الجمهورية قيس سعيد تعهّد لنقيب الصحافيين التونسيين السابق ناجي البغوري عند استقباله يوم 18 أيلول/ سبتمبر الماضي، بأنه لن يوقع على أي قانون من شأنه الحدّ من حرية التعبير والصحافة، وهو ما يعتبر الضمانة الكبرى بعدم تمرير هذا القانون حتى وإن صادق عليه مجلس نواب الشعب".

يُذكر أن ائتلاف الكرامة قدم مبادرة تشريعية لتنقيح المرسوم 116، كما قدمت حكومة الياس الفخفاخ السابقة مشروع قانون للسمعي البصري يحظى بموافقة النقابات المهنية والمنظمات الحقوقية، لكنّ مكتب رئاسة البرلمان التونسي اختار مناقشة مبادرة "ائتلاف الكرامة" أولاً على أن يتمّ عرض مشروع القانون السمعي البصري على النقاش في مرحلة مقبلة، وهو ما رأى فيه البعض مؤشراً إلى مساندة مكتب رئاسة البرلمان لمبادرة "ائتلاف الكرامة". في حين يبرر مكتب رئاسة البرلمان ما حصل بأنّ "مشروع ائتلاف الكرامة تمّ تقديمه له قبل مشروع حكومة الياس الفخفاخ وهو ما يمنحه الأولوية في النقاش العام".

المساهمون