تغطية أوشام المساجين... خطوة لاحتواء العنف في السجون الفيليبينية

04 يناير 2021
سجناء ينتظرون أدوارهم لإزالة الأوشام (فرانس برس)
+ الخط -

وسط أنين حاد، يغطّى الوشم الذي ينمّ عن انتماء السجين إلى عصابة في الفيليبين برسم صليب كبير عليه، في خطوة اعتمدتها السلطات في مسعى للحدّ من العنف في السجون.

وتحتدم النزاعات بين العصابات المتناحرة في سجون الأرخبيل المكتظّة. ويعدّ الانتماء إلى عصابة ضرورياً كي يحصل المساجين على الغذاء أو الدواء أو الحماية، ويتجلّى هذا الانتماء بوشم خاص يحمله السجين.

وفي السنوات الأخيرة، تفاقم تدهور الظروف في السجون نتيجة "الحرب على المخدّرات" التي شنّها الرئيس رودريغو دوتيرتي والتي تسبّبت بازدياد عدد النزلاء ازدياداً شديداً.

وتهدف السلطات من خلال تغطية الأوشام التي تدقّها المجموعات الإجرامية إلى فكّ الروابط بين أفرادها وتجنيبهم الانجرار في حرب عصابات. وتكمن الفكرة في تعقيد عمل الزعماء الساعين إلى حشد صفوف العصابة.

ويقول الناطق باسم إدارة السجون غابرييل شاكلاغ إن "المساجين ينضمّون إلى العصابات لضمان أمنهم"، مشيراً إلى أن الحملة التي أطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول، للتخلّص من علامات الانتماء إلى العصابات تجرى على أساس طوعي. ويوضح أن "الالتحاق بالجماعات يجلب سيئات أيضاً، إذ يصبح الفرد هدفاً للعصابات الأخرى".

"اتفاق سلام"

ينتمي السواد الأعظم من المساجين إلى عصابة في سجن نيو بيليبيد في مانيلا، وهو الأكبر في البلد إذ تبلغ طاقته الاستيعابية نحو ستة آلاف شخص، لكن يقبع فيه أكثر من 28 ألفاً.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

يجلس سجناء على كراس بلاستيكية عراة الصدر، تغطي الكمّامات وجوههم، بانتظار أن يقوم زملاؤهم الذين باتوا يتقنون دقّ الأوشام برسم صليب كبير أسود يغطّى العلامة التي تشي بانتمائهم إلى عصابة.

ويشرح مارك المحكوم عليه في جريمة قتل أن "الانتماء إلى عصابة يقتضي مساعدة الأعضاء الآخرين إذا تورطوا في شجار"، لكنه يضيف "لن يعود الحال كذلك بالنسبة لي".

وانضمّ مارك عند دخوله السجن قبل سنة إلى عصابة "باتانغ مينداناو" (أبناء مينداناو). وبعد تغطية الوشم على ظهره بصليب كبير وتحوّله إلى "كيرنا"، أي سجين غير منتم إلى عصابة، يعلّق قائلاً "الأخوّة هي التي باتت تجمعنا من الآن فصاعداً".

عالم نفس: تغطية الأوشام لا تكفي لاستئصال العنف من السجون، إذ إن العصابات فرضت نفسها بديلاً من السلطات الغائبة

ويكشف سجين آخر أنه مقتنع بأن حياته ستكون "أفضل بكثير" خارج العصابة. ولا يخفى على السلطات أن هذا البرنامج لن يطوي صفحة العنف بين ليلة وضحاها. وقد بُذلت جهود في الماضي لاحتواء النزاعات بين العصابات، مثل إبرام "اتفاق سلام"، لكنها لم تأت سوى بنتائج محدودة.

وقد قتل 13 شخصاً على الأقلّ وأصيب عشرات آخرون في اشتباكات وقعت في الآونة الأخيرة بين جماعات متناحرة في بيليبيد.

غياب الدولة

ويقول شاكلاغ "لا يمكننا القضاء على العنف بين ليلة وضحاها ولا التخلّص من العصابات، لذا نحن نتّخذ خطوات تدريجية".

يدرك ليكس ليديسما، وهو عالم نفس وضع كتاباً عن العصابات في بيليبيد، أن تغطية الأوشام لا تكفي لاستئصال العنف من السجون، إذ إن العصابات فرضت نفسها بديلاً من السلطات الغائبة بدرجة كبيرة عن هذه المؤسسات.

كذلك تشكّل هذه الجماعات روابط اجتماعية لسجناء منقطعين عن العالم الخارجي. ويلاحظ عالم النفس الذي ينشط منذ عشر سنوات في سجن بيليبيد "العصابة هي بمثابة عائلة تعتني بالمساجين الذين تناساهم الأقرباء".

وينتقد غياب الدولة قائلاً "المشكلة الكبرى هي أن لا نيّة للسلطات بالسماح بإعادة دمج المساجين، وهي مشكلة كانت قائمة أصلاً قبل دوتيرتيه". ويرى أن "الشخص الذي يزجّ في السجن لا يعود إنسانا بصفة كاملة بل نصف إنسان".

(فرانس برس)

المساهمون