أدّى القتل المروّع لخياط هندوسي إلى تأجيج التوترات الدينية في الهند وأثار ردود فعل غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي، تضمّنت دعوات لهجمات انتقامية ضد الأقلية المسلمة في البلاد، بحسب ما أفادت به وكالة فرانس برس.
وكان قد تمّ القبض على رجلين مسلمين على خلفية الهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي، والذي ارتكب على ما يبدو انتقاماً من التعليقات التحريضية حول النبي محمد التي أدلت بها متحدثة باسم الحزب الحاكم في الهند قبل أسابيع.
وبحسب "فرانس برس"، انتشرت على الإنترنت لقطات للحظة قتل الخياط كانهايا لال ومحاولة قطع رأسه، كما يظهر فيها القتلة وهم يلوّحون بسكاكين كبيرة ويهدّدون بقتل رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
تملك الهند تاريخاً طويلاً من العنف الطائفي، وكانت السلطات قد قطعت الاتصال بالإنترنت وفرضت حظر تجول في المدينة التي وقع فيها الهجوم لمنع الاضطرابات.
لكنّ ردود الفعل الغاضبة على القتل ملأت منصات التواصل الاجتماعي، وطالب بعض المستخدمين بالانتقام العنيف من القتلة المتّهمين وغيرهم من المسلمين.
دعا أعضاء مجموعات "تيليغرام" مكرّسة للترويج للهندوسية والدفاع عنها بعضهم البعض إلى أخذ أسلحتهم ومهاجمة المسلمين، فيما ناقش بعضهم حسنات اقتحام مركز الشرطة حيث يحتجز الرجلان المتّهمان بارتكاب الجريمة.
استخدمت الجماعة الهندوسية اليمينية المتطرفة فيشوا هندو باريشاد وسائل التواصل الاجتماعي لإصدار دعوة للاحتجاج على مستوى البلاد ضدّ "الإرهاب الإسلامي"، كما للاعتراض على أنّ المسلمين قد أزعجوا بشكل دوري المشاعر الدينيّة للأغلبية في الهند.
وقالت إحدى أكبر الشخصيات في الجماعة سوريندرا كومار جاين، في مقطع فيديو نُشر على الإنترنت: "يجب أن تخافوا من اليوم الذي سيبدأ فيه الهندوس أيضاً بالردّ على الإهانة"، وشوهد الفيديو ما يقرب من 75 ألف مرة عبر "تويتر" و"فيسبوك".
على الرغم من أنّ العديد من الأصوات البارزة قالت إنّ القتل يثبّت الاتهامات ضدّ المسلمين، إلّا أنّ العديد من الأصوات المرتفعة التي تدين الهجوم جاءت من الجماعات الدينية الإسلامية.
وكتبت الجماعة الإسلامية في الهند: "لا مجال لتبرير العنف في الإسلام"، والجماعة هي واحدة من ستّ مجموعات إسلامية بارزة في الهند أدانت الجريمة ودعت للتهدئة.
وأضافت الجماعة: "لا ينبغي تهديد السلام. لا ينبغي لأحد أن يحاول استغلال هذه الجريمة البشعة".
بعد يوم واحد من مقتله، ورد اسم لال أكثر من 200 ألف مرة على "تويتر"، إلى جانب مجموعة من الوسوم التي تدين الهجوم.
واستعمل وسم "حياة الهندوس مهمة" أكثر من ألفي مرة في الساعة يوم الخميس.
وجاء استهداف لال بعد منشور له على "فيسبوك" يعرب فيه عن دعمه للمتحدثة باسم حزب بهاراتيا جاناتا، نوبور شارما، والتي أدلت الشهر الماضي بتصريحات تحريضية حول النبي محمد في مناظرة تلفزيونية.
أدّت تعليقاتها إلى احتجاجات عنيفة في الهند وسبّبت أزمةً دبلوماسيةً للحكومة، بعدما استدعت قرابة 20 دولة سفراء الهند للاعتراض والمطالبة بتفسير للتصريحات.
اضطرّ ذلك الحزب للتحرك، فقام بتعليق عضوية شارما، وأصدر بياناً أصرّ فيه على أنّه يحترم جميع الأديان.
ومنذ توليه السلطة في العام 2014، اتهمت جماعات حقوقية وحكومات أجنبية حزب رئيس الوزراء مودي بمناصرة سياسات تمييزية تجاه الأقلية المسلمة في الهند، والتي يبلغ تعدادها 200 مليون نسمة.
وقالت منظمة العفو الدولية هذا الشهر إنّ السلطات شنّت حملة قمع "شرسة" ضدّ المسلمين الذين نزلوا إلى الشوارع للاحتجاج على تصريحات شارما، بما في ذلك هدم منازلهم بالجرافات.
منذ الهجوم على لال، انتقد أعضاء في الحزب على وسائل التواصل الاجتماعي الدول الإسلامية التي اشتكت من تعليقات شارما، من دون أن تعترض على جريمة قتل لال.
كما استهدف الكثيرون الصحافي الهندي محمد زبير، الذي لعب دوراً مهمّاً في لفت الانتباه إلى تصريحات شارما، والتي أدّت في النهاية إلى تعليق عضويتها في حزب بهاراتيا جاناتا.
في تغريدةٍ للسياسي في الحزب كابيل ميشرا، اتهم زبير وأنصاره بأنّهم "مسؤولون" عن وفاة الخياط.
كانت الشرطة قد ألقت القبض على زبير، والذي لفت الانتباه بشكل متكرّر إلى خطاب الكراهية من قبل الجماعات المتطرفة الهندوسية، يوم الإثنين الماضي.
وهو لا يزال رهن الاحتجاز حتّى اليوم، وتحتج الشرطة بأنّه موقوف بسبب اعتراض مجموعات هندوسية على تغريدة له عمرها أربع سنوات يتحدّث فيها عن إله هندوسي.
وكانت الشرطة قد فتحت تحقيقاً في قضية نوبور شارما خلال الشهر الحالي بعد الشكاوى حول تصريحاتها، لكنّ من دون القبض عليها ومكانها الحالي غير معروف.